القمة.. المصرية ـ الأوروبية التى عقدت بالأمس.. وما شملتها من أهداف.. خاصة ترفيع العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية والشاملة.. وما تنضوى عليه من اتفاقيات.. وتعاون فى مجالات كثيرة سواء سياسية.. أو مكافحة الإرهاب والتعاون الاقتصادى والطاقة والصناعة والتكنولوجيا والتعليم والهجرة، تتويج حقيقى لرؤية قائد عظيم.
استثمرت مصر فى علاقاتها الخارجية والدولية وفق سياسات متوازنة تحكمها مجموعة من المبادئ لا تحيد عنها، من احترام متبادل وندية ومصالح مشتركة ترقى إلى حد الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية، والدعوة للأمن والاستقرار والسلام، وتغليب لغة العقل والحوار، وإطفاء نيران الصراعات وإسكات البنادق وتسوية النزاعات وفق حلول سلمية، واحترام سيادة الدول، والدعوة لاحترام مبادئ القانون الدولي، وترسيخ المفهوم الشامل والصادق لحقوق الإنسان.
«مصر ـ السيسى».. ليس بينها وبين أى دولة صراعات أو مشاكل تحترم الجميع، وترحب بالتعاون المتبادل لما يحقق آمال وتطلعات الشعوب، وأستطيع القول إن مصر، أنجزت رصيداً غير محدود، وهو كنز استراتيجى فى علاقات دولية قوية ومثمرة تؤتى ثمارها، وتحقق أهدافها فى كافة المجالات والقطاعات، وتحقق أيضاً الاستفادة المتبادلة وهناك إدراك دولى حقيقى خاصة من القوى الكبرى فى العالم لقيمة ومكانة ودور وثقل مصر وما لديها من قدرات، وفـرص، ومصـداقية، وشرف فى التعامل مع الجميع، وليـس غـريباً على «مصر ـ السيسي» أن تكون لها علاقات قوية وشراكات استراتيجية وآفاق رحبة من التعاون والتفاهم والتنسيق وتبادل الرؤى مع القوى الكبرى فى العالم والتى تدور فى رحى علاقاتها صراعات ومنافسات وأزمات عنيفة، فلا عجب أن تجمع مصر والولايات المتحدة شراكة استراتيجية ممتدة على مدار خمسة عقود، ورغم الأمواج العاتية إلا أنها مازالت تحتفظ بتوهجها وزخم الاتصالات والتنسيق وتبادل المصالح، ومواجهة الكثير من الأزمات الإقليمية والعمل على حلها، وهو نفس الأمر ينطبق على عمق العلاقات والشراكات الاستراتيجية بين مصر ودول الاتحاد الأوروبى وعلى الجانب الآخر نجد علاقات مصر وشراكاتها الاستراتيجية مع الصين وروسيا، ولا عجب أن تكون مصر حاضرة وبقوة فى مجموعة الـ ٠٢، وأيضاً عضواً فى تجمع «البريكس».. وتتعامل بميزان من ذهب لا تتخلى عن حيادها ومبادئها فى رفض سياسة المعسكرات أو الانحياز لطرف على حساب آخر، بل تتبنى سياسات متوازنة تستند على حكمة القيادة وعلاقاتها القوية مع الجميع دون أن تبدو منحازة لمعسكر على حساب المعسكر الآخر.
الحقيقة أن هذا الأمر يستوجب التحية، ويستحق الإعجاب، الشديد، خاصة احتفاظ مصر بعلاقات قوية واستراتيجية مع القوى الكبرى المتصارعة والمتنافسة فيما بينها، ولكن مصر لا شأن لها بهذه الصراعات بل تنظر إلى مبادئها ومصالحها وثوابتها وترفض الانحناء لأحد، أو الركوع لأى قوة، وتلتزم باستقلال قرارها الوطني، لذلك كما قلت هى صديق استراتيجى للولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، وفى ذات الوقت صديق استراتيجى للصين وروسيا، الأمر الثانى أيضاً الذى يستحق الإعجاب والتوقف أمامه كثيراً هذا النجاح الفريد، والثقة فى النفس، من خلال حجم وغزارة العلاقات الدولية مع الجميع وهى علاقات قوية ومتوازنة تستهدف بالدرجة الأولى تحقيق المصالح المشتركة فى كافة المجالات وفى مقدمتها زيادة التبادل التجارى وتحقيق المنافع المتبادلة وأيضاً الارتقاء بالتعاون فى المجالات الاقتصادية والسياحية والعلمية والاستفادة من تجارب الآخرين، وتقريب وجهات النظر، وتحقيق التوافق فى عالم يموج بالصراعات والمتغيرات الحادة.
