جمهور مسلسلات رمضان كان على موعد مع المسلسل الجديد للكاتب الكبير عبدالرحيم كمال الذى شاهدنا له العام الماضى مسلسل «الحشاشين»، وهذا العام يقدم لجمهوره مسلسل «قهوة المحطة» واحد من أجمل إنتاجات الشركة المتحدة فى رمضان من إخراج إسلام خيري، وينتمى للدراما البوليسية التى تبحث فى كشف غموض جريمة قتل وقعت داخل «قهوة المحطة» لشاب من الصعيد اسمه «مؤمن» أنهى دراسته الجامعية وجاء إلى القاهرة يسعى وراء حلم التمثيل لكنه لم يكن يعلم بأن نهاية مأساوية تنتظره.
يعتبر الفنان أحمد خالد صالح هو البطل الحقيقى للمسلسل، حيث قام بدور ضابط المباحث «عمر» الذى يبحث طوال الحلقات الخمسة عشر عن قاتل «مؤمن»، وفى رحلة البحث تلك يلتقى مع عدد كبير من الشخصيات التى أجاد المؤلف كتابتها بكل التفاصيل الدرامية الدقيقة والتى جعلت من المسلسل «بانوراما» للواقع المصرى من خلال شخصيات يغلب عليها الطابع التراجيدى بحكم طبيعة الحدث الرئيسى للمسلسل.
وتكون البداية دائما من أقرب دائرة محيطة بالشاب القتيل ومنهم والده «الصاوي» علاء مرسى وأمه «لبنى ونس» وحبيبته شروق «فاتن سعيد» وهى وجه جديد ينتظرها مستقبل كبير، وقام الفنان الشاب أحمد غزى بدور «مؤمن» ببراعة وقد شاهدناه من قبل فى مسلسل «الاختيار» مع النجم كريم عبد العزيز والمخرج بيتر ميمي.
يمثل «مؤمن» الحلم المستحيل وهو حلم التحقق لآلاف الشباب ليس فقط الحلم بالتمثيل بل السعى وراء النجاح والتغلب على المزيد من العوائق فى مواجهة يومية صعبة، تحتاج الشجاعة والاصرار وتنمية الموهبة والبدء من أنصاف الفرص، ومؤمن لم يجد البيئة الحاضنة الطبيعية بل وجد نفسه وسط مجموعة من الفاشلين المحبطين الذين اندهشوا من قدرته على الحلم وإيمانه بذاته وإصراره على عدم التخلى عن أحلامه.
وراء كل شخصية من شخصيات المسلسل أسرار مرتبطة بعدم القدرة على تحقيق الحلم، فالحاج رياض معلم القهوة كان يحلم بأن يكون أبا واذا به يسرق طفلا من أسرته ويقوم بتربيته ويكبر ويتخرج فى الجامعة ويعرف الحقيقة ويبتعد عن والده المزيف، وقام الفنان الكبير بيومى فؤاد بدور الحاج رياض وهو واحد من أقوى أدواره وقد رزقه الله بعد ذلك بأبن من صلبه ولكنه أدمن المخدرات ولم يفلح فى الدراسة وهذه من مفارقات الحياة وتصاريف القدر.
تعتمد معظم المسلسلات على قصة واحدة أساسية تصاحبها مجموعة من القصص الفرعية، ولكن عبد الرحيم كمال فى مسلسل «قهوة المحطة» يقدم بانوراما من القصص القصيرة مثل قطع الموزاييك التى تشكل لوحة تمثل الواقع الاجتماعى المصري، ونشاهد «العربيد» مثل الملك «رياض الخولي» و»العاشق المجنون» مثل خليفة والد شروق و»شوكة» الحرامى والست جورجيت «هالة صدقي» التى لم تنقطع عن فعل الخير رغم فقدها لأبنها الوحيد الذى تاه فى الزحام.
شخصيات المسلسل جمع غفير من البؤساء الذين يتحايلون على الدنيا بالخير والشر على أمل أن يكون لهم مساحة من الوجود الطبيعى فى هذه الحياة، ولكن هذا الحلم ليس من السهولة تحقيقه لأن الانسان يجب أن يدفع الثمن مقدما ليحقق حلمه ويجد له مكانا فى هذا الوجود.