الميراث فى الإسلام نظام عادل وله غايات سامية، ويتحقق بعد وفاة الإنسان،وقد حدد الله سبحانه وتعالى فى القرآن الكريم كيفية تقسيم التركة وفقًا لضوابط دقيقة تحفظ الحقوق وتمنع الظلم. وقد نظمت الشريعة الإسلامية قواعد الميراث على أساس من الحق والعدل ومنع الجور بين الورثة، مراعية فى ذلك قوة القرابة من المتوفي، وتوزيع المسئولية وتحمل عبء النفقة فى مجال الأسرة. والإرث يعتبر حقًا شرعيًا لتفتيت الثروة ومنع تكدس الأموال فى أيدى فئة قليلة من الناس، بناء على اعتراف الإسلام بمبدأ الملكية الشخصية ومراعاة قواعد الفطرة والجهد الإنساني، فإن الإنسان يحب أن يذهب ماله لأحب الناس وأقربهم إليه. وأخطر ما يتهدد البيوت المصرية قضية الميراث. المولى سبحانه وتعالى حدد نصيب كل فرد حماية للجميع وتوسعة لهم. مرات عديدة حضرت لحل مشاكل تتعلق بالميراث، وهو فريضة صاغها الله تعالى فى كثير من الآيات القرآنية ولم يتركها لهوى بعضهم. حرمان الإناث أو حرمان أحد الأشقاء جريمة وقد وصل الأمر إلى حرمان أبناء المتوفى فى حياة أبيه، مع أن المشرع المصرى منحه الحق فى الوصية الواجبة، وقد سمعت أحدهم يقول: الله حرمه فلماذا نعطيه؟ وتناسى إن مصادر التشريع هى القرآن والسنة والاجماع والقياس والعرف، وأن الوصية الواجبة تتفق مع صحيح الدين ولها ما يعضدها. أروقة المحاكم للأسف تشهد آلافًا من قضايا الميراث، وإن كنت أرى أن القانون يجب إعادة النظر فيه والضرب بشدة على من يحرمون الورثة من حقوقهم المشروعة. وما زال البعض يرى أن الحرمان أمرًا طبيعيًا، مع أن الله سبحانه وتعالى قال فى كتابه: «تلك حدود الله فلا تعتدوها». ولك أن تتصور ماذا يمكن أن يحدث لو أن الميراث تم توزيعه بعد الوفاة ، وهذا حق مكفول لكل وارث. فتسديد الديون وتنفيذ الوصية وتوزيع الميراث من الموجبات وهذا لا يحدث فى الغالب. كم من بنت عانت من حرمانها من حقها الشرعى فى والديها وما زالت، لأن الأشقاء يرفضون منحها حقها المشروع، وكم من زوجة أب تعانى مرارة الحرمان والألم نتيجة لطمع الأبناء وجشع الأشقاء، وكم من أبناء عانوا من حرمان الأب لبعضهم ومنح ما يملك للبعض الآخر. آيات المواريث واضحة لا تحتاج إلى اجتهاد أو فلسفة، صحيح أن قانونًا صدر بتجريم منع الميراث، إلا أننى أرى أن العقوبة ربما تكون غير مواتية وضعيفة، ولذا نحتاج إلى تشريع عاجل بتشديد العقوبة على من يمنع وارثًا من إرثه، مع تخصيص دوائر محددة للنظر فى قضايا الميراث التى تمكث لسنوات عديدة دون فصل فيها، مما يعرض الكثير من الأفراد للارهاق، ومن منا يملك مقومات السعى فى أروقة المحاكم وأتعاب المحاماة التى ترهق كاهل الكثيرين. حرمان الميراث هو بشحمه ولحمه أكل لأموال الناس بالباطل، والجزاء هنا دنيوى وأخروي. فهل تفيق الضمائر وتستيقظ من غفوتها حتى يحصل كل وارث على كل حقه؟ ويبقى الدور الحيوى على رجال الدعوة فى تبصير الناس بخطورة هذا السلوك المريب الذى أدى إلى قطع أواصر الرحم وقوض العلاقات الأسرية، ولله الأمر من قبل ومن بعد.