هذا الجهد الاستثنائي، والنجاح الكبير على صعيد بناء علاقات دولية قوية مع دول العالم، لم يأت صدفة أو اعتباطاً ولكن على نتاج ورؤية ثاقبة، وإرادة صلبة وحكمة بالغة، والحقيقة أن ثمار وحصاد هذه الحكمة انعكس على أحوال وأوضاع الدولة المصرية، فالرئيس عبدالفتاح السيسى هذا القائد الوطنى الشريف، حقق إنجازات لم يسبقه لها أى رئيس سابق، وأرسى مبادئ وقيماً ومدرسة رفيعة فى بناء العلاقات الدولية وخلق لمصر مكاناً فريداً ومكانة مرموقة، وفرصاً عظيمة وهائلة، منحتها احترام وتقدير العالم. وحرص الدول على تعزيز التعاون والشراكة معها، فأى نجاح على الصعيد الدولي، أو احترام العالم لا يتحقق دون وجود قوة وقدرة شاملة ومؤثرة فى كافة المجالات، فالعالم احترم ما حققه الرئيس عبدالفتاح السيسى لوطنه وشعبه ونجاحه فى إخراج مصر من النفق المظلم والانطلاق نحو آفاق التقدم والقوة والقدرة والفرص الزاخرة ورغم هذه القوة إلا أن مصر تتمسك بالسياسات الحكيمة، لا تندفع نحو مغامرات، أو اتخاذ قرارات عنترية دون حسابات دقيقة، وتقديرات موقف صائبة لذلك احتفظت مصر بأعلى درجات ومعايير الأمن والاستقرار، يطمئن فيها الباحثون عن الأمان والاطمئنان، ويلجأ إليها الفارون من جحيم الفوضى والصراعات، يكفى أن هناك ٩ ملايين لاجئ جاءوا إلى مصر البلد الأمين وتعتبرهم ضيوفاً كراماً، يشاركون شعبها فى كل شيء، ورغم تداعيات الأزمات والصراعات العالمية ووطأة وقسوة الأزمة الاقتصادية الخانقة إلا أن «مصر ـ السيسى» لم تغلق أبوابها أمام من لجأوا واستجاروا بها، بل إن حكمة الرئيس السيسى أتاحت لمصر أنسب الظروف، لاستمرار مسيرة التنمية والبناء غير المسبوق فى كافة المجالات والقطاعات وفى جميع ربوع البلاد، بل امتدت ثمار الحكمة الرئاسية إلى آفاق غير مسبوقة أكثر رحابة وانعكست على استفادة تجربة مصر الملهمة فى البناء والتنمية من العلاقات القوية والشراكات الاستراتيجية مع الدول الكبرى والمتقدمة، والدول الشقيقة والصديقة فلا يمكن أن ننكر دور علاقات مصر بالدول الأوروبية فى الاستفادة من البناء والتنمية، فالعلاقات القوية مع ألمانيا انعكست على بناء القدرات العصرية فى مجال الكهرباء وحفر الأنفاق وأيضاً فى ترسيخ سياسة واستراتيجية تنويع مصادر السلاح بالحصول على أحدث الغواصات وكذلك القطع البحرية، وأيضاً فرنسا التى تجمعها بمصر ـ السيسى علاقات قوية، وشراكة استراتيجية انعكست على تطوير العديد من المجالات، واستثمار التقدم التكنولوجى الفرنسي، فى تعزيز البناء والتنمية فى مصر سواء فى شكل استثمارات، أو الحصول على أسلحة متطورة مثل مقاتلات الرافال، والقطع البحرية «فريم» وحاملة الهليكوبتر ميسترال وقطع بحرية بتصنيع مشترك فى الترسانة البحرية المصرية «جوونيد»، إيطاليا أيضاً، لا أحد ينكر عمق التعاون المشترك مع روما خاصة فى مجال اكتشاف الغاز، وتحقيق الإنجاز الأكبر من خلال شركة إينى الإيطالية وحقل ظهر الذى يمثل درة الطاقة المصرية فى مجال الغاز بالإضافة إلى التعاون فى مجالات أخرى وزيادة حجم التبادل التجاري، وغيرها من العلاقات المستمرة التى انعكست بالإيجاب على تجربة البناء والتنمية والتطوير والتحديث، وأيضاً كانت مصر ومازالت حاضرة ومدعوة وبقوة فى كافة المحافل الدولية التى يدعو إليها كبار العالم، أو فى زيارات ثنائية رسمية تشهد اهتماماً واستقبالاً خاصة للرئيس عبدالفتاح السيسي، تجرى خلالها اتفاقيات وشراكات فى كافة المجالات، وتلتقى القيادة السياسية بكبريات الشركات العالمية وكبار المستثمرين والصناعة ورجال الأعمال لعرض ملامح التجربة المصرية، والفرص الفريدة، والاستثمارات التى تتوفر لها كافة مقومات وأسباب النجاح، وهو إنجاز كبير يحسب للرئيس السيسى الذى استثمر بحكمة ورؤية فى بناء علاقات دولية قوية ومنفتحة ومتوازنة تحقق مصالح مصر وأهدافها على كافة المستويات الاقتصادية والسياسية والدولية والإقليمية ونفس الحال بالنسبة لروسيا والصين، حققت الشراكة المصرية مع موسكو وبكين، نجاحات كبيرة ومصالح، انعكست على التجربة المصرية فى البناء والتنمية، وهو ما يؤكد فلسفة بناء علاقات دولية تقوم على التوازن والشراكة مع الجميع.
