تتغير الظروف وتتبدل الأحوال في العالم من حولنا ، ويذهب أشخاص وقيادات ويأتي آخرون ، وتبقي مصر ثابتة الموقف، واضحة الرأي بشأن كافة القضايا الإقليمية والدولية، وفي القلب منها القضية الفلسطينية التي تمثل القضية الأولي لمصر شعبا وقيادة علي مر الزمان منذ نكبة 1984 وحتي يومنا هذا، مهما كاد الكائدون وزايد المزايدون .
وعندما نتحدث عن مصر ودورها التاريخي في مساندة ودعم القضية الفلسطينية ، لا يجب أن نغض الطرف عما قدمته ولاتزال من تضحيات وما اتخذته من مواقف جعلها دائما في مرمي نيران الأعداء والمتربصين بها ، وما أكثرهم في الداخل والخارج ، وان اختلفت الطرق والوسائل وفقا لكل عصر واسلحته التي يستخدمها هؤلاء ضد مصر وقياداتها ، بل وشعبها أيضا .
ووفقا لما ذكره الرئيس عبدالفتاح السيسي في كلمته المهمة أمام القمة العربية الثالثة والثلاثين التي استضافتها العاصمة البحرينية المنامة مؤخرا فإن مصر ستظل ثابتة علي موقفها الداعم للقضية الفلسطينية ، والمساند لشعبها الشقيق قولا وفعلا ، رافضة أي محاولات للتهجير القسري لأبناء غزة أو الضفة الغربية من أرضهم بهدف تصفية القضية الفلسطينية وفرض سياسة الأمر الواقع .
العالم أجمع يعلم أن الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ توليه مسئولية قيادة البلاد يتعامل مع قضايا وهموم الوطن العربي برؤية ثاقبة وواضحة تري أن الأمن العربي واستقراره ركيزة أساسية ترتكز عليها سياسة مصر الخارجية، ويتعامل الرئيس مع كافة القضايا العربية علي منطق الشرف رافعا شعار «مسافة السكة» في أي أزمة يتعرض لها أي بلد عربي شقيق ، حيث تكون مصر حاضرة في الحل والدعم والمساندة .
ولعل ما أكده الرئيس أمام قمة المنامة مؤخرا بشأن اللحظة الفارقة التي تفرض علي جميع الأطراف المعنية الاختيار بين مسارين إما السلام والاستقرار أو الفوضي والدمار خير دليل ،وذلك لصعوبة الموقف والخطر الداهم الذي يهدد باشتعال المنطقة بالكامل ، في حال استمرار الكيان الإسرائيلي وحكومته المتطرفة في سياسة الابادة الجماعية والدمار الشامل ضد فلسطين دولة وشعبا ، لاسيما في قطاع غزة ، وهوما أسفرعن استشهاد اكثر من 35 ألف شخص معظمهم من الأطفال و النساء ، علاوة علي جرح وإصابة 80 ألف اخرين حتي كتابة هذه السطور .
الرئيس السيسي أكد في كلمته أن حقوق أطفال فلسطين الذين تم قتل وتشريد عشرات الآلاف منهم ستظل سيفا مُسَلَطّا علي ضمير الإنسانية حتي إنفاذ العدالة مؤكدا أن مصر تنخرط في محاولات جادة لإنقاذ منطقتنا من السقوط ، مشيرا إلي أن الوضع الحرج لا يترك لنا مجالاً إلا أن نضع أيدينا معاً لننقذ المستقبل قبل فوات الأوان ولنضع حداً فورياً لهذه الحرب المدمرة ضد الفلسطينيين.
واذا قرأنا رسائل الرئيس في قمة المنامة بتعمن ودقة نجد انها تأتي استكمالاً للرسائل التي عبرت عنها القيادة المصرية عبر 10 سنوات في القمم العربية المختلفة التي شارك فيها الرئيس السيسي منذ توليه المسئولية وحتي الآن بداية من قمة شرم الشيخ 2015 مرورا بقمم القاهرة وعمان والرياض وصولا إلي القمة 33 التي استضافتها مملكة البحرين الأسبوع الماضي .
ولا أجد أفضل مما ذكره الرئيس السيسي في مستهل كلمته أمام قمة المنامة لاختتم به هذا المقال، حيث قال إن مصر التي أضاءت شعلة السلام في المنطقة عندما كان الظلام حالكا وتحملت في سبيل ذلك أثمانا غالية وأعباءً ثقيلة لا تزال رغم الصورة القاتمة حاليا متمسكة بالأمل في غلبة أصوات العقل والعدل والحق لإنقاذ المنطقة من الغرق في بحار لا تنتهي من الحروب والدماء .