يعيش بداخلنا صراع يتجدد عند كل موقف أو أزمة.. «أفعل أو لا أفعل؟! وهل يستحق رد فعلى هذا ان أفعله.. هذا الصراع يعيش معنا مدى الحياة.. وتقفز امامنا كلمة.. لماذا؟ قبل اى قرار.. من هنا استرجع مقولة د. مصطفى محمود: علينا أن نقاوم ما نحب ونتحمل ما نكره.. وقد لخص لنا مصطفى محمود الدنيا فى هذه العبارة البليغة.. لكن هل نستطيع أن نواجه ما نحب ونرفضه لأنه يخالف الفطرة.. أو شريعة الله.. أو الحق والعدل.. أو حتى النظام العام.. أو ينتقص من حقوق الآخرين.. فمغريات الحياة لا نهاية لها.. والطمع والانانية وعشق التكويش وحب الذات وانطلاق الشهوات والنظر الى ما فى ايدى غيرنا.. لا حدود لها.. وهذا ما علينا أن نرفضه أو نقاومه.. ويبقى السؤال: كيف؟! انها الروح أو النفس أو الشخصية.. التى تقود.. وترشد.. ولابد أن نعترف بأن الروح الهشة هى نقطة ضعف الإنسان.. وبمعنى اكثر دقة.. هى التى تبيح للإنسان أن ينغمس فى مغريات الحياة دون توقف.. اما الروح المؤمنة.. المحبة التى لا تملك سوى الحب والعطاء لكل من يتعامل معها.. فهى الروح التى تبث فى نفس صاحبها دماثة الخلق ولين الطبع والصدق والوفاء والاعتدال وتطبيق العدل وايضا الإتقان.. من هنا أتساءل.. كيف يستطيع الإنسان.. ان يحقق انسجام الروح مع عناصر الشخصية.. ويصنع التوافق بين المغريات والتناقضات والاشياء المرغوبة والمرفوضة.. وكيف يستطيع ان يشبع الإنسان رغباته.. دون أن يستولى على حقوق الآخرين.. كيف؟! بالانتصار على الروح.. وكيف ينتصر الإنسان على ما بداخله.. من نزوات ورغبات ليست من حقه.. لا يوجد سوى الإيمان.. الدين.. القرب الى الله.. ومن يقترب من الله.. فهو فى دائرة النور.. وكما يقول د. مصطفى محمود.. لا يأتى ذلك.. الا عن طريق طلب العون والمساعدة من الله.. بالصلاة والخشوع.. بالطاعة الكاملة لله.. لا تريد لنفسك الا ما يريده لك ربك.. وبالإضافة الى الدين.. القراءة.. فهى غذاء الروح.. وتنمية العقل وتهذيب الأخلاق.. وخبرة وتجارب عقول مفكرة مبدعة.. تضيف إلينا الكثير والكثير من مختلف شئون ومعارف الحياة.. اعترف انه ليس سهلا الانتصار على الروح.. أو على ما بداخل الإنسان من غرور وسطحية وتعال وظلم.. وهو ما يتطلب مقاومة الميل والهوى الذى بداخلنا.. اسمحوا لى ان اصطحبكم الى بعض من خواطر كتبها الإمام الشافعى احد الائمة الأربعة: النفس حيرى والذنوب كثيرة.. والعمر يمضى والحياة ثوان.. يا نفس كفى عن معاصيك التي.. كادت تميت الحس فى وجداني.. انسيت ان الموت آت فاجمعى يا نفس من طيب وإحسان.. انا لست أخشى الموت بل أخشى الذى بعد الممات وعسرة السؤلان.. ماذا أقول اذا فقدت ارادتي.. وتكلمت بعدى يدى ولساني.. انا يا إلهى حائر فتولني.. ولأنت تهدى حيرة الحيران.. أنا إن عصيت فهذا لأنى غافل.. ولقد علمت عواقب العصيان.. أشكو إليك ضالتى ومذلتي.. فارفع بفضلك ما أذل زماني.. أدعوك فى صمتى وفى نطقي.. وفى همسى بقلب دائم الخفقان.. أدعوك فإقبل دعوتى وارفع بها شأني.. وكن لى يا عظيم الشأن.. لك فى الفؤاد مهابة ومحبة.. يا من بحبك يستضئ كياني.. من لى سواك يجبرنى ويعيدني.. من عالم الأهواء والشيطان.. يارب إنى قد أتيتك تائبا.. فاقبل بعفوك توبة الندمان.. كم جئت بابك سائلا.. فأجبتني.. من قبل حتى أن يقول لساني.. واليوم جئتك تائبا مستغفرا.. شئ بقلبى للهدى ناداني.. روحى لنورك يا إلهى قد هفت وتشققت عطشا له اركاني.. فاقبل بفضلك توبة القلب الذي.. قد جاء هربا من دجى العصيان.. واجعله فى وجه الخطايا ثابتا.. صلبا.. قويا.. ثابت الإيمان.. وامنن بعفوك.. ان عفوك وحده.. سيعيد نبض النور فى انساني.. رحم الله امامنا الشافعي.. فقد أوضح لنا الطريق إلى كيفية الانتصار على الروح.. وبالمناسبة الإمام الشافعى من مواليد غزه سنة ٧٦٧ ميلادية وتوفى فى القاهرة فى 19 يناير 820 ميلادية.. وبقى أن أقول: الروح ولغزها.. من أسرار الله سبحانه.