وقف الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون خلال القمة العالمية للذكاء الاصطناعى التى عقدت فى باريس مؤخراً ليعرض مجموعة من مقاطع الفيديو الساخرة المزيفة لنفسه فى الأفلام والمسلسلات التليفزيونية الشهيرة على وسائل التواصل الاجتماعى التى عولجت عن طريق الذكاء الاصطناعي، بينما وقف نائب الرئيس الأمريكى فانس ليعارض التوجهات المطالبة بوضع قيود أو ضوابط للذكاء الاصطناعى وانتشاره وقال «نرى أن التنظيم المفرط لقطاع الذكاء الاصطناعى قد يؤدى إلى قتل صناعة قادرة على إحداث تغيير، لدينا شعور قوى بأن الذكاء الاصطناعى يتعيّن أن يظل بعيداً عن التحيّز الأيديولوجي، وأن الذكاء الاصطناعى الأمريكى لن يُستخدم بوصفه أداة للرقابة الاستبدادية، وستحافظ قوانيننا على تحقيق تكافؤ الفرص بين شركات التكنولوجيا الكبيرة ونظيرتها الصغيرة وجميع المطورين الآخرين».
>>>
بينما رفضت بريطانيا التوقيع على الاتفاقية خوفاً على الأمن الوطنى البريطانى والحوكمة العالمية، وهنا أتذكر المقال الذى كتبه هنرى كسينجر قبل وفاته بعوان القوة التدميرية للذكاء الاصطناعي، واهتمت الأمم المتحدة لأول مرة بوضع ضوابط تنظيمية للذكاء الاصطناعي، لكن الولايات المتحدة تقف الآن ضد أى محاولات لكبح جماح الطموحات الرقمية التى تذهب بنا بعيداً حتى عن الخيال العلمي، فهل ينجح رواد وادى السليكون فى جعل تطويع الآلة والروبوت يشعر، ويحب ويكره؟ ويتخذ قرارات مصيرية بعيداً عن إرادة بنى اليشر؟ اقر أصبحنا أسرى خلف أسوار غير موجودة، نتحرك على أرض رخوة ونصعد فوق سلالم وهمية ونقفز فى الهواء بحثا عن النجوم المتحركة فى بلاهة شديدة، نحفظ كل أسرارنا داخل خزائن مفتوحة من كل الجوانب ومتاحة فى كل الأوقات لكل الأعداء.
>>>
نهمس فيما بيننا بصوت منخفض حتى لا يسترق السمع أحد هؤلاء المتطفلين، ونحن لا ندرى أن همسنا هذا يتحول إلى صوت زاعق على الجانب الآخر من النهر، نكتب بعض العبارات ونسارع فى محوها خوفاً من هؤلاء المتطفلين ونحن أيضاً لا ندرى أن ما نكتبه يبث على الهواء مباشرة ودون استئذان، نحتاط عندما يكون الأمان سنة ونأمن حينما يكون الاحتياط فريضة ونسهب فى غير مواضع الاسهاب ونختصر حينما يكون الشرح ضرورة، فما أعقد بنى البشر وما أتعسهم رغم كل ما يبدو من مباهج الحياة، الإنسان قرينه دائماً كان القلق فمن مهده إلى لحده والقلق هو القاسم المشترك فى كل المراحل، وجاءت التكنولوجيا وعمت ثورتها واختصرت الزمن واعتمد عليها الإنسان اعتماداً غير مشروط، سهلت التكنولوجيا حياة الناس فى معاملاتهم المادية وحتى علاقاتهم الإنسانية،
>>>
أغرت التكنولوجيا بنى الإنسان بالراحة التامة والرفاهية المفرطة بتقديم الروبوتات التى تجعل الإنسان يستغنى عن الإنسان ويستبدله بآلة – مجرد آلة- حتى ظهر الذكاء الاصطناعى وتمدد فى فضاء الأحلام وخمول العقول، الآن يبحثون عن تجهيز الروبوتات لتكون مدعومة بالمشاعر! بمعنى أن الروبوت يمكنه أن يغضب ويفرح وينتقم ويحب ويكره ويتخذ قرارات قد تصل إلى درجة القتل! ملايين الوظائف ستختفى وملايين البشر سيفترشون المقاهى وستنتشر البطالة بين الشعوب الخاملة والنائمة، ستتحكم التكنولوجيا فى مزاج الناس ومعنوياتهم وستقوم بترتيب أولوياتهم وتدفعهم إلى اتخاذ قرار ما فى اتجاه ما فى لحظة ما، اتذكر يوم غضبت آلهة التكنولوجيا فى وادى السليكون على رئيس أمريكا دونالد ترامب منعوا عنه الماء والهواء وأغلقوا حساباته على كل المنصات وتم عزله عن قواعده الجماهيرية.
>>>
معنى ذلك ان التكتولوجيا باتت أقوى من السياسة وبات ملاك هذه الشركات يتحكمون فى الساسة والحكام! الحقيقة أن أحداً لا يمكنه التنبؤ بالمحطات المستقبلية التى يمكن لقطار التكنولوجيا أن يصل اليها، فالقفزات متسارعة وبشكل لا يستطيع العقل أن يستوعبها أو يتفاعل معها، فالإنسان هو الذى يحفر قبره بيده وهو لا يدري.