ما يجرى فى المحيط الإقليمى والمشهد بالمنطقة يشير إلى عملية تطويق لمصر يراد فرضها وعزلها وحصارها
لا تتعجب أو تندهش عندما تنظر وتتطلع على الخريطة والمحيط الذى تعيش فيه مصر.. ترى حرائق مشتعلة من كل اتجاه.. أزمات وصراعات واقتتال أهلي.. ودول تسقط.. ومجازر ومذابح سواء من صنع أهل وشعب هذه الدولة أو أخرى تجسد عقيدة كيان سرطاني– شيطاني– صهيونى أدمن الفاشية والبربرية والوحشية يتلقى تعليماته من الشيطان الأكبر.. مستقبل هذه الدول يضيع وفرص نجاتها تتبخر.. خاصة إذا كانت المصيبة والكارثة تأتى من الداخل من خلال شعب يتقاتل طبقوا معه نظرية «فرق تسد».. بل تجاوز الأمر ذلك إلى الأبعد وهو أن تأكل الشعوب بعضها بعضاً وتغرق فى بحور الدماء وهنا لا تحدثنى عن بناء أو تنمية أو أمن أو استقرار.. وبالتالى لا أمل فى مستقبل لأنها ببساطة تتحول إلى مجرد أطلال وليست دولاً.
المواطن المصرى مطالب ان يعرف ويدرك حقيقة ما يدور حوله وما يحاك لوطنه.. ولماذا كل ذلك يجرى وما الهدف منه فما يحدث فى المنطقة من أزمات وصراعات ونزاعات ومجازر ومذابح ومؤامرات ومخططات لم يحدث من قبل.. وما يحيط بمصر من حرائق مشتعلة على كافة الحدود من جميع الاتجاهات الإستراتيجية وما يمارس عليها من ابتزاز وتهديد لمواردها الوجودية والتى تتعلق بحياة شعبها.. أمر غير مسبوق.. لذلك أقول وبكل ثقة.. ان كل ما يجرى ويدور الهدف منه مصر.. وليس الدول التى تجرى فيها الصراعات والأزمات وتشتعل فيها الحرائق.. لذلك فانه طبقا لمؤامرات قوى الشر وهى معروفة بوضوح فانه يراد تطويق مصر وعزلها عن عمقها الإستراتيجى فى كافة الاتجاهات.. المواطن المصرى البسيط فى غاية الوعى والإدراك لما يحدث.. بل ربما يسبق الساسة والخبراء فى ذلك وتطبيقاً لنظرية «اللى ما يشوفش من الغربال يبقى أعمي» يعلم جيداً ان الهدف هو مصر.. يراد عزلها إستراتيجياً وحصارها اقتصادياً.. وتحجيم امتدادات أمنها القومى وأن تعيش فى طوق النار.. يدرك ان مصر مطلوبة يحاولون اضعافها واستنزافها وتعطيل أو ضرب مشروعها الوطنى لتحقيق التقدم أو النيل من وعى شعبها وتحريضه على هدم ما تحقق.. لكن النتيجة هى فشل قوى الشر فى تحقيق أى هدف والسبب الحقيقى والأساسى فى ذلك هو قوة الحكمة المصرية وعبقرية القيادة وإدارة الأزمات والصراعات وعدم الاستجابة لمحاولات متواصلة للاستدراج والتوريط والاستنزاف.. فما أعظم ان تواجه الغول المنتظر وأنت فى كامل قوتك.. فالمواجهة قادمة لا محالة.. ولكننا من نختار التوقيت.. ولا يستطيع أحد أن يفرض علينا ما لا نرضاه.. فمصر تدار بحكمة وبُعد نظر واطلاع كامل ومسبق لكافة التحديات والتهديدات وما يدور فى خلجات عقول الأشرار.. وهذا يوفر لنا دقة التقديرات والحسابات وموضوعية القرار الذى يحقق المصلحة الوطنية.
