بحث الأوضاع فى غزة.. وتنفيذ الخطة العربية لإعادة الإعمار.. وما يحدث بلبنان وسوريا.. والاستقرار بالمنطقة
8.3 مليار دولار حجم صادراتنا إلى فرنسا خلال عشر سنوات
منذ تولى الرئيس السيسى شهدت علاقات «القاهرة – باريس» تقارباً كبيراً وتوافقاً فى الكثير من القضايا
من المنتـــظر أن يســـــتقبل السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى صباح غد الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون الذى يصل القاهرة اليوم فى زيارة يناقش خلالها الزعيمان سبل دعم وتعزيز العلاقات الثنائية وترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين على غرار الشراكة القائمة بين مصر والاتحاد الأوروبى، وتوقيع عدد من الاتفاقيات فى المجالات الاقتصادية والأكاديمية ومذكرات تفاهم بين جامعات مصرية وفرنسية.. بالإضافة إلى مناقشة الأوضاع فى المنطقة وما يحدث فى غزة وسبل وقف الحرب وتنفيذ خطة إعادة الإعمار العربية للقطاع وكذلك تطورات الأوضاع فى سوريا ولبنان وسبل تحقيق السلام والأستقرار.
كما يتوجه الرئيس ماكرون بعد غد «الثلاثاء» إلى مدينة العريش ويزور ميناء العريش بهدف تسليط الضوء على ضرورة وقف اطلاق النار باعتبار الميناء هو المركز اللوجستى الرئيسى لادخال المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر معبر رفح.
كما سيتم خلال الزيارة التباحث حول عقد قمة ثلاثية مصرية فرنسية أردنية.. ويرافق الرئيس ماكرون فى زيارته وفد وزارى رفيع يضم وزراء الخارجية جان نويل بارو والدفاع سيباستيان ليكورنو والاقتصاد أريك لومبار والصحة كاثرين فوتران والتعليم العالى والبحث العلمى فيليب بايتست والنقل فيليب تاباور.
لقاء الرئيس السيسى مع ماكرون سيكون الثانى عشر بين الزعيمين على مدار السنوات الماضية والتى شهدت تقاربًا كبيرًا بين البلدين وتوافقًا فى الكثير من الملفات فقد أكدت اللقاءات المصرية الفرنسية تقارب المواقف بين البلدين إزاء القضايا المشتركة.. وزاد التقارب والتوافق حول كثير من القضايا منذ تولى الرئيس السيسى وتوطدت العلاقات على مستويات عدة سياسية واقتصادية وعسكرية وثقافية أيضا.. وقد اتخذت الدولتان مواقف مشتركة من بينها اتفاق القاهرة وباريس على خلق تعبئة دولية من أجل محاربة المنظمات الإرهابية التى تهدد الأمن الإقليمى والعالمي.
وخلال السنوات الماضية كان هناك توافق مصرى فرنسى أيضًا على عدد من القضايا منها الدعوة لاستئناف مفاوضات السلام لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 حيث شدد البلدان على ضرورة دعم مفاوضات السلام والتأكيد على الحل السياسى للأزمة الليبية حيث اتخذ البلدان مبادرة أكدت تمسك الدولتين بوحدة الأراضى الليبية وسلامتها والانخراط فى طريق الحوار برعاية الأمم المتحدة كما كان هناك توافق على تعزيز التعاون فيما بينهما لتحقيق السلام والأمن فى منطقتى الساحل والصحراء.
ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة كان التوافق المصرى الفرنسى على ضرورة وقف اطلاق النار وانفاذ المساعدات إلى غزة وانهاء الأزمة والتأكيد أيضا على حل الدولتين باعتباره الحل الوحيد والطريق الأمثل للسلام كما استطاعت مصر أن تقنع فرنسا بالدعم لرفض مخطط تهجير الفلسطينيين.
العلاقات المصرية ــ الفرنسية تقوم على روابط تاريخية مميزة تستند إلى الصداقة والثقة المتبادلة ونمت هذه الروابط بشدة خلال فترة حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى حيث حرصت القيادة السياسية فى البلدين على التشاور المستمر وبحث كل القضايا ذات الاهتمام المشترك والحوار السياسى الوثيق بشأن القضايا الإقليمية ،كما تعد مصرــ فرنسا شريكًتان فى مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية ولعل الزيارات الثنائية رفيعة المستوى والتى تمت بوتيرة زيارة فى السنة تقريباً على مستوى رئاسة الدولة لأبرز دليل على عمق وقوة العلاقات السياسية بين الدولتين والتشاور المستمر فى كافة الملفات بل والتقارب الكبير فى العديد من القضايا الدولية والإقليمية .
كما أن التعاون العسكرى شهد خلال السنوات العشر الأخيرة تنامياً بين مصر وفرنسا، سواء فى المناورات والتدريبات المشتركة، أو الحصول على أسلحة وقطع عسكرية من فرنسا، أبرزها الرافال وحاملة الطائرات والفرقاطات والانتقال إلى التطبيع العسكرى المشترك.
ولا تقل العلاقات على المستوى الاقتصادى بين البلدين أهمية عن العلاقات السياسية، والذى تم ترجمته بإنشاء المجلس الرئاسى المصرى الفرنسى فى 25 إبريل 2006 والذى عمل منذ إنشائه على دعم التعاون الاقتصادى والتجارى بين البلدين ونقل الخبرات والتكنولوجيا الصناعية لدى الجانب الفرنسى إلى كافة الجهات المصرية المعنية.
وتمثل فرنسا شريكاً اقتصادياً بالغ الأهمية لمصر كما تعد مصر أكثرجذبًا للاهتمام بالنسبة للشركات الفرنسية كما تعزز فى الآونة الأخيرة حجم التعاون الاقتصادى والتبادل التجارى بين البلدين بفضل الاتفاقيات التى أبرمت بين الجانبين وحجم الاستثمارات الفرنسية فى مصر وتنوعها وتشمل أهم الصادرات المصرية إلى السوق الفرنسى «الخضروات والنباتات، والفاكهة والحمضيات والأسمدة والزيوت العطرية وأشغال الكروشية، والملابس والنسيج، والألومنيوم، وبعض الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية».
وتستورد مصر «الحبوب والمنتجات الكيميائية العضوية ومنتجات الصيدلة، وكذلك الزيوت العطرية والمنتجات الكيميائية المتنوعة والألومنيوم ومصنوعاته والمفاعلات النووية، وآلات وأجهزة ومعدات كهربائية، وأدوات وأجهزة للبصريات».
وسجلت قيمة التبادل التجارى بين مصر وفرنسا أرقاماً كبيرة حيث شهدت العشر سنوات الماضية وفق جهاز التعبئة العامة والاحصاء صادرات مصرية لفرنسا بنحو 8.3 مليار دولار، وكشفت الأرقام أن معدلات التبادل التجارى تتصاعد بين البلدين بشكل جيد.
كما أن فرنسا جزء من الاتحاد الأوروبى الذى بلغ حجم التبادل التجارى بين مصر وبينه نحو 37 مليار دولار عام 2024.
الاستثمارات الفرنسية فى مصر
وبلغت قيمة الاستثمارات الفرنسية فى مصر 7.2 مليار يورو فى أكثر من 180 مشروعاً توفر نحو 50 ألف فرصة عمل فى قطاعات التصنيع والاتصالات، إلى جانب 900 شركة بها مساهمات فرنسية ومن أهم القطاعات التى تعمل بها الشركات الفرنسية هي: المعدات والأجهزة الكهربائية والسيارات والصناعات الغذائية والصناعات الدوائية ومستحضرات التجميل والصناعات اللوجستية والتوزيع والسياحة.
ويتوقع الاقتصاديون أن تتجاوز الاستثمارات الفرنسية بمصر 8 مليارات دولار نهاية 2025، وتضم السوق المصرية 940 شركة فرنسية، تعمل فى مجالات البنية التحتية والبنوك والتأمين والطاقة والنقل والاتصالات.
وترتبط الثقافتان المصرية والفرنسية بشكل وثيق عبر التاريخ وظهر ذلك بشكل كبير فى تأثر كثير من المثقفين المصريين والفرنسيين بالحضارة الإنسانية والإبداع الثقافى والفنى الموجود فى البلدين.
ومن أبرز اشكال الاهتمام المصرى بالتعاون الثقافى مع باريس، مشاركة مصر فى معهد العالم العربى بباريس، وهو مركز ثقافى جاء ثمرة تعاون بين فرنسا وبين اثنين وعشرين بلداً عربياً، ويغدو هذا المعهد اليوم «جسراً ثقافياً» حقيقياً بين فرنسا والعالم العربي.
– وعندما رشحت مصر د.خالد العنانى لمنصب مدير عام اليونسكو أعلنت فرنسا دعمها له واستقبله الرئيس ماكرون على هامش قمة حوارات روما المتوسطية.
أما عن الإسهام الأثرى للدبلوماسية الفرنسية فى مصر، فقد كان قديماً ومنتظماً عبر العصور، وقد ساهمت البعثات الفرنسية كثيراً فى رفع مستوى التنقيب الأثرى فى مصر.
.ويعد المعهد الفرنسى فى مصر من أبرز جسور الاتصال بين الحضارتين العريقتين، وقد نجح خلال العقود الأخيرة فى تنشيط التعاون بين البلدين، ويملك المعهد ثلاثة فروع فى القاهرة والإسكندرية ومصر الجديدة.
ويتمثل الحضور الفرنسى فى مجال البحوث فى القاهرة بوجه خاص فى معهد البحوث بشأن التنمية ومركز الدراسات والوثائق الاقتصادية والقانونية والاجتماعية اللذين تتناول أعمالهما اختصاصات العلوم الإنسانية والاجتماعية واللذين تتمحور أنشطتهما البحثية، ثلاثة موضوعات وهى الحوكمة والسياسات العامة والتطور المدنى وتحسين حركة النقل، والإنسانيات الرقمية.
وكانت فرنسا شريكاً أساسياً فى إنقاذ معابد النوبة من خلال وزير الثقافة الفرنسى الأسبق أندريه مالرو وعالمة المصريات كريستيان ديروش نوبلكور اللذين كانا لهما دور كبير فى توعية المجتمع الدولى بضرورة التحرك للحفاظ على هذه الآثار وخاصة منظمة اليونسكو التى استجابت وقادت حملة دولية هى الأكبر فى تاريخها.
وتعد فرنسا من أكثر الدول المتواجدة أثرياً فى مصر من خلال بعثات دائمة مثل المعهد الفرنسى للآثار الشرقية بالمنيرة ومركز الدراسات المصرية الفرنسية بالكرنك ومركز الدراسات السكندرية أو من خلال بعثات تتخطى أعدادها 30 بعثة من خلال الجامعات والمركز القومى للبحث العلمى فى فرنسا ووزارة الخارجية والمتاحف مثل متحف اللوفر.
ويشهد التعاون الثقافى المصرى الفرنسى تطوراً كبيراً، فهناك آلاف الطلاب يدرسون فى حوالى 13 شعبة لغة فرنسية فى العديد من الجامعات بمصر اضافة إلى الآلاف من الدارسين فى المعهد الفرنسـى بمصر و2000 دارس مصرى فى فرنسا حالياً.