مصر دولة صانعة سلام وتسعى دائما له.. وتضع أمنها القومى فوق كل اعتبار
موقف مصر بشأن القضية الفلسطينية واضح وصريح وقاطع ولا رجعة فيه وكلمتها لا تقبل المساومة، تقولها فى أى مكان وأمام أى شخص، والرسالة واحدة فى السرّ والعلن، وفى كل مرة تشدِّد مصر على الثوابت نفسها، لابد من الحل السياسى بالرجوع إلى قرارات الشرعية الدولية بحل الدولتين والعودة إلى ما قبل الرابع من يونيه 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفيما يخص الفصل الأخير من الأزمة، برزت مصر لتكون أول من وضع الخطوط الحمراء، وقالت لا لتهجير سكان قطاع غزة من أراضيهم ولا تفريط فى حق عودتهم إلى ديارهم، وتقدمت مصر الصف العربى كعادتها بصفتها الكبيرة وقدمت خطتين لإعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير سكانها منها.
مصر دولة صانعة سلام وتسعى دائما له، لكنها فى نفس الوقت تفعل ذلك وهى مرفوعة الرأس، عظيمة الشرف، تتحدث من موقع قوة دون تنازل أو خضوع ، وتحذر دوما من أن السلام دائما له تكلفة على جميع الأطراف تحملها للفوز به، وقبل كل شيء مصر تضع أمنها القومى فوق كل اعتبار وفى سياقه تتحرك، وفى سياقه أيضا تحركت فى أزمة غزة الأخيرة، وبدا واضحا للعالم أجمع، المشككين قبل المؤيدين، أنه من المستحيل أن تتراجع مصر عن موقفها، وبدا واضحا أيضا أن أبواق الخيانة التى كانت تشكك دائما فى موقف مصر قد أصابها الخرس ولحقها الخزى والعار، فهاهم الغزيون يرفعون صورة الرئيس عبد الفتاح السيسى ويقولون لولا هذا الرجل لحدثت نكبة ثانية، لولا مصر لماتت القضية.
رغم ما يطل به الرئيس الأمريكى دونالد ترامب كل ليلة من تصريحات وتحذيرات وتهديدات وخطط وأفكار معظمها غير قابل للتطبيق ويتوعد من يعارضه، إلا أن مصر الكبيرة لم يهتز لها جفن، لم تهاددن أو تساوم أو تتراجع، بل على العكس بدأت تحركات سياسية دقيقة وحساسة واجتماعات فى السر والعلن لتجميع الصفوف وتوحيد المواقف العربية ليكون الرد على الرئيس الأمريكى لا يتجاوز كلمة واحدة من حرفين فقط وهى « لا» فتنسق لقمة عربية طارئة بالقاهرةأواخر فبراير الجاري، وتكثف الاتصالات مع القادة العرب وتجهز نفسها لكل السيناريوهات بما فيها التصعيدية، ففى أكثر من بيان أوضحت الخارجية المصرية موقفها ولعل بيانها الأخير الذى قالت فيه بلا لبس أن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلى تُهدد بنسف أُسس السلام، واتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل بعد أكثر من أربعة عقود على سريانها كان واضحا.
لم تكتف مصر برفض طلب الرئيس ترامب بشأن استقبال سكان قطاع غزة وإنما قالت لن نستقبل ولن نشارك فى ظلم ولن نسمح بالتهجير وسنسعى لنصرة القضية وسنعمر غزة وأهلها فيها.
والله إننى فخور ببلدى وموقفه وفخور برئيس مصر القائد الشريف وأدعو أن يؤيده الله بنصره، ولا أكتب هذا على سبيل النفاق وإن قرأ أحدا واتهمنى بأننى أنافق السلطة فى مصر فى هذا الموقف، فوالله إنه لشرف، أين الخونة الذين كانوا يقولون باع القضية فى صفقة القرن الأولى وقبض ثمن بيع سيناء؟، أين الحمقى الذين كانوا يصدقون شائعاتهم حول التنازل عن الأرض؟ أين الزوائد الدودية لتنظيم الإخوان الإرهابى الذين كالوا كل الاتهامات للدولة المصرية ورئيسها فى ملف القضية الفلسطينية؟ أين البوم الذى كان ينعق فى الفضاء الإلكترونى يلوم على مصر أنها تسلح جيشها بأحدث الأسلحة وتشترى طائرات رفال وفرقاطات وغواصات وحاملات طائرات وتبنى قواعد عسكرية، وتحفر أنفاقا تحت قناة السويس وتربط سيناء بالوادي، ؟،هل عرف هؤلاء الخونة الآن أن جيش مصر هو كلمة السر وأن كلمة مصر القوية لابد لها من جيش قوى يحميها؟، ألم يأتهم نبأ الحديث داخل الصحف الإسرائيلية خلال العامين الماضيين عن قوة وصلابة الجيش المصري؟
المشهد الحالى صعب من دون شكٍّ، وله تبعات مُحتمَلة، قد تكون بأهظة لكن مصر لن تتراجع، ولن تدّخر جهدًا لحماية أمنها القومى أولا: ثمّ الذود عن فلسطين وقضيتها العادلة، ورئيس مصر وراؤه شعب واع بالمخطط يصطف خلف الدولة وقيادتها.