تزايدت أهمية دول تجمع البريكس بشكل ملحوظ فى الآونة الأخيرة، حيث أصبحت تمثل قوة اقتصادية قادرة على التصدى للتحديات العالمية. ومع اقتراب انعقاد منتدى أعمال البريكس الثلاثاء، تأتى مشاركة مصر لتسلط الضوء على الدور المهم لهذا التكتل فى تعزيز التعاون الاقتصادى والاستثمارى بين الدول الأعضاء والدول الأخرى. تأتى هذه المشاركة فى وقت تشهد فيه الساحة العالمية تحديات متعاقبة، مما يعزز من أهمية التحالفات الاقتصادية مثل البريكس فى تقديم حلول مبتكرة وتطوير آفاق جديدة للشراكة والتنمية الاقتصادية.
قال محمد باغة استاذ الاقتصاد والاستثمار بتجارة جامعة قناة السويس إن مشاركة مصر فى منتدى أعمال البريكس، محور هام فى مسار العلاقات الاقتصادية الدولية والتى تقدم فرصا جديدة للاقتصاد المصرى، باعتبار أن مصر نافذة هامة للشرق الأوسط وافريقيا، ومؤكدا أن مصر تمثل لدول البريكس مركزا لوجستيا هاما فى الشرق الأوسط وأفريقيا من خلال قناة السويس.
لفت إلى ان انضمام مصر للتجمع جاء كشهادة على قوة حضور مصر على خريطة الاقتصاد العالمى، كقوة مؤثرة ومركز لوجسيتى للأسواق الافريقية، مشيرا إلى ان قيمة اقتصادات الدول الاعضاء تقارب الـ 29 تريليون دولار، وتمثل حوالى 28.5 ٪ من الاقتصاد العالمى.
ولذلك فهو القوة الموازية لمجموعة العشرين، خاصة وان الصين تحاول تجميع دول الجنوب، وتعزيز التواجد فى القارة الافريقية، الامر الذى يحقق العدالة الاقتصادية وتوازن القوى، مؤكدا انه فى ظل تصاعدات التوترات الاقليمية، وحالة اللا يقين المسيطرة على الاقتصاد العالمى، يصبح الأمر ضروريا للبحث عن شراكات استراتيجة كبرى تستفيد منها مصر، وتجمع البريكس فرصة كبيرة لاستفادة الاقتصاد المصرى من الموارد التى يمكن أن توفرها الأعضاء وزيادة حجم التبادل التجارى، وفتح اسواق جديدة لتصريف المنتجات المصرية، وجذب رؤوس أموال أجنبية لاقامة مشروعات كبرى على أرض مصر، لتصبح مركزا لوجستيا للتصدير فى الشرق الاوسط وأفريقيا، متوقعا أن تتجاوز قيمة التبادل التجارى بين مصر ودول التجمع الـ 30 مليار دولار.
قال الدكتور محمد راشد أستاذ الاقتصاد إن تحرك مصر على كافة المستويات الدبلوماسية والسياسية والسعى لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع مختلف الدول حقق لها عمقا وحضورا دوليا قويا، مشيرا إلى ان انضمام مصر لمجموعة «البريكس» بدعوة من المجموعة نفسها، يؤكد ما تتمتع به مصر من مكانة اقتصادية وجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط وافريقيا.
وتابع إن كلمة الرئيس السيسى فى منتدى أعمال تجمع البريكس، تؤكد وتوثق للشراكات الاستراتيجية الهامة بين مصر ودول تجمع البريكس، والتى تمثل فرصا استثمارية وتجارية بين الدول، مشيرا إلى أن الاجراءات الاصلاحية التى اتخذتها مصر وتم استعراضها خلال المنتدى، تضع مصر على خريطة الاستثمار العالمى، وتزيد من طلبات الاستثمار الأجنبى المباشر.
أكد أن رسائل الرئيس كانت واضحة ومدعومة بالحقائق، وهذا ما تتطلع له الدول الأعضاء لتعزيز التعاون الاقتصادى المشترك، من خلال توفير بيئة عمل محفزة وجاذبة للاستثمار وتشريعات وتسهيلات لتمكين القطاع الخاص، إضافة إلى موقع مصر الاستراتيجى ووجود مشروعات استراتيجية كبرى وبنية تحتية متطورة تجعل مصر منفذا للأسواق الافريقية.
مشيراً إلى أن تجمع البريكس فرصة للتعاون الاقتصادى والتجارى الدولى، مصر انضمت لعضوية البريكس فى يناير 2024، فيه العديد من المكاسب المباشرة تنعكس على مصر منها جذب المشروعات المستقبلية الكبرى، فى مجالات التكنولوجيا والزراعة والطاقة، إضافة إلى فرص التبادل التجارى والحصول على السلع الغذائية الاستراتيجية كالقمح، وغيرها، كذلك زيادة الصادرات المصرية للدول الأعضاء، وتنشيط حركة السياحة، مشيرا إلى أن قيمة التبادل التجارى بين مصر ودول البريكس تصل إلى نحو 25 مليار دولار.
أكد وليد غراب، عضو جمعية رجال الاعمال المصريين والمستشار التجارى لجزر القمر أهمية الاتفاقيات الدولية مثل تجمع البريكس. وقال إن هذه الاتفاقيات تمثل فرصًا ذهبية لتعزيز التجارة والاستثمار بين الدول المشاركة، مما يسهم فى فتح أسواق جديدة وزيادة التعاون الاقتصادى على المستوى العالمى.
