أثارت التهديدات الإيرانية بالرد العسكرى على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة واتهامها باغتيال 7 من قادة الحرس الثورى الإيرانى بسوريا فى قصف القنصلية الإيرانية فى دمشق، المخاوف من اتساع دائرة الحرب والصراع داخل الشرق الأوسط وتحولها إلى حرب إقليمية ومن ثم تأثيرها على أمن واستقرار المنطقة بالكامل واقتصاد العالم أجمع مع تراجع فرص ومحاولات التهدئة بين إسرائيل وفلسطين.
وارتفع منسوب المخاوف بشأن الرد الإيرانى المتوقع عبر ذراعها فى لبنان «حزب الله» واحتمالية تحولها إلى ساحة للانتقام من إسرائيل جراء ضربتها تجاه سفارة إيران فى دمشق.
وكما يؤكد اللواء أركان حرب سمير فرج، الخبير الإستراتيجى ومدير الشئون المعنوية بالقوات المسلحة سابقا، فأن الرد الإيرانى على ما حدث من ضرب للقنصلية الإيرانية فى دمشق وما سببه من مقتل 7 من قيادات الحرس الثورى الإيراني، سيكون منضبطا وفقا لما أعلنته القيادات الإيرانية مشيرا إلى أنه ليس من مصلحة إيران التصعيد والوقوف ضد أمريكا التى أعلنت أنها مستعدة لمساندة إسرائيل عسكريا فى حالة التصعيد الإيرانى ولذلك لن تعطى إيران الفرصة لإسرائيل وأمريكا لضرب مصالحها وأسلحتها النووية.
أوضح فرج ان إيران فى موقف صعب خصوصا فى ظل حالة الغليان فى الشارع وانها المرة الثانية التى تغتال فيها إسرائيل قيادات إيرانية، حيث سبق وتم اغتيال قاسم سليمانى الرجل الثانى فى الحرس الثورى الإيراني، والـ 7 من قيادتها فى قصف طال القنصلية الإيرانية فى دمشق، ولذلك لن يكون الرد من الأراضى الإيرانية ضد إسرائيل ولكن من أحد الأذرع العسكرية الإيرانية فى المنطقة.
ولفت إلى أن هناك العديد من دول العالم التى أبدت مخاوفها من التصعيد العسكرى فى المنطقة وأصدرت العديد من الدول الأوربية وأمريكا وحتى الهند تحذيرات إلى رعاياهم من السفر إلى إيران وإسرائيل ولبنان، ويتواجد اليوم قائد القيادة المركزية الأمريكية فى إسرائيل للتنسيق حول الاجراء الذى سيتم إذا ما جاء الرد قويًا من جانب إيران، وبالطبع لا نأمل ذلك تماماً وإلا ستتحول إلى حرب إقليمية بالمنطقة وستكون عواقبها وخيمة والكل خسران، ولكن الاغلب ان إيران لا تسعى للتصعيد وانما تريد رد الاعتبار وحفظ ماء الوجه أمام شعبها.
وأضاف اللواء سمير فرج إن إسرائيل جاهزة لكل السيناريوهات واحتواء أى عمل إيرانى محتمل، وهناك حالة طوارئ واستنفار فى جميع أركان دولة الاحتلال الإسرائيلي.
واستبعد اللواء سمير فرج، الحل السياسى حيث أعلنت إيران أنها مستعدة للتراجع عن فكرة الرد فى حالة الإعلان عن الانسحاب من غزة ووقف إطلاق النار الدائم فى فلسطين، وأن ذلك يهدئ من حالة الغضب والألم التى تجتاح الشارع الإيراني.
وقال الخبير الإستراتيجى اللواء عادل العمدة المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، إن الرد الإيرانى سيكون لحفظ ماء الوجه، حيث إن كل السوابق تؤكد ذلك بالأرقام والأدلة، فبعد مقتل قاسم سليمانى الرجل الثانى فى الحرس الثورى الإيراني، فى نفس المشهد، تم حينها إطلاق بعض الصواريخ على إحدى مناطق العراق غير المأهولة بالسكان ولم تحدث أى تأثير، فأياً كان ردها سيكون بعيدا عن أراضيها من خلال أذرعها العسكرية المختلفة كالحوثيين فى اليمن أو حزب الله فى لبنان أو بعض من العناصر الموالية لها فى سوريا والعراق، ولن يكون لها تأثير سوى بإطلاق عدد من الصواريخ التى لن تؤثر على إسرائيل وستتصدى لها بكل قوة.
كما استبعد العمدة ضرب إسرائيل بشكل مباشر من الأراضى الإيرانية وإلا سيكون له عواقب وخيمة ويجر العالم لحرب عالمية ثالثة، خصوصا بعد انضمام إيران لمنظمة شنغاهاى والبريكس خلال عام 2024، وهو انضمام للكتلة الشرقية مع النظام العالمى الجديد، مشيرا إلى أن أى تصعيد من الجانبين ينبئ بكارثة عالمية جديدة، وقد تمتد رحاها وتؤدى إلى ما لا يحمد عقباه، خصوصا وأن أمريكا أعلنت وقوفها إلى جانب إسرائيل قلبا وقالبا و قال بايدن بالأمس فى تصريحات مضمونها أمن إسرائيل ليس عرضة للتجارب وهو مسئولية أمريكية.
ولفت إلى أن الرد الإيرانى على ذلك سيكون لرد الاعتبار فقط، وقد يكون بعيدا عن التصعيد العسكري، وإنما يمكن أن يكون الرد من خلال تأثير اقتصادي، وستتأثر به كل الدول المطلة على البحر الأحمر ومن بينها مصر، من خلال حركة الملاحة وغلق مضيق هرمز، أمام التجارة العالمية وهو السلاح الذى ستلوح به إيران فى حالة عدم تحقيق أى مكاسب فى الساعات القادمة، مما يؤثر على صناعة القرار الدولي.
وأكد اللواء عادل العمدة: نأمل فى أن يكون هناك حل سياسى بتدخل عدد من الدول الكبرى حيث إن اتساع دائرة الصراع سيؤثر على الجميع أمنيا وسياسيا واقتصاديا، والعالم أجمع خسران.
قال السفير محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق ورئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية، قال أنه من المؤكد أن إيران سيكون لها ردا ولكن الشواهد والايام القليلة الماضية تشير إلى أنه سيكون رد محسوب لا يهدف إلى التصعيد، وقد يكون بقصد عدم تلقى رد بعده اى ستكون عملية عسكرية هجومية من جانبهم ولكن سيكون الهدف أنه لا يحدث رد فعل عقب ذلك، والموضوع ينتهى عند هذا الحد.
أضاف السفير العرابى أن إيران من المؤكد لها حساباتها وتعلم جيدا أن قدراتها الدفاعية قد تكون أقل من قدراتها الهجومية وبالتالى فهى تحسب خطواتها بدقة شديدة حتى لا يتحول الأمر إلى فعل ورد فعل، وفى نفس الوقت يجب أن تحافظ على ماء وجهها فى الإقليم بأن يكون هناك نوع من الشعور بأنها قامت بالمحافظة على ماء وجهها عن طريق عمل عسكرى محدود وأنه لن يكون عن طريق اذرعها فى الإقليم بل سيكون عملا نابعا من إيران نفسها حتى تحافظ على مكانتها وشعورها بأن لديها قوة ردع تستطيع أن ترتكن إليها فى مواجهة اسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
وحول التوقيت.. قال السفير العرابي، انه ليس هو الأمر الحاسم ولكن التقدير بان ذلك سيكون العمل القادم بالنسبة لإيران.
وردا على سؤال بشأن تأثير العملية العسكرية الإيرانية فى حال القيام بها على عدم استقرار المنطقة، قال السفير العرابى لا أعتقد أنه سيكون هناك تأثير حيث إن كل أركان الإقليم الان وكل الدول الفاعلة فيه تنشد عدم التصعيد والسيطرة على اى أفعال أو أى اعمال عسكرية قادمة فى الإقليم، مشيرا إلى أن الإقليم لا يتحمل اى تصعيد فى المرحلة الحالية، فهناك عدة حروب فى الإقليم الان فى فلسطين وجنوب لبنان والحوثيين وبالتالى المنطقة لا تتحمل اى تصعيد أخر.
من جانبه.. توقع السفير صلاح حليمه، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن يكون هناك رد إيرانى على العمل الاسرائيلى الذى قامت به فى دمشق، ولكن سيكون بشكل محسوب لا يؤدى إلى تصعيد يؤدى إلى حرب شاملة ما بين الجانبين، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل على التهدئة واحتواء التصعيد حتى لا يصل اتساع نطاق العمليات العسكرية على المستوى الإقليمي.
واضاف السفير حليمه « أنه لابد أن يكون هناك دورا مهدئ يحتوى الأوضاع، وان الولايات المتحدة حريصة على ذلك لأنها تخشى أن يتسع الصدام ليشمل إيران مع اسرائيل بشكل مباشر ففى هذه الحالة سيكون هناك أطراف إقليمية ودولية تساند كل طرف من الطرفين وبالتالى ستكون حربا شاملة.
شدد السفير حليمه على أن الرد الإيرانى حتى وإن كان محدودا ربما يوسع نطاق الحرب حيث إنه من الوارد أن تصمت اسرائيل وربما ترد بشكل محدود اخر تجنبا بأن يتسع نطاق الحرب وتدخل فيها أطراف أخرى وهو ما ليس فى صالح الولايات المتحدة على الاطلاق.