«أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصًا على النظام الجمهوري، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه».
هذا نص اليمين الدستورية التي يؤديها الوزير قسم لو تعلمون عظيم تحمل الأمانة كبيرة، ومسئولية يجب أن يقدرها ويعمل على الوفاء بها، والوزارة الجديدة حملها ثقيل، وتوقيتها صعب أمامها ملفات مهمة ومرحلة مصيرية في عمر الوطن مليئة بتحديات تحتاج قدرة ورؤية وإصرارًا على الإنجاز والنجاح، الاختيار كما يبدو من الأسماء جاء بعناية شديدة، وبعد دراسة كاملة لكل اسم الخبرة والكفاءة والسمعة والفكر هي المعيار، التأني في المشاورات والتي امتدت لشهر تقريبًا كان هدفها التدقيق والانتقاء للأكفأ، حسب المهام المطلوبة، ومتطلبات كل ملف، ووفق التكليفات العشر التي وضعها الرئيس السيسي في خطاب التكليف للدكتور مدبولي وأكد في اجتماعه مع الحكومة والمحافظين الجدد أمس وفي مقدمتها تخفيف الأعباء عن المواطن، وحماية الأمن القومى ومقدرات الدولة ومواجهة الغلاء والتضخم وبناء الإنسان وتنمية الوعي.
بالطبع من حق كل وزير أن يسعد بالثقة التي نالها بتكليفه، لكن من اليوم لا مجال ولا وقت إلا للعمل كل وزير يجب أن يُشمر عن ساعديه ليبدأ سريعًا في الملف الذي يتولاه وفق التكليفات الرئاسية، فالأمر لا يتحمل تباطؤًا أو تراخيًا، التعامل مع الملفات والقضايا هو الحكم على أى وزير أو محافظ، ليس أمام الحكومة الجديدة إلا إختيار واحد هو النجاح، ومن يرد النجاح فعليه ألا ينشغل إلا بالعمل وتحقيق إنجازات حقيقية على الأرض في ملفه، وأن يستمع إلى أهل الخبرة ولا يستعلى على النصيحة، وأن يحسن اختيار مساعديه ويناقش كل ملف بعمق ويدرسه بعناية، ويفتح الباب للأفكار الجديدة، الناس داعمون بقوة للحكومة ومستعدون للمساندة بكل السبل، وتحمل الكثير، لكن في المقابل يريدون أن يروا نتائج مُطمئنة على الأرض، وأن يشعروا بوجود فارق وأن يكون الأداء الحكومي مبشرًا.
كل وزير عليه مسئولية كبيرة لا تحتمل التهاون، وإنما تتطلب التحرك والسرعة والحسم والرؤية المستقبلية، ليس لدينا رفاهية الوقت، العالم كله في سباق محموم لن يفوز فيه إلا من يمتلك القدرة والقوة، نحن أمام مطالب محددة للمواطن، وأحلام مشروعة للدولة، المواطن يريد أن يرى الأسعار في انخفاض مُستمر، والتضخم في تراجع، يتمنى أن يجد الأسواق أكثر انضباطاً، والسلع والأدوية متوفرة، وخدمات تعليمية وصحية تليق به وأن يجد فرص عمل تكفى الشباب المنضم لسوق العمل سنويًا، وأن يعيش مستوى حياة كريمة.
وفي المقابل الدولة حلمها التقدم والنمو، أن تكتفى ذاتيًا في معظم- إن لم يكن كل- غذائها، وأن تصنع ما تستخدمه، وأن تنافس عالميًا بصادراتها، وأن تتطور علميًا وأن تستعيد ريادتها الثقافية وتتبوأ مكانتها التي تستحقها، وأن تتخلص من الأفكار المتطرفة وأن يجد المواطن أمامه خطابًا دينيًا وسطيًا معتدلًا لا دم فيه ولا إرهاب لتبنى الجمهورية الجديدة على مبادئها التي رسخها الرئيس من ديمقراطية ونمو ومواطنة.
مطالب وأحلام مشروعة تستدعى من الحكومة بكل وزرائها جهدًا كبيرًا وخطوات جادة وأفكارًا غير نمطية.
الوقت ليس في صالحنا، والتردد في القرارات لن يفيد، المطلوب أن نرى وزراء على قدر المسئولية، أصحاب مبادرات مبتكرة، قادرين على مواجهة التحديات والتعامل مع كل ملف بما يستحقه، قراراتهم يجب أن تصدر في وقتها، وانحيازهم الدائم لابد أن يكون لما يحقق مصلحة الوطن ومطالب الناس.
رغم صعوبة المهمة وكثرة التحديات، لكن الميزة التي تمتلكها هذه الحكومة بجانب الدعم الرئاسي القوى، وتكليفاته الواضحة والشاملة هي وجود مخرجات وتوصيات قدمها الحوار الوطنى واعتمدها الرئيس السيسى وتشكل في مجملها خطة عمل يمكن أن تحل الكثير من الأزمات لو نجح الوزراء في تنفيذها.
وكلما نجحت الحكومة أن تستثمر هذه التوصيات جيدًا وتنفذ تكليفات الرئيس كما يجب، كلما قطعت شوطًا في تحقيق المستهدف حظيت بالرضا الشعبي، لكن إذا فرطت في الوقت وتهاونت في الإنجاز، فسيكون الحساب شديدًا، الرئيس الذى يدعم كل مسئول لن يتسامح مع أي تقصير أو تباطؤ في تكليفات لصالح استكمال مسيرة البناء أو تجاوز لخطط الدولة، وأهدافها أو ابتعاد عما يحقق مطالب وطموحات المواطن، والبرلمان لن يفرط في المحاسبة لمن يثبت عدم أدائه واجباته الوزارية.
والإعلام أيضا لن يصمت عن أي سلبيات، وكما أنه لن يتردد في تسليط الضوء على كل إنجاز فلن يتراخي عن الحديث وفتح أي ملف يشهد تراجعًا أو تهاونًا.
كلنا مسئولون عن دعم الحكومة في سبيل نجاحها في مهمتها، لكننا أيضا لن تجامل وزيرًا أو مسئولًا على حساب الوطن والمواطن.