بينما صدر البيان المصرى القطرى الأمريكى مساء الجمعة الماضية معلنًا أن الوقت قد حان لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة والإفراج عن الأسرى والمحتجزين ودعا البيان الجانبين إلى بدء مفاوضات التنفيذ يوم 14 أو 15 أغسطس بناء على مقترح الرئيس بايدن الذى كان قد أعلنه فى مايو الماضى كأطار لوقف الحرب.
وفور صدور البيان رحب رئيس الوزراء الإسرائيلى به وأعلن إرسال المفاوضين للمشاركة فى المحادثات إلا أنه أكد على جديته فى الوصول إلى وقف لا طلاق النإر بعدة أمور بدأت باغتيال سامر الحاج القائد الفلسطينى فى مخيم عين الحلوة بصيدا بلبنان. وفى اليوم التالى السبت 10/ 8 قام الجيش الإسرائيلى بقتل أكثر من مائة مدنى أغلبهم من النساء والأطفال فضلا عن عشرات الجرحى أثناء أدائهم صلاة الفجر وذلك بإطلاق ثلاثة صواريخ على مدرسة «التابعين» فى غزة التى تؤوى هؤلاء النازحين المدنيين لتتجاوز مؤسسات التعليم التى دمرها 114 مدرسة وجامعة بالكامل، وتسبب فى تدمير 326 مدرسة وجامعة بصورة جزئية منها 80 مدرسة كانت تؤوى نازحين.
وقد اختار الإرهابيون وقت الصلاة ليضمنوا قتل أكبر عدد منهم ولم ينس الاحتلال أن يعلن أنه أستخدم أسلحة ذكية تتجنب قتل المدنيين.
هذا السلوك العبثي– إن صح هذا التعبير– اختصره والد أحد الأسرى الاسرائيليين بقوله: «كلما اقتربنا من اتمام صفقة يفشلها نتنياهو من خلال عملية لإرضاء سموتريش وبن غفير المتعطشين للدماء» فالرجل يريد أن يؤكد على تصميم نتنياهو على الاستمرار فى الحرب مهما حدث فإذا بدت بارقة أمل لوقف الحرب سعى إلى إشعالها من جديد وإفشال كل محاولة لوقف هذه الحرب حتى يحقق مخططه وهو إبادة الفلسطينيين.
فإذا عرفنا أنه منذ بداية شهر أغسطس وحتى اليوم العاشر منه استهدفت آلة الإبادة الإسرائيلية 13 مركزًا لإيواء النازحين فضلا عن المنازل التى يتم تدميرها بمن فيها بالإضافة إلى استخدام سلاح التجويع والتعطيش وملاحقة العاملين بمنظمات الإغاثة «الأنروا» وهو أمر لا يخفيه نتنياهو والإسرائيليون– ندرك أن الإبادة للشعب الفلسطينى قائمة على قدم وساق فقد قال وزير المالية الاسرائيلى بتسلئيل سموتريش: «قد يكون من العدل والأخلاق تجويع مليونى مواطن فى غزة حتى تتم إعادة الراهائن الاسرائيليين» ولم يحاسبه أحد على إقراره بسلوك يجرمه القانون الدولى الذى يحظر تجويع المدنيين حسب «المادة 54»1» من البروتوكول الإضافى الأول من القانون الدولى الإنساني.
إن ما قاله والد الأسير الاسرائيلى لم يأت من فراغ وإنما من تجربة بدأت منذ أكثر من عشر شهور، فلا يتوقف نتنياهو وغيره وكذلك أمريكا عن الحديث عن قرب الاتفاق النهائى على صفقة تبادل وانتهاء الحرب لكن شيئًا لا يحدث ولا احد ممن يسمونهم المجتمع الدولى يتحرك فى عنصرية بغيضة بدت واضحة فى رد فعل الغرب الذى يسمى نفسه المجتمع الدولى تجاه الاكرانيين والفلسطينيين فقد احتشد الغرب لإنقاذ اوكرانيا وبكى وزير الخارجية الأمريكى من هول الفظائع التى ارتكبتها روسيا فى حق الاكرانيين لكنه ظل حتى الآن يتحدث على حرص اسرائيل على تجنب قتل المدنيين.
وبالتالى يصبح السؤال : من قتل أكثر من 40 ألف مدنى فلسطينى 70 ٪ منهم نساء وأطفال ومن جرح 93 ألف مدنى فلسطينى 70 ٪ منهم نساء وأطفال أيضا ومن تسببت اعتداءاته المتكررة على المؤسسات الصحية إلى خروج 32 مستشفى و64 مركزًا صحيا من الخدمة كليا، كما تعرض 161 مؤسسة صحية أخرى للاستهداف.ومن اعتدى على دور العبادة فدمر 609 مساجد بالكامل و211 بشكل جزئي، ودمر 3 كنائس.