أثبتت الأيام والأحداث فى العقود الأربعة الأخيرة انه لا سبيل للنجاة والبقاء والحفاظ على الأوطان إلا بالاستثمار فى قوة الدولة الوطنية ومؤسساتها.. فكلما زاد وارتفع الاستثمار فى قوة وقدرة الدولة امتلكت فرصاً أكبر لعبور التحديات والتهديدات والمخاطر والمؤامرات والأطماع بل لا يمكن أن تقترب منها قوى الشر بشكل مباشر.. خوفا من مغبة وتداعيات المواجهة مع دولة قوية تقف على أرض صلبة تمتلك قدراتها فى رد الصاع صاعين والتصدى للمخاطر.. لذلك تلجأ قوى الشر إلى وسائل أخرى تسمى بالحروب الجديدة التى تعتمد على النهش فى مسيرة الدولة وتزييف الواقع والوعى والتشكيك والتشويه وإطلاق العنان لحملات الأكاذيب والتشويه.. وأحياناً تتبنى وتدعم وتمول حروباً بالوكالة أو تلجأ إلى مناكفات ومضايقات عبثية ومكايدات سياسية واستخدام فزاعات مثل المتاجرة بحقوق الإنسان واتضح ان قوى الشر لم تعرف عنها شيئاً فى ظل الدعم المطلق لحروب الإبادة وقتل الأطفال والنساء والتجويع والضرب بالقانون الدولى والدولى الإنسانى عرض الحائط وافتقاد المنظمة الأممية مصداقيتها واعتبارها كديكور دولى أو استخدامها طبقاً لأهداف قوى الشر الخبيثة والشيطانية.. قوة الدولة الوطنية هى صمام الأمان لبقاء الدول ووجودها والحفاظ عليها وترسيخ الأمن والاستقرار والبناء والتنمية.. وأول المستفيدين من قوة الدولة الوطنية ومؤسساتها هى الشعوب وهنا أتوقف.
فقد اعتمدت الحروب الجديدة على خلق حالة من الاحتقان بين الدولة الوطنية ومؤسساتها والشعوب من خلال بناء الوعى المزيف أو الخداع وترويج الأوهام وغسل عقول الشعوب بشعارات ومتاجرات بالحرية والديمقراطية والرفاهية والوعود التى تحولت إلى كوابيس وكوارث ولعنات.. وباتت الشعوب التى سقطت فى مستنقع الخداع تلعن نفسها بعد ان ضاعت أوطانها.
الدولة الوطنية القوية هى حصن أمان للوطن والمواطن..و لعل أبرز مكونات الدولة الوطنية هو «الجيوش الوطنية» التى تمثل درع الحماية وصوت السيادة للأرض والحدود وامتلاك القوة والقدرة على الدفاع عن الوطن وردع كل من تسول له نفسه المساس به.. وكلما زاد معدل الاستثمار فى قوة الجيوش الوطنية زادت مؤشرات الأمان والاستقرار والاطمئنان والثقة حتى فى الانعكاس على قوة العلاقات الدولية وقوة التفاوض والعيش فى سلام فى آتون الصراعات والتوترات والنزاعات والحروب والمؤامرات.. لأن القوى الكبرى أو قوى الشر تخشى من الدول ذات القوة والقدرة وصاحبة الجيوش القوية والرادعة.. الحقيقة ان النظر إلى دول الأزمات التى سقطت فيها الدولة الوطنية ومؤسساتها وعاث فيها الإرهاب والفوضى تجد انها افتقدت لجيوش وطنية قوية ولم تستثمر بالشكل المطلوب فى بناء هذه الجيوش بالشكل العلمى والنظامى والعصري.. لذلك عانت من الهشاشة والضعف ولم تصمد أمام موجات الإرهاب والفوضي.. إضافة إلى ان دول الأزمات لم تعظم أو تجد عقيدة وطنية لهذه الجيوش.. لذلك حتى هذه الجيوش انقسمت وتفككت سريعاً وتحولت إلى ميليشيات تقاتل بعضها البعض لأنها عانت من المذهبية والقبلية واهملت عقيدة وطنية تجمع كافة الأطياف تحت العلم الوطنى دفاعاً عن الأرض والسيادة والوجود.