على مدار ٠١ سنوات، شهدت جهوداً متواصلة وخلاقة، ارتكزت على رؤى وثوابت، ومبادئ نجحت مصر فى أن تكون حاضرة دولياً وبقوة ومتوهجة إقليمياً بشكل واضح وساطع، وأن يكون لديها رصيد غير محدود من العلاقات والشركاء الدوليين على كافة المستويات والأصعدة، وهو ما يجعل طريق مصر مفتوحاً فى المجالات السياسية وشريكاً فى تسوية الأزمات الدولية والإقليمية، وأيضاً فى مجالات تعزيز التبادل التجارى والشراكة الاقتصادية واكتساب الثقة الدولية فى مسار مصر نحو التنمية الشاملة والمستدامة، والاستماع والإنصات لرؤيتها حول مختلف الملفات والقضايا الإقليمية التى تعد مرجعاً لدول العالم، وهو ما بدا واضحاً فى مفهوم كثير من دول العالم حول القضية الفلسطينية وخطورة استمرار العدوان والتصعيد، وأهمية وقف إطلاق النار والهدنة، وإنفاذ المساعدات الإنسانية لمواجهة حرب الإبادة والتجويع واستخدام الغذاء كسلاح ضد الشعب الفلسطينى الأعزل وأيضاً أهمية الاعتراف الدولى من خلال منظمة الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود ٤ يونيو ٧٦٩١ وعاصمتها القدس الشرقية تعيش بجوار إسرائيل فى أمان واحترام متبادل، وتدار برؤى فلسطينية، تجنباً وحلاً جذرياً للصراع الفلسطينى الإسرائيلى المتجدد، ولترسيخ الأمن والاستقرار والسلام فى المنطقة، وهو ما بدا فى أحاديث زعماء العالم، وآخرهم، مارك روته رئيس الوزراء الهولندي، ورئيس الوزراء الأسبانى ووزير خارجيته، ورئيس الوزراء البلجيكي، وغيرهم من زعماء العالم.
على مدار أكثر من خمسة أشهر، كانت ومازالت مصر هى قبلة زعماء العالم وكبار المسئولين فيه الذين حرصوا على زيارة مصر للإنصات إلى رؤيتها حول ما يدور فى غزة، والعدوان الإسرائيلى على القطاع، وسبل الخروج، والسيطرة على هذا الصراع، ناهيك عن الاتصالات المستمرة من زعماء العالم بالرئيس عبدالفتاح السيسى حول هذه القضية، فمصر هى الثقل الاستراتيجى فى المنطقة وأيضاً من يعول عليها العالم فى حفظ استقرار وسلام الشرق الأوسط، وتجنب تأثيرات الصراعات والأزمات على العالم.
