لم تكن القمة العربية الإسلامية التى عقدت بالرياض أخيراً عادية أوعابرة بل يمكن وصفها بـ «التاريخية والمصيرية» لأنها جاءت فى وقت خطير سيحدد مصير منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات المقبلة نتيجة الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، والتداعيات المتوقعة لها خصوصاً بعد وصول الرئيس دونالد ترامب لسدة الحكم فى الولايات المتحدة، ولذا جاءت رسائل القمة واضحة لتعبرعن موقف واحد لهذه الدول وتأكيد على تبنيها لموقف واحد لإنهاء الصراع العربى الإسرائيلى بعد سنوات من فقدان الثقة وعدم التوصل إلى اتفاق يرضى جميع الأطراف، ويمكن القول إن الرسائل التى أعلنت عنها القمة فى نهايتها جاءت مباشرة لجميع الأطراف المؤثرة فى الصراع وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً مع تشكيل ترامب إدارة جــديدة تتســلم مسؤولياتها فى 20 يناير المقبل، ولذا أكد البيان الختامى للقمة على القرارات التى صدرت عن القمة المشتركة الأولى التى عقدت فى نوفمبر العام الماضي، وفى مقدمتها تجديد «التصدى للعدوان الإسرائيلي» على قطاع غزة ولبنان، فضلاً عن إنهاء تداعيات العدوان على المدنيين، ومواصلة التحرك بالتنسيق مع المجتمع الدولى لوضع حد للإنتهاكات الإسرائيلية الخطيرة للقانون الدولى والقانون الإنساني، وتعريض إسرائيل السلم والأمن الإقليميين والدوليين للخطر.
حذر الرؤساء والملوك والقادة رؤاهم الصادقة ونياتهم العاقلة فى إطفاء نيران الحروب وإحلال السلام، من خطورة التصعيد الذى يعصف بالمنطقة وتبعاته الإقليمية والدولية، ومن توسع العدوان الذى امتد ليشمل لبنان واليمن من انتهاك سيادة العراق وسوريا وإيران دون تدابير حاسمة من الأمم المتحدة وبتخاذل من الشرعية الدولية، مشددين على على أهمية الموقف العربى والإسلامى الموحد فى المساعدة على الوصول لحلول لأزمات المنطقة، وسط إجماع عدد كبير من دول العالم على أن «حل الدولتين» يعتبر بمثابة خريطة طريق لإنهاء كل صراعات المنطقة باعتباره الطريق الوحيد للسلام المستدام لحتمية حل الصراع الفلسطينى الإسرائيلى والعمل على تطبيق القانون الدولى والقانون الدولى الإنساني، وضرورة إيجاد الحلول الجذرية لحقن الدماء فى غزة وإيقاف دبابات الحرب والعمليات العسكرية فى لبنان، وأهمية رسم مسار سياسى سلمى يحدُ من التداعيات الدموية والنزيف البشرى وتهديد الإقليم والعالم.
يأتى ذلك فى الوقت الذى أعلن فيه ترامب عن غالبية المسؤولين الذين ستوكل إليهم المناصب المهمة فى إدارته الجديدة ومن بينهم ماركو روبيو المرشح وزيراً للخارجية، ويعتبر الخيار الأكثر تشدداً على رأس قائمة المختارين لتولى هذه الحقيبة المهمة، فضلاً عن ترشيح بيت هيغسيث، الضابط السابق فى الحرس الوطنى الأميركى ومقدم البرامج فى شبكة «فوكس نيوز»، لتولى منصب وزيرالدفاع، كما أعلن ترامب عن تسمية مايك والتز، النائب عن فلوريدا والعنصرالسابق فى القوات الخاصة، وهو من المتشددين فى ملفات السياسة الخارجية، مستشاراً للأمن القومى فى الإدارة المقبلة، ورجل الأعمال إيلون ماسك رئيس شركتى تسلا وسبيس إكس، فى وزارة «الكفاءة الحكومية»، إلى جانب رجل الأعمال فيفيك راماسوامي، ووصف عدد من المراقبين الشخصيات التى اعتمدها ترامب حتى الآن لتولى المهمات الرئيسة فى إدارته المقبلة بـ «الصقور»، إذ يتفق معظمهم فى المواقف الصلبة تجاه الصين والعلاقة مع روسيا وإيران وكوريا الشمالية، والتعصب فى دعم إسرائيل.
وأقول لكم، إن السؤال الذى يطرح نفسه بقوة الاآن هل يستطيع العرب مواجهة صقور ترامب ومتطرفى إسرائيل فى حال رفضهم للسلام العادل، وإصرارهم على إحتلال أراضِ عربية وضمها لإسرائيل ما يعنى إنهاء القضية الفلسطينية، أرى أن الدول العربية والإسلامية تمتلك من القدرات السياسية والعسكرية والاقتصادية والمكانة الدولية ما يؤهلها للتصدى لهؤلاء المتطرفين.