دعونا نقر حقيقة ساطعة مثل الشمس انه لولا الجيش المصرى العظيم وأبطاله الشرفاء ورموزه من الوطنيين الأفذاذ ولولا عقيدة الشرف والوطنية لقواتنا المسلحة لضاعت مصر فى طوفان مؤامرات الربيع العربي.. فقد وقف الجيش المصرى وقدم تضحيات وتعامل بعقيدته الوطنية مع المصريين وتصدى بشجاعة وحكمة لمؤامرة إسقاط مصر ونجح فى اجهاضها.. وأنقذ مصر من مصير الدول التى سقطت خلال أو بفعل طوفان مؤامرات الربيع العربى المشئوم.
دعونا أيضاً نقرأ رؤية وعبقرية الرئيس عبدالفتاح السيسى واستشرافه لدفتر أحوال التحديات والتهديدات والمخاطر التى تنتظر الدولة بعد ثورة 30 يونيو المجيدة.. فهذا القائد العظيم جعل من استعادة هيبة الدولة وقوة الدولة الوطنية ومؤسساتها بأعلى درجات الطموح والعصرية وتجد محتوى هذه الرؤية الثاقبة التى استشرفت المستقبل هو تمكين الدولة المصرية من امتلاك كافة القدرات العصرية.. ولعل وصول مصر وقواتها المسلحة إلى مستوى مركز القيادة الإستراتيجى بالعاصمة الإدارية الجديدة هو نموذج لهذا الطموح يضاهى امكانيات وقدرات الدول العظيمة.. فالرئيس السيسى لديه طموح بلا حدود للدولة المصرية.. يؤمن انها تستحق وبجدارة ان تكون فى مصاف القوى العظمي.. أو قوة إقليمية عظمي.
وفى مسار متواز ومتزامن نجح الرئيس السيسى فى بناء منظومة القدرة الشاملة والمؤثرة للدولة المصرية من خلال محورين أساسيين.. أولهما: وطبقا لرؤية نافذة وبعيدة النظر هو الاستثمار فى بناء قوة الردع التى لا حدود لها وتتمثل فى تطوير وتحديث الجيش المصرى العظيم.. وتعظيم قدراته بما يتسق ويتواكب مع حجم التحديات والتهديدات المحتملة والمستجدة وامتلاك القدرة على الوصول إلى هذه التهديدات ووأدها مبكراً من خلال تزويد الجيش المصرى بأحدث منظومات التسليح براً وبحراً وجواً.. لحماية الأمن القومى المصرى والحفاظ على السيادة والأرض والحدود والثروات والموارد والقدرات فى البر والبحر.. لذلك شهدت جميع التخصصات والأسلحة والأفرع الرئيسية لقواتنا المسلحة أكبر عملية تطوير وتحديث فى تاريخها بشكل عصرى وعلمى مدروس.. وأيضاً فريد وذى خصوصية شديدة.. فالجيش المصرى قادر على العمل من خلال تنويع مصادر السلاح ما بين الأسلحة الغربية والشرقية.. لذلك ترى مقاتلات اف– 16 تعمل إلى جوار الرافال الفرنسية والميج– 29 الروسية والأباتشى إلى جانب الكاموف ووحدات وقطع بحرية متعددة المصادر مثل فريم وجوديند وحاملات الطائرات الهليوكوبتر الفرنسية إلى جوار قطع روسية وألمانية وكورية جنوبية وهى منظومة فريدة تؤكد قدرة وجدارة المقاتل المصرى وبات الجيش المصرى العظيم هو أقوى جيوش المنطقة وأحد أقوى جيوش العالم.. يمتلك القوة والقدرة والردع.. لكنها قوة رشيدة وحكيمة تحمى وتدافع عن الأرض والسيادة والمقدرات وتصون الأمن القومى ولا تهاجم ولا تعتدى على أحد.. هدفها الحفاظ على السلام ومنع العدوان والتصدى للتهديدات والمخاطر.
الجيوش الوطنية هى تاج مؤسسات الدولة الوطنية والاستثمار فى قوتها وقدرتها أمر وجودى وإستراتيجى يسعد المواطن لأنه يمثل له الحصن وهو ما يجب ان يعلمه ويعيه كل مواطن يتمتع بالفهم والوعى والإلمام لما يدور ويحاك.. لذلك فإن الاستثمار فى القوة هو خير لمصر.
ليس هذا فحسب بل ان قوة وقدرة الدولة الوطنية المصرية امتدت إلى البناء والتنمية والوعى والفهم والاصطفاف الوطنى والتسامح والتعايش وحرية الاعتقاد وترسيخ الحياة الكريمة.. تلك هى عبقرية القيادة.