أضاف: إن الاتفاقيات الدولية ليست مجرد أدوات قانونية، بل وسيلة فعالة لتمكين الدول من تحقيق مكاسب اقتصادية مستدامة من خلال التبادل التجارى والاستثمارى، مشددًا على أن مصر، على الرغم من توقيعها العديد من الاتفاقيات التجارية، لم تحقق الاستفادة المثلى من بعضها بالرغم من الموارد والامكانيات التى نزخر بها.
أشار غراب إلى أن مصر تمتلك جميع المقومات اللازمة للمنافسة بقوة على الساحة العالمية فى العديد من الصناعات، مؤكدًا أن الحوافز الاستثمارية التى تقدمها الحكومة المصرية تعد عنصرًا محوريًا فى جذب الاستثمارات الأجنبية. وتشمل هذه الحوافز إعفاءات ضريبية وجمركية، وتوفير الأراضى بأسعار تنافسية، بالإضافة إلى تبسيط الإجراءات البيروقراطية لبدء المشاريع، مما يجعل مناخ الاستثمار فى مصر أكثر جذبًا للمستثمرين.
أوضح أن مصر قامت بخطوات هامة على صعيد تطوير البنية التحتية، حيث نفذت مشروعات ضخمة فى مجالات الطرق، والمواصلات، والموانئ، وكذلك المناطق الاقتصادية الخاصة التى تمثل بوابات اقتصادية متقدمة لجذب الاستثمارات. وأشار إلى أن تطوير هذه البنية التحتية، إلى جانب الجهود التى تبذلها مصر لتحسين منظومة النقل والمواصلات، يعزز من ربط مصر بالأسواق العالمية، والأسواق التابعة لدول تجمع البريكس، مما يسهم فى تسهيل حركة التجارة ونقل البضائع بسهولة أكبر.
مشيراً أن المناطق الاقتصادية الخاصة، مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، تمثل نقاط جذب رئيسية للاستثمارات الأجنبية، حيث توفر بيئة متكاملة للمستثمرين من خلال مرافق لوجستية متطورة، وقوانين مرنة، وإمكانيات واسعة للتوسع فى الأسواق المجاورة. كما أن الموانئ الجديدة التى تم تطويرها تتيح لمصر أن تكون محورًا لوجستيًا رئيسيًا فى المنطقة، مما يعزز قدرتها على تصدير المنتجات والخدمات إلى مختلف أنحاء العالم بكفاءة عالية.
يرى الدكتور كريم رأفت، الخبير الاقتصادى، أن تجمع البريكس يمثل فرصة ذهبية لمصر لتعزيز مكانتها الاقتصادية على الساحة الدولية، خاصة فى ظل العلاقات المتنامية مع دول التجمع التى تضم دولا كبرى مثل الصين وروسيا والهند وجنوب أفريقيا.. ومصر تمتلك العديد من المقومات التى تمكنها من التوسع بقوة والدخول إلى أسواق دول البريكس، بفضل تنوع منتجاتها وقدرتها التنافسية العالية. وشدد رأفت على ضرورة التسويق الجيد للموارد والمنتجات المصرية وما لدينا من حوافز تشجيعية قادرة على جذب الاستثمارات المختلفة من أجل تحقيق النجاح المطلوب فى هذه الأسواق الكبيرة والواعدة.
أشار إلى أن مصر تعمل بجهد على تطوير قطاعات حيوية مثل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والصناعات التحويلية، والطاقة الجديدة والمتجددة، بما فى ذلك الهيدروجين الأخضر. كما تواصل الدولة تنفيذ مشروعات البنية التحتية الكبرى وتحديث منظومة النقل والمواصلات والموانئ، مما يعزز من قدرة مصر على الوصول إلى الأسواق الواعدة فى كافة دول العالم وليس دول البريكس فقط، وبالتالى تعظيم استفادتها من هذه الشراكات الاقتصادية.
مضيفًا أن الحكومة المصرية اتخذت خطوات مهمة لتحسين مناخ الاستثمار، من خلال تنفيذ سياسات تهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وتوفير بيئة أعمال مشجعة. وأكد أن منتدى البريكس يمكن أن يسهم فى خلق فرص استثمارية جديدة لمصر، ما يعزز التعاون التجارى والاقتصادى مع دول التجمع.
قال متى بشاى رئيس لجنة التجارة الداخلية بشعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن اتجاه الحكومة التوسع فى التمويل لإجراء التسويات التجارية والاستثمارية بالعملات المحلية بين دول بريكس، سيكون له تأثير إيجابى على حجم الطلب على العملة الصعبة، وخاصة الدولار الأمريكى، وسيدفع مؤشر الطلب أو حجم الطلب على الدولار –تحديدا– نحو الانخفاض، وبالتالى، سيكون هناك المزيد من الاستقرار فى سعر الصرف.
أضاف أن هذا الاتجاه سيعطى قوة نسبية إلى الجنيه المصرى مقابل العملات الأجنبية الأخرى. وسيكون له مردود إيجابى على السياسة المالية وعلى السياسة النقدية خلال المدة المقبلة.