يا الله، إنه التراث… القوة والحماية، ومن يحتمي بالتراث ينجو، وينجُو، وينجُو… نعم، يقينًا ينجو!
ترى، ما هو التراث؟
إنه لباس الماضي بكل أزمانه لحماية الحاضر والمستقبل، وهو ضوء ومنارة ووجود.
وعلى السبيل العربي، فالأمة العربية تملك تراثًا عربيًا كبيرًا.
وعلى المستوى المصري، فمصر تملك النصيب الأكبر من التراث، وهو عظيم ومتعاظم في ثرائه وتنوعه وتأثيره.
لقد ظل التراث المصري، عبر الأزمنة والعصور، واقفًا شامخًا، حاميًا، وسلاحًا مهمًا في مواجهة كل المخاطر وكل أوجه التعثر.
وتراثنا متنوع وثري كما أسلفنا، وهو حاضر في تاريخنا، وجغرافيتنا، وفي العلوم، والفنون، والثقافة.
ولسنا بصدد طرح هذا التنوع الآن، فهو يحتاج إلى دراسات مطوّلة، والمراجع تؤكد ذلك.
ولكن الإشكالية المهمة تتمحور حول: ما هي آليات إعادة استخدام التراث كمادة خام؟
وكيف نعيد تدويره وتوظيفه في المنتج الجديد، سواء في العلم أو في فنون الإبداع المختلفة؟
ما يهمني هنا هو توظيفه في مجالات الفنون: المسرح، السينما، الأغنية، والفنون الشعبية.
ففي المسرح، يُستلهم التراث في كتابة النصوص المسرحية الكلاسيكية، وفن الأوبريت، والمسرح الغنائي،
وخاصة ونحن نعيش مرحلة انقراض لهذه الفنون، في حالة من الاغتراب والتخلي والابتعاد.
نحن نملك من نماذج البطولة التاريخية والملحمية زخمًا وفيرًا،
وهذا الزخم موجود بوفرة عبر كل الأزمنة والمراحل.
ومصر ولّادة في البطولة والانتصارات، وكذلك في الأغنية بكل أنواعها وتفاصيلها:
العاطفية، والدينية، والحماسية، والعمالية، وأغاني المناسبات كالأفراح والطهور والعمل،
بل حتى الأغاني العقائدية والتقليدية.
وكذلك في الفنون الشعبية: كالرَّقص الشعبي والاستعراضي.
وعلى مستوى الجمهورية، نجد فرق الثقافة الجماهيرية، لا سيما تلك التي مثّلت مصر في المحافل والمهرجانات الدولية،
مثل فرقتي رضا والقومية.
كل هذه الفرق تحتاج إلى تطوير وتجديد، في الشكل والمضمون والماهية.
ويدخل في هذا الطرح أيضًا فنون السينما: كالفيلم التقليدي، والفيلم الغنائي الاستعراضي، وهو حاليًا شبه غائب.
ويزداد التحدي في ظل تراجع الدراسات والأبحاث في هذا المجال،
سواء في المعاهد الأكاديمية، أو مراكز الدراسات التراثية، أو حتى في الرسائل العلمية للماجستير والدكتوراه،
والتي يأتي مستواها – في أغلبها – متواضعًا.
الهدف من طرح إشكالية التراث يكمُن في أكثر من عنصر:
أولها أن التراث حماية، وتاريخ نعتز به، ويؤكد ريادتنا ووجودنا، وهو يُمثل الجذور والمعاصرة.
والثاني هو إعادة قراءة التراث وتشكيله مجددًا، وإعادة إنتاجه في أعمال درامية وغنائية حديثة.
والمطلوب هو: تعظيم دور التراث وتوظيفه – بما يملكه من زخم وفير – لترسيخ روح الانتماء لدى كافة الأجيال،
وخاصة الأجيال الجديدة، التي – يقينًا – لا تعرف تراثها.
ولكي يتحقق ذلك، ينبغي بثّ التنوع التراثي في المناهج الدراسية، من المرحلة الابتدائية حتى الجامعة.
ونختم بضرورة الاهتمام الجمعي بالتراث، العربي والمصري، على مستوى التذَكُّر والتوظيف،
وأن نضع هذا التراث أمام أعيننا، كأصلٍ وجذورٍ، في مصرنا العظيمة…