فى القرن الماضي.. كانت القطارات تمر عبر كوبرى الفردان فوق قناة السويس، لنقل الركاب إلى أرض الفيروز، وينتهى بها المطاف إلى غزة بفلسطين.. وكان يتم فتح الكوبرى لعبور السفن حتى الحرب العالمية الأولي.. ولكن تم قصف الكوبرى وهدمه أكثر من مرة آخرها خلال العدوان الثلاثى الغاشم على مصرنا الحبيبة عام 1956 ورغم القيام بإعادته إلى الخدمة بعد انسحاب القوات الثلاثية المعادية بريطانيا وفرنسا وإسرائيل.. تم تحطيمه ثانية فى نكسة يونيه 1967 وتفكيك القضبان، وبرغم ذلك لم تيأس الحكومة.. فقد قامت 2001 بإعادة تدشينه ولكن لم يدم الأمر طويلاً فقد توقف تمامًا بعد سرقة 70٪ من القضبان أثناء ثورة يناير.. وبعد استقرار الأمور كان القرار التاريخى والهام من القيادة السياسية.. فما هو؟
القرار.. الذى أثلج الصدور هو إعادة إحياء رحلات القطار كمرحلة أولى إلى سيناء الحبيبة.. حيث تم قبل أسبوعين تقريبًا تأهيل الخط والقضبان والجسور وتشغيله التجريبى من الفردان إلى بئر العبد بطول 100 كيلو لتدب الحياة فيه بعد حوالى 50 عامًا من التوقف.. ضمن الخطة الشاملة والاستراتيجية لتعمير سيناء، الأمر الذى يترتب عليه زيادة التنفيذ للمزيد من المشروعات التنموية ونقل ما لا يقل عن 3 ملايين مصرى إلى سيناء البالغ مساحتها 61 ألف كيلو متر ولربطها بالمحافظات فى الدلتا والصعيد وفقًا لتصريحات سابقة لرئيس الوزراء الذى أكد على أن حجم المشروعات بسيناء بلغ حوالى 600 مليار جنيه.
صراحة إعادة تشغيل قطار الشرق الرابط بين المدن الساحلية والدلتا وسيناء.. جاء فى وقته لأنها وسيلة مضمونة وآمنة وسريعة.. تشجع المواطنين على التحرك والسفر إلى سيناء دون مشقة وعناء وتسهل نقل البضائع أيضًا لأن القطارات لن تكون قاصرة على الركاب فقط، لذا كانت البداية بإعادة الخط للبضائع ليكون إضافة قوية لوسائل النقل بين الموانئ ويخدم كذلك التجمعات السكنية والصناعية والتعدينية بسيناء عن طريق الربط بوصلات السكك الحديدية وبالتالى التصدير عبر ميناء العريش وطابا.. بما يحقق نقلة نوعية للأهداف التنموية عندما يكتمل مشروع القطار الذى يشمل خط الفردان – شرق بورسعيد – بئر العبد – العريش – طابا، بطول 500 كيلو متر تقريبًا.
الحقيقة.. مثل هذه المشروعات الحيوية العملاقة سيكون لها المردود الاقتصادى وسيشجع ليس المستثمر على الاستثمار فى سيناء وإنما المواطن العادى على إقامة مشروعات لوجستية قريبة من محطات القطار مثل محطات الوقود والكافيتريات والورش المتنوعة، بدليل أن غالبية الطرق السريعة تقام عليها مثل هذه الخدمات وبالتالى توفير فرص عمل بالملايين وزيادة الدخول وتحسين مستويات المعيشة.
أتمنى سرعة إنجاز بقية المشروع ليصبح واقعًا ملموسًا بعد نجاح التشغيل التجريبى لخط الفردان – بئر العبد بالوظة بمسافة 60 كيلو مترًا، وأن نحرص جميعًا على كل القضبان التى يسير عليها القطار، وعدم العبث بها حرصًا على سلامة الجميع كما حدث خلال أحداث 25 يناير 2011 لأن مثل هذا المشروع ما جُعل إلا للصالح العام كمشروع يساهم فى تنمية وإعمار سيناء وزيادة فرص العمل والتنقل.
صراحة.. تشغيل قطار سيناء أعتبره عبورًا جديدًا وشريانًا حيويًا وعاملاً مساعدًا فى التنمية العمرانية والإنجاح للأنشطة الصناعية والتجارية باعتباره وسيلة آمنة ويساعد فى ربط ميناء العريش البحرى بميناء طابا البرى مرورًا بمنطقة الصناعات الثقيلة فى وسط سيناء والذى تعمل الدولة على تنفيذه، كما أن الدولة تخطط مشكورة لتطوير ميناء العريش بطول 3 كيلو مترات على البحر المتوسط ليصبح ميناءً كبيرًا يسع لمراكب الشحن للبضائع وليكون ضمن الموانئ التى سيتم من خلالها تصدير المنتجات المختلفة وكذلك لاستيراد السلع من كافة الدولة المطلة على المتوسط.
إعادة الحياة لمشروع قطار سيناء تعود بالذاكرة إلى مشروع قطار الحجاز الذى كان يمتد من العاصمة السورية دمشق كمحطة انطلاق إلى المدينة المنورة ببلاد الحجاز بطول 1320 كيلو مترًا مرورًا بدرعا والزرقاء وعمان الأردنية وحيفا بفلسطين وتبوك ومدائن صالح شمال المملكة العربية السعودية، وكان يخدم حركة السفر للحجاج والمعتمرين بالذات، بالإضافة إلى نقل البضائع عبر هذا القطار الذى تم افتتاحه عام 1908 أيام الخلافة العثمانية على يد السلطان عبدالحميد الثانى بتكلفة 3.5 مليون ليرة عثمانية تقريبًا،وظل هذا الخط يقوم بمهامه بانتظام إلى أن قام لورانس العرب الضابط البريطانى المعروف بقطع الطريق الحديدى خلال الحرب العالمية الأولى 1914/1918، وتدمير أجزاء كبيرة من الخط عام 1917، ولم تفلح محاولات إعادة الروح لقطار الحجاز ثانية رغم انعقاد أكثر من مؤتمر مشترك بين كل من سوريا والأردن والسعودية رغم أهمية ذلك الخط الذى ربط تلك الدول الواقع فيها مسار هذا القطار.
.. وأخيرًا:
> أتمنى قيام الدول العربية بإحياء مثل هذا المشروع لأن مردوده الاقتصادى ضخم وسيعود بالفائدة المشتركة على الجميع، ولينظروا إلى القطار الدولى فى أوروبا والذى يربط كافة الدول الأوروبية بدءًا من اسطنبول بتركيا.
> كما أتمنى حذو ذلك فى الدول العربية بالقارة الإفريقية بالتفكير فى مد خطوط السكة الحديد من الإسكندرية إلى الرباط فى المغرب مرورًا بكل من تونس والجزائر.
> بعد الافتتاح التجريبى للمتحف الكبير.. نتمنى مشاهدة الافتتاح النهائى والذى أعتقد أنه سيكون أسطوريًا كما حدث بالنسبة لنقل المومياوات الملكية من المتحف المصرى بالتحرير إلى متحف الحضارة بالفسطاط.
> مصر تتقدم عالميًا فى سرعة الإنترنت الثابت.. نريد المزيد.
> الصادرات الزاعية المصرية تجاوزت 4 مليارات دولار خلال 10 أشهر فقط.
> إبقاء وكالة ستاندرد آند بورز على التصنيف الائتمانى لمصر ونظرتها المستقبلية الإيجابية.. يؤكد أننا نسير على الطريق الصحيح اقتصاديًا.