ما يجرى فى المحيط الإقليمى والمشهد بالمنطقة يشير إلى عملية تطويق لمصر يراد فرضها وعزلها وحصارها.. فالسودان هى العمق الإستراتيجى الجنوبى لمصر وما يجرى فيها أمر يدمى القلوب من اقتتال أهلى ومجازر.. وغاية مصر وهدفها الأسمى هو الحفاظ على هذا البلد الشقيق ووقف هذه الفتن التى تدار من الخارج.. طبقا لأهداف قوى الشر والهيمنة ومن لهم مصالح فى محاولات الاضرار بالسودان وبالتالى مصر وليبيا العمق الإستراتيجى الغربى لمصر لم تشهد جديداً.. الدولة الوطنية الليبية لم تعد حتى الآن ومؤسساتها الوطنية مازالت غائبة وهناك انقسام وحكومتان تديران البلاد على حدودنا الشرقية.. حيث ما يجرى من حرب إبادة فى قطاع غزة ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين ودفعهم إلى الحدود المصرية من أجل تنفيذ المخطط (الصهيو– أمريكي) توطين الفلسطينيين فى سيناء.. وهو الأمر الذى أدركته مصر جيداً.. بل واجهته.. ونجحت فى تحويل المخطط إلى وعى وإدراك وتعاطف دولي.. لتشهد القضية الفلسطينية زخماً واهتماماً عالمياً غير مسبوق دفع بعض الدول للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
حذرت مصر كثيراً ومراراً وتكراراً من خطورة التصعيد العسكرى الصهيونى فى قطاع غزة.. وأخرها فى كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال المؤتمر الدولى للاستجابة الإنسانية الطارئة لغزة الذى عقد بالأردن.. حيث جدد الرئيس التحذير من خطورة ومغبة استمرار العدوان والتصعيد الإسرائيلى على أمن المنطقة.. وهو ما يتسق مع تصاعد المواجهة بين جيش الاحتلال وحزب الله فى لبنان.. وهناك أيضاً تصعيد من الحوثيين فى اليمن وجهة أخرى من العراق وهناك استهداف إسرائيلى للعمق السوري.. كل ذلك يشير إلى احتمالات كبيرة ونذر للحرب الشاملة التى تضر بأمن واستقرار ومستقبل الشرق الأوسط.
توتير البحر الأحمر أيضاً الهدف منه مصر فى إطار مضايقات وحصار اقتصادى أثر سلبياً على عوائد قناة السويس من العملات الصعبة.. كل ذلك يعكس مدى استهداف الدولة المصرية ومحاولات حصارها وتهديدها واستدراجها واضعاف دورها واستنزاف مواردها.
لا أتحدث عن جديد فالجميع يدركون ان مصر تتعرض لمؤامرة شيطانية يراد من خلالها تركيعها وتقويض قوتها وقدرتها لأنها باختصار تقف كالصخر أمام المخطط «الصهيو– أمريكي» فى ابتلاع المنطقة وصياغتها طبقا للعقيدة الصهيونية الفاسدة.. وطبقاً لمصالح قوى الهيمنة من تقسيم وسلب وسرقة للموارد والقضاء على القوى التى تقف على أرض صلبة فى مواجهة أوهام الشيطان.
الحكمة وحدها مع الاستناد إلى القوة والقدرة الرشيدة والرهان على الزمن أو الوقت لأن ما يخططون له لاستهداف مصر يرد إلى صدورهم.. فشلاً واستنزافاً وانقساماً وخلافاً وعزلة دولية.. وانتقاداً للمصداقية.. هكذا هى نتائج عدوان الصهاينة على غزة لم يحققوا شيئاً سوى قتل الأطفال والنساء ويخسرون كل شيء.. ويتعرضون لضربات مؤلمة.. فحرب الإبادة التى يشنها جيش الاحتلال.. إسرائيل فيها مجرد صورة أو واجهة.. لكن من يدير ويمول ويدعم ويشارك فى هذه الحرب التى تقتل أى معنى للإنسانية أو المصداقية هى الولايات المتحدة وفى ظنى ان مقترح الرئيس الأمريكى جو بايدن يشير إلى فارق إسرائيلى شديد الكارثية.. وانه مجرد طعم للمقاومة الفلسطينية عليها ان تنتبه إلى فورخة الضغط الكبيرة التى بين يديها هم الأسرى والرهائن المحتجزين وهناك تلاعب يكمن فى تفاصيل المقترح.. فلا يمكن الموافقة إلا قبل ضمان الوقف الفورى والمستمر والمستدام لاطلاق النار.. فإذا فرطت المقاومة فيما بين يديها من ورقة مهمة فلن يتوقف العدوان.. وحرب الإبادة الصهيونية لأنه المسمار الذى يدق رأس الكيان الصهيونى ويتسبب فى إحداث فجوة عميقة وانقسام حاد فى الداخل الإسرائيلي.
مصر تدرك جيداً وترى الصورة الكاملة وتعى أن هناك مؤامرة تستهدفها.. لكنها كلاعب الشطرنج المحترم يلعب بذكاء ودهاء وعبقرية وحكمة ولكن المهم أيضاً هو الوعى الوطنى الشعبى والتماسك والالتفاف والاصطفاف حول القيادة والإيمان.. ان كل الأزمات الاقتصادية الداخلية سوف تمر والقادم أفضل.
تحيا مصر