قنبلة «من العيار الثقيل» ألقى بها قبل أيام فى «محيط العمليات العامة».. الإقليمى والعالمي.. رئيس وزراء إسرائيل الأسبق «إيهود أولمرت».. لقد كشف «أولمرت» فى «مقال» له نشره فى صحيفة «ها آرتس» الإسرائيلية عن أخطر أهداف «حكومة بنيامين نتنياهو» والتى تتجاوز وتتعدى حدود «حرب الإبادة الجارية الآن فى غزة» إلى «حرب إقليمية كبري» أوسع وأشمل «على مختلف الجبهات» والقضاء التام على القضية الفلسطينية وسحق أى «مشروع» يسعى إلى إقامة دولة فلسطينية.. هذا «الكلام» عندما يصدر عن شخص تولى «رئاسة حكومة إسرائيل» من قبل فيجب التوقف أمامه جيداً وقراءة رسائله «الظاهرة» وكذلك «المبطنة» جيداً.. لأن القراءة الجيدة فى مثل تلك المواقف والظروف تعد أحد أهم عوامل الوصول إلى «تقدير موقف» سليم.. لكل ما يجرى فوق «مسرح الأحداث» فى الإقليم والعالم.
قال إيهود أولمرت فى «مقاله» والذى اختار له عنوان «شركاء نتنياهو فى الائتلاف يريدون حرباً إقليمية شاملة.. وغزة ما هى إلا خطوة أولي».. قال أولمرت وفقاً «للنسخة المترجمة» من قبل بعض وسائل الإعلام العالمية: إن «الهدف» هو تطهير الضفة الغربية من سكانها الفلسطينيين والمسجد الأقصى من المصلين المسلمين وضم تلك الأراضى إلى إسرائيل.. إن مسعى نتنياهو وعصابته لن يتحقق دون صراع عنيف واسع النطاق ربما يقود إلى «هرمجدون» أو حرب شاملة تريق دماء اليهود داخل إسرائيل وخارجها وكذلك دماء الفلسطينيين.. إنها الكارثة.
وأضاف أولمرت: إن حرب «هرمجدون» ستشمل غزة والقدس والضفة الغربية والحدود الشمالية لإسرائيل بما يعطى الانطباع بأن الإسرائيليين يقاتلون فى «حرب البقاء».. ومن غير المستبعد أن يتم تفكيك الحكومة وطرد رئيس الوزراء فى المرحلة الحالية ليتولى أفراد «العصابة» شئون إسرائيل.. إن «الهدف الأسمي» لهذا «الثنائى المتطرف» فى حكومة نتنياهو.. وزير الأمن القومى إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش.. ليس احتلال قطاع غزة.. لأن الهجوم الإسرائيلى المستمر على غزة هو مجرد «خطوة» فى خطة حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتطهير الضفة الغربية من الفلسطينيين.. إن بن غفير وسموتريتش قررا التضحية بالرهائن لوأد فكرة إنهاء «الحملة العسكرية».. إن ما يريده شركاء نتنياهو من استمرار العمل العسكرى هو «جر إسرائيل» إلى «رفح» ما يعرض «اتفاق السلام» بين إسرائيل ومصر للخطر «بشكل ملموس وفوري».
إذا سلمنا أن «القنبلة» التى ألقى بها إيهود أولمرت هى قنبلة «تحذيرية كاشفة» وليست «قنبلة دخان» للتغطية والتمويه على «أمر ما» يشارك الإسرائيليون جميعاً و»الغرب الرسمي» فى تنفيذه.. إذا سلمنا بذلك فإننا نقول إن أولمرت لم يقل أو يكشف إلا جانباً يسيراً من «الحقيقة» وأن أبرز شيء لم يقله أولمرت هو أن ليس نتنياهو وحكومته هم فقط «العصابة».. كما أطلق عليهم أولمرت فى مقاله.. إنما «إسرائيل كلها» ومن يدعمها ويمولها هم «العصابة الكبري».. والذى يؤكد ذلك أحدث استطلاع للرأى أجراه «المعهد الإسرائيلى للديمقراطية» حول رأى «المجتمع الإسرائيلي» فى إقامة دولة فلسطينية.. حيث كانت نتيجة هذا الاستطلاع أن «غالبية الإسرائيليين» يرفضون فكرة الدولة الفلسطينية.. إن «إسرائيل» بتكوينها العام والذى يشمل كافة «الأطياف» قائمة على عقيدة «محو كل ما هو فلسطيني» وعدم «الإيمان» بإحلال «سلام حقيقي» فى المنطقة.. «إسرائيل» لم تتغير منذ «نشأتها» ولن تتغير.. هى «تتلون» وفقاً للظرف والمناسبة.. حسب الزمان والمكان.. لكن تظل أهدافها القديمة «كلها» على أهبة الاستعداد تنتظر «اللحظة المواتية» لتنتقل إلى «حيز التنفيذ»!!
ماتفعله «إسرائيل» فى غزة «أمام أعين العالم» أدى إلى إحداث «حالة مجتمعية شعبية عامة» فرضت نفسها على امتداد «الكرة الأرضية».. هذه الحالة لم تحدثها أى حرب من قبل.. بما فى ذلك الحرب العالمية الثانية والتى تصدرت قائمة الحروب التى عرفها البشر من حيث «أعداد القتلي».. مجازر إسرائيل فى غزة دفعت «شعوب الأرض» إلى القيام بأفعال كانت حتى وقت قريب «من سابع المستحيلات»!!
قرأت.. وسمعت.. وشاهدت «عبر وسائل الإعلام» ما أقدم عليه «الجندى الأمريكي» آرون بوشنل «الأحد الماضي» من إشعال النار فى جسده أمام «السفارة الإسرائيلية» فى واشنطن اعتراضاً ورفضاً واحتجاجاً على «حرب الإبادة الجماعية» ضد الشعب الفلسطينى فى غزة.. لقد سجل التاريخ.. والجغرافيا أيضاً.. هذه الكلمات التى كانت آخر ما تكلم به هذا الجندى الأمريكى قبل أن يفارق الحياة متأثراً «بحروقه».. قال آرون بوشنل: «اليوم أخطط للمشاركة فى عمل احتجاجى شديد ضد الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني.. أنا عضو نشط فى القوات الجوية للولايات المتحدة.. ولن أكون متواطئاً بعد الآن فى الإبادة الجماعية.. أنا على وشك الانخراط فى عمل احتجاجى شديد.. سأفعل فى نفسى أبشع شيء.. لكن مقارنة بما شهده الناس فى فلسطين هذا ليس متطرفاً على الإطلاق.. هذا ما قررت طبقتنا الحاكمة أنه سيكون أمراً طبيعياً».. أمام «السفارة الإسرائيلية» فى واشنطن سكب «الجندى الأمريكي» مادة سريعة الاشتعال على نفسه وأشعل النار فى جسده وهو يصرخ «الحرية لفلسطين».. ثم مات!!
«آرون بوشنل».. منذ «تلك اللحظة» صار «أيقونة عربية».. نعم «عربية».. تجبر وتلزم كل من يدافع عن «الحق الفلسطيني» أن يمنح شخص واسم هذا الجندى الأمريكى المكانة التى يستحقها.. إن ما فعله آرون بوشنل أمام السفارة الإسرائيلية فى واشنطن سجله التاريخ بالفعل كعلامة بارزة ونقطة تحول كبرى فى إحداث تغيير غير مسبوق فى نظرة العالم إلى القضية الفلسطينية وآلية تعاطيه مع الحق الفلسطيني.. علينا كعرب أن نتعامل مع هذا الجندى الأمريكى كرمز تاريخى وعالمي.. وإذا كان «تشى جيفارا» يرمز أو يمثل حالة معينة فى «القرن العشرين».. فعلينا كعرب التعامل مع «آرون بوشنل» كأيقونة خاصة فى «القرن الواحد والعشرين» يرمز ويشير إلى عدالة قضيتنا الفلسطينية التى «تآمرت» عليها كافة قوى الاستعمار «القديم والحديث».. لأن الله جل فى علاه.. قدرته لا حدود لها ورحمته وسعت كل شيء.. فإننى أدعوه سبحانه وتعالى أن يرحم الجندى الأمريكى آرون بوشنل ويغفر له.. فلسطين.. أرض الأقصي.. أرض المحشر.. أرض المسري.. مسرى حبيبنا وسيدنا محمد رسول الرحمة والإنسانية.. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
من خرج فى طلب العلم كان فى سبيل الله حتى يرجع.. صدق حبيبنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.. اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم فى العالمين انك حميد مجيد..اللهم بارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم فى العالمين انك حميد مجيد.. وصلى الله على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم