أعتقد أنه لم يكن يقصد بفعلته هذه أن يلفت الأنظار إليه عالمياً.. وأن يكون أكبر وأهم «تريند».. ومحط الأنظار دولياً.. ما فعله بعفويته المعتادة.. لم تستطع أكبر شركات الدعاية فعله فى الترويج لأى مقصد سياحى بكل إمكانياتها الفنية والمادية.. ما فعله هذا الكائن الفطرى فاق كل التصورات والتقديرات.. لأنه دون مقابل.
إنه «أبولو» ذلك الكلب الذى رصده مغامر أمريكى خلال قيامه بالطيران بطائرته الشراعية فوق منطقة الأهرامات.. وهو يعتلى قمة الهرم الأكبر.. فقام بتصويره بالفيديو وبثه عبر وسائل التواصل الاجتماعى ليصير حديث العالم.. ويعيد إلى الأذهان الأسطورة الفرعونية «أنوبيس».. إله الموت والتحنيط والحياة الآخرة والذى عادة ما يتم تصويره على شكل كلب أو رجل برأس حيوان ابن آوى الشبيه بالكلب وليعيد إلى الأذهان مكانة الكلاب لدى الفراعنة وكيف كانت محبوبة ومقدسة حيث كان يستخدم فى صيد الظباء والأرانب وغيرها من الفرائس.
الحادث رغم مرور أكثر من أسبوعين عليه إلا أن أصداءه مازالت تسيطر على الأجواء وتنصب فى الحديث عن مصر والأهرامات والكلاب وأن المدونين راحوا يدلون بآرائهم حول الحدث.. وهل كانت هذه أول محاولات الكلب الذى أطلقوا عليه ألقاباً منها «أبولو» و«أنوبيس» و«أوو».. أم كانت اعتيادية اعتاد عليها هذا الكلب بدليل وصل الأمر إلى الاحترافية.. حيث إن مثل هذا التسلق ليس بالسهل لتعلقه بطبيعة وحجم الحجارة وارتفاعها وأيضاً لتعلقه بالجاذبية الأرضية والعوامل الجوية.. والدليل أنه ينبح ناظراً من علو شاهق إلى أسفل حيث الكلاب السائرة على الأرض حول الهرم.. الغريب أن الحدث كان له تأثير كبير أيضاً على عالمة المصريات الأسبانية آسونسون التى اعتبرت أن الكلاب البلدى المصرية تنتمى لإحدى أقدم السلالات فى العالم وهى السلالة التى قدسها الفراعنة وارتبطت بالآلة «أنوبيس» وبناء على ذلك قررت تأسيس أول ملجأ للكلاب البلدى فى مدينة الأقصر معتبرة الكلاب البلدى تتمتع بصفات عديدة أهمها مناعتها القوية ولياقتها البدنية العالية، فضلاً عن أنها لا تحتاج إلى عناية خاصة لأنها تعتمد على نفسها فى الحصول على طعامها وكذلك لديها قدرة غريبة على التكيف مع البيئة، وقالت العالمة إنها ستوفر الطعام والعلاج والرعاية الكاملة من خلال متخصصين بيطريين وأنها تسعى لتعميم فكرتها للملاجئ فى أماكن أخرى داعية قبول أفراد المجتمع لذلك وتبنيها.
لقد نجح أبولو أو أنوبيس فى تسليط الضوء عن تاريخ الفراعنة وكيف كانوا يهتمون بالحيوانات بشكل عام وكانوا يقدسون بعضها مثل القطط.. وكان الفراعين والأمراء يحرصون على اقتناء الكلاب كرفقاء مخلصين وكانت من نوع «السلوقي» الممشوق القوام وكانوا يطلقون على الكلاب أسماء مثل «نب» و«بختي» و«بختيس»، كما كانوا وفق عالم المصريات «جى راشيه» فى موسوعته للحضارة الفرعونية يدفنون الكلاب مع أصحابها فى المقابر بعد تحنيطها ويرسمونها على بعض جدران المعابد والمقابر ضمن التصوير عن الحياة اليومية للمصرى القديم.
الأغرب أن الكثير من السائحين باتوا يتوافدون على الأهرامات عن قصد لمشاهدة أحجار الهرم مختلفة الأحجام والارتفاعات وربط ذلك بكيفية تمكن كلب الهرم ـ هكذا أطلق عليه البعض أيضاً ـ من تسلق تلك الحجارة دون خوف أو رهبة من الارتفاع الشاهق للهرم البالغ ارتفاعه 140 متراً تقريباً وهل اعتاد هذا الكلب صعود ذلك مراراً.. معتقدين أنه ربما اعتاد ذلك لأن يعرف كيف ينتقى الأحجار المتناسقة مع قدرته على القفز دون أن تنزلق أقدامه وبالتالى تزهق روحه، ومتسائلين أيضاً هل هناك كلاب أخرى فعلت تلك الفعلة الجريئة خاصة أنه لا جدوى من التسلق لعدم وجود ما قد يبحث عنه من طعام أو غيره.
الغريب أيضاً فى التعليقات على تسلق أبولو الهرم.. أن البعض بالغ فى الوصف وقال إنه كان يتصرف مثل الملك.. وفق وكالة الصحافة الفرنسية، والأغرب أن البعض من السائحين راح بجوار الكلاب ليلتقط صورة معه معتبراً أى كلب هو «أبولو» وبلغ الاهتمام بهذه الكلاب الشاردة درجة كبيرة حتى إن بعض المرشدين السياحيين باتوا يتحدثون عنها للسياح فى الأهرامات ويشيرون إلى أى كلب بقولهم «إنه أنوبيس» وأنك برؤيته تسترجع ذكريات إله الموتى لدى المصريين.. وهكذا.. وعموماً.. ضرب أبولو بتسلقه خوفو.. أكثر من عصفور بحجر واحد فقد ساهم فى تنشيط السياحة لمصر وفى زيادة المبيعات للهدايا التذكارية بالمنطقة بفضل تدفق السياح للقاء كلاب الأهرامات كما ساهم فى اهتمام السائح فى قراءة متأنية لتاريخ مصر القديمة لمعرفة المزيد عن تلك الحضارة العريقة التى خلدت المصرى القديم فكانت قبلة السائحين وإن كنت أتمنى أن لو عاود هذا الكلب أو غيره التسلق أن يتم الإمساك به بعد تصويره وهو فوق الهرم ووضعه فى قفص بجوار خوفو ليكون مزاراً يضاف إلى المزارات الأخرى بعد الهوس الذى لاحظناه من كثير من السائحين بأبولو وسلالته..
.. وأخيراً:
> قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو ووزيره السابق جالانت.. لاقى ارتياحاً كبيراً دولياً فهل ستلتزم الدول بتنفيذه؟
> قصفت سلطات الاحتلال الإسرائيلي.. وسط بيروت بقذائف خارقة للتحصينات.. منتهى الإجرام.
> برافو.. تحويل مصر لمركز صناعى إقليمى لإنعاش الاقتصاد وتخفيض فاتورة الاستيراد.
> أتمنى أن تسفر انتخابات اتحادات طلاب الجامعات.. عن وجوه قادرة على العطاء والوفاء بمتطلبات واحتياجات الطلاب.
> مشروع قانون تغليظ العقوبات ضد سرقة الكهرباء.. هل يساهم فى تقليل السرقات ومنع الوصلات غير المشروعة؟.. أتمني!.
> عودة شركة النصر للسيارات للإنتاج خطوة على الطريق الصحيح.. فهل تنجح فى تقليل أسعار السيارات؟
> بعد الأمطار التى شهدتها البلاد.. هل استعدت المحليات؟ مجرد سؤال!