وخلال الأيام الماضية، استقبلت القاهرة، عدداً كبيراً من قادة العالم، سواء الرئيس البرازيلى أو رئيس الوزراء الهولندي، أو وزير خارجية أسبانيا ثم بالأمس استضافت القاهرة قمة مصرية ـ أوروبية لترفيع العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية والشاملة بهدف تحقيق نقلة نوعية فى التعاون والتنسيق بين الجانبين من أجل تحقيق المصالح المشتركة وبحضور رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبى ورئيس وزراء بلجيكا الذى يتولى رئاسة الاتحاد ورؤساء حكومات إيطاليا وقبرص واليونان والنمسا وسوف يعقد الرئيس عبدالفتاح السيسى لقاءات ثنائية مع قادة أوروبا لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية وأيضاً عقد اجتماع قمة للتباحث بشأن تطوير العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى والدول الأعضاء فى مختلف المجالات سواء العلاقات السياسية، ومكافحة الإرهاب والتعاون الاقتصادى وهناك آفاق كبيرة ورحبة فى هذا الإطار، فى ظل التفاهمات والاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبى التى من شأنها، دعم الإجراءات الحاسمة لإنهاء الأزمة الاقتصادية وتدفقات من العملات الصعبة، ستعود آثارها إلى الاستقرار والتعافى الاقتصادى بالإضافة إلى ملفات الطاقة والصناعة والتكنولوجيا والتعليم والهجرة.. كما ستناقش القمة الأوضاع الإقليمية خاصة الحرب فى قطاع غزة وكيفية استعادة الأمن والاستقرار فى المنطقة وتجنب تداعيات التوترات على السلم الدولي.
الحقيقة أن القمة المصرية ـ الأوروبية وما تحمله من أجندة وأهداف، هو حدث تاريخي، يجسد ويعكس نجاح الرؤية الرئاسية فى بناء العلاقات الدولية المنفتحة والمتوازنة، وخلق صداقات وشراكات تعتمد على المصالح المشتركة، وأيضاً هو إدراك أوروبى حقيقى لدور مصر ومكانتها ومساهماتها على المستويين الإقليمى والدولي، وكونها صديقاً وشريكاً قوياً وفاعلاً وصادقاً، وقادراً على قيادة المنطقة نحو الأمن والاستقرار والسلام بما يعود وينعكس على الدول الأوروبية فى ظل تحديات كثيرة أبرزها الإرهاب والتوترات فى الإقليم، والهجرة غير الشرعية، وحاجة أوروبا للطاقة، وما تحظى به مصر من فرص حقيقية للاستثمار وإدراك أيضاً لقيمة ومكانة مصر الاستراتيجية وما خلقته لنفسها من فرص قوية فى مجال التجارة العالمية ونجاحها فى الاستثمار فى موقعها الجغرافى الاستراتيجى لذلك باتت مصر ركيزة أساسية لتحقيق المصالح المتبادلة، ومواجهة التوترات الإقليمية وتداعياتها على السلم الدولي، وهو تتويج لمسيرة «مصر ـ السيسي» فى بناء العلاقات الدولية التى ترتكز على المصداقية والمصالح المشتركة، والفرص الحقيقية، والدور الفاعل والمؤثر للقاهرة.
القمة المصرية ـ الأوروبية، هى تتويج لنجاح كبير تحقق على مدار ٠١ سنوات، قاده الرئيس السيسى برؤية وحكمة واقتدار وإصرار لذلك تحصد مصر ثمار هذه الرؤية والحكمة، وما بلغته مصر من مكانة إقليمية ودولية، ومصداقية عالية لدى دول العالم الكبرى وفى القلب منها دول الاتحاد الأوروبي، فالدول الكبرى والمتقدمة لا تتعامل ولا تتكامل ولا تتدخل فى شراكات استراتيجية وشاملة إلا مع الدول القوية والقادرة التى تتمتع بفرص غزيرة ومستقبل واعد، ولها دور وشخصية وتأثير إقليمى ودولي، وقدرة على تنفيذ وتحقيق الأهداف المشتركة التى تحقق آمال وتطلعات كافة الأطراف، وتلبى احتياجات الشعوب، لذلك فإن فلسفة «مصر ـ السيسي» آثرت الحوار لا الصدام، التعاون والشراكة، بدلاً من الانعزال واحترام خصوصية وسيادة الدول، وشئونها الداخلية، لذلك تجد تأثير هذه العلاقات القوية الكبير فى كونه احدى ركائز الانفراجة الكبرى والانطلاق نحو التعافى والتقدم من هنا تتعاظم أهمية الاستثمار العبقرى فى بناء العلاقات القوية التى تقوم على التعاون والتفاهم وتبادل المصالح، والقمة المصرية ـ الأوروبية وثمارها ونتائجها، تستلزم توجيه التحية والتقدير والاعتزاز لقائد عظيم صاحب رؤية، استشرف المستقبل، وامتلك الحكمة، فجنت مصر ثمار الخير والأمن والاستقرار والسلام وثقة الكبار، وشراكات استراتيجية شاملة تحقق أهداف ومصالح مصر وتطلعات شعبها.