هل قدمت الدراما هذا العام البيت المصرى كما عرفناه فى الماضى، أم كما نعرفه اليوم؟
وهل استطاعت الدراما التلفزيونية التى عرضت فى شهر رمضان التعبير عن القضايا المهمة، والأكثر انتشارا وإلحاحا فى حياة الاسرة المصرية؟
وهل فجرت الدراما قضايا مهمة ومسكوتا عنها فى مجتمعنا؟
