الكل يدرك قواعد اللعبة.. الكل يدرك قواعد الاشتباك.. الكل يدرك انه لا خروج عن الحد والسيناريو المرسوم بدقة لعدم جر المنطقة الى حرب شاملة رغم الاستفزازات الاسرائيلية المستمرة، لكن الذى يجبر الأطراف على الالتزام هو القوة وحجمها بالنسبة للعدو.. إسرائيل ليست لديها مشكلة فى القوة التى تملكها، ولا فى القوة التى تدعمها.
>>الاحد الماضى حزب الله يرد بشكل قد لا يتناسب مع حجم الخسائر التى منى بها فى الفترة الاخيرة خاصة بقتل قياداته وجنوده التى لها اثر كبير فى مباريات الصراع مع اسرائيل وكان اخرها الرجل الثانى فى الحزب او بمعنى اخر وزير الحربية الخاص بالحزب فؤاد شكر.. الاغتيال اعترفت به اسرائيل، وبعده بساعات تم اغتيال اسماعيل هنية فى عقر دار ايران التى توعد مرشدها ايضا بالرد القاسي، وحتى الان لم يتم الرد الايرانى الا من خلال حزب الله باطلاق العديد من المسيرات التى اثبت فيها الحزب انه قادر على الوصول الى حدود تل ابيب.
>> تعددت الاسباب والهدف واحد ..ايران واسرائيل وحزب الله وامريكا والقوة الغربية لا تريد للحرب ان تتسع لتكون حرباً شاملة… لانه بمنطق التكتيك الاستراتيجي، اسرائيل لا تريد ان تفتح اكثر من جبهة فى وقت واحد.. تريد ان تقضى أو تنتهى أولا من جبهة غزة وحماس من وجهة نظر رئيس وزرائها نتنياهو.. ثم بعد ذلك قد تتفرغ الى حزب الله فى حرب ثانية.. لكنها لا تريد ان تفتح عدة جبهات فى وقت واحد المهم ان حجم الاحلام والطموحات لدى الشعوب العربية فى رد حزب الله على اسرائيل لم يتم… وايران حتى الان لم تخرج على قواعد اللعبة..
المهم ان فى الايام الاخيرة هذا الاستفزاز الاسرائيلى لم يتم الرد عليه بشكل يرضى احلام الشعوب العربية…!!
** نعم ايران قد تكون لها اهداف اخرى فى عدم التصعيد من اسرائيل حتى تنتهى من صناعة خمس قنابل نووية فى عام 2025 وحتى لا تعطى اسرائيل مبررا اخر لضرب او لمنع او لعرقلة انتاج هذه القنابل النووية.. كما يروج البعض وقد يصل الشطط وكل شيء للأسف قابل للتصديق.. انها تنفذ صفقات مع تل ابيب واشنطن .. المهم ان الصراع مستمر وسيستمر مع وجود ايران او بدونها، لانه ببساطة صراع وجود وليس صراع حدود واعتقد ان هناك مكاسب لكل الاطراف.. حزب الله ارسل رسالة انه قادر على الوصول الى تل ابيب… واسرائيل ارسلت رسالة انها قادرة على ضرب لبنان وجنوبه، ان حزب الله فى حربه الاخيرة مع اسرائيل اجبرها فى النهاية ان تلتزم بما يريد بعد ان تم تهجير كل المستوطنين على الحدود الشمالية.
فى نفس الوقت اسرائيل تدرك انها لا تستطيع ان تنتصر فى حروب ما يمكن تسميته حروب المدن والانفاق.. او حروب العصابات ولدينا المثال الان فى غزة وحروبها المتعددة مع حزب الله… اسرائيل رغم تدميرها غزة لم تستطع ان تحسم الحرب او الصراع لصالحها.. صحيح مات الاف الشهداء.. صحيح جرح الاف الجرحي.. نعم دمرت البيوت.. لكنها لم تهزم أو تدمر الروح المعنوية للشعب الفلسطينى ان ايران وهذا حقها كحق اى قوة إقليمى هى اللاعب الماهر والكاسب فى هذه الحرب.. تدير الصراع طبقا لمصالحها، طبقا لاولويتها، طبقا لمشروعها، تستخدم اذرعها سواء كانت فى لبنان او فى اليمن او فى العراق او فى سوريا لدغدغة المشاعر العربية!!
الخاسر الوحيد فى هذه الحرب لا يمكن ان يكون هو اسرائيل ولا يمكن ان تكون ايران او لبنان.. الكل خاسر والكل كاسب فى نفس الوقت.. لكن المهم هو المكسب الاخير، او كما يقول المثل من يضحك اخيرا.
وهذا هو القدر المحتوم فى تاريخ الشعوب المحتلة.. مهما طال امد المستعمر او طال أمد الاحتلال فانه الى زوال.
«نبيل العربي»
فقدنا قامة من قامات الدبلوماسية المصرية السفير والقانونى دكتور نبيل العربى امين العام السابق لجامعة الدول العربية وسفير مصر فى العديد من دول العالم ومندوبها فى الامم المتحدة بعد رحلة استمرت ما يقرب من 89 عاما… نبيل العربى واحد من المشاركين بدور مهم فى المفاوضات فى كامب ديفيد مع العدو الإسرائيلى وفى كل المفاوضات مع اسرائيل وخبرته القانونية باعتباره من خريج كلية الحقوق افادته فى عمله الدبلوماسى كثيرا.. ليكون وزيرا للخارجية ثم اختياره اميناً عاماً لجامعة الدول العربية فى وقت حرج بعد ثورات الربيع العربى خلفا للمخضرم عمرو موسي، وكانت امامه تحديات صعبة فى كيفية مواجهة الاخطار والسيناريوهات التى تحيط بالمنطقة ومحاولة تمزيقها وتشتيتها الى دويلات صغيرة وانهيار بعض الانظمة.. وكانت المهمة ثقيلة وصعبة لكنه استطاع خلال الفترة التى تولى فيها جامعة الدول العربية ان يتولى قيادة السفينة بشكل ما.. قد يرضي، أو قد لا يرضى البعض.. لكن فى النهاية حقق القدر المتاح من حفظ اجزاء من السفينة من الانزلاق الى مخاطر التشتت والانهيار.. نبيل العربى رحمة الله عليك.