قمة مهمة في توقيت صعب، وهو ما يفرض قرارات واضحة تعكس القوة والتوحد العربي، لأن ما شهده العالم طوال السنوات الماضية يؤكد أن اللغة السائدة الآن هي القوة ومن يمتلك مقومات القوة الرادعة بكل أشكالها والقدرة على استخدامها هو من يحقق أهدافه ويحمي أمنه ومصالحه.
والأمة العربية الآن في بؤرة الخطر وأمنها القومى مهدد بشدة، سواء من خلال الصراعات التي تنتشر في عدد من الدول العربية وتفقدها استقرارها، أو الحرب على غزة ومخطط التهجير للفلسطينيين والذى لم يعد هناك من يجهله، لأنه معلن سواء من دولة الاحتلال أو الإدارة الأمريكية، والمستهدف من هذا المخطط ليست فلسطين فقط، بل الأمة العربية بكاملها وأرضها، ولهذا فلا بديل عن توحيد الموقف والقرار العربي، ليسمع ويقرأ العالم رسالة العرب الواضحة، ويدرك أن هناك أمة لها موقف ولا تسمح لأحد بالاقتراب من أراضيها وخطوطها الحمراء.
القمة العربية اليوم بالقاهرة فارقة بمعنى الكلمة خاصة وأن مستوى الحضور والمشاركة كبير ورفيع المستوى ومصر ستعرض خطتها للإعمار دون تهجير للفلسطينيين لإقرارها من القادة العرب كما سيكون في القرارات ما يرد على كل أحاديث ومقترحات التهجير أو إدارة قطاع غزة من غير أهل فلسطين، وكذلك الرد على التعنت الإسرائيلي في مواجهة حقوق الشعب الفلسطيني، ومحاولة تجويعه.
المشهد واضح أمام القمة والأجواء مناسبة تماماً لصدور قرارات معبرة عن الغضب العربي من الجرائم الإسرائيلية والانحياز الأمريكي والغربي، بالتأكيد لا يمكن أن نتصور أن تصل قرارات القمة إلى نهاية الطريق فالعلاقات بين الدول لا تسير بهذا الأسلوب فهناك مراحل وكلمات وإشارات يمكن أن توجه رسائل قاطعة، لكن بأسلوب يليق بالدول، هذا أمر طبيعي لكن في الوقت نفسه أعتقد أن المطلوب الآن لغة عربية تؤكد الرفض التام لكل المخططات، وأن التصدى لها سيكون قوياً، وأن الأمن القومى العربي غير قابل للتهاون، وكل الأراضى العربية ليست مجالاً للحديث أو التفاوض أو المخططات.
وهناك أرضية صلبة تسمح بصدور مثل هذه القرارات، وفى مقدمتها الموقف المصرى القاطع منذ البداية والرافض تماما للتهجير، والرافض كذلك لكل جرائم الإبادة التي ترتكبها قوات الاحتلال وهذا الموقف المصرى يبنى عليه الفلسطينيون أنفسهم صمودهم ضد المخطط.
وكذلك الموقف الأردنى المتوافق مع مصر، وأيضا الموقف السعودي، وما جرى في القمة السباعية الأخوية بالرياض.
وقد جهزت مصر خطة إعمار شاملة، بكافة مراحلها وتكلفتها وهدفها التعافى السريع للقطاع لقطع الطريق على من يديرون مخطط التهجير.
الخطة المصرية قابلة للتنفيذ من أول يوم المطلوب لها دعم عربي ضخم، وكذلك التحرك لإيجاد دعم دولي، ولن يكون هذا إلا بوجود موقف عربي واضح وهذا ما ننتظر أن يصدر عن القمة التي يمكن وصفها بالأهم طوال أكثر من 70 عاما.
وليست الشعوب العربية والفلسطينيون وحدهم الذين ينتظرون ما سيصدر عنها بل العالم كله ليروا كلمة العرب في هذا الوقت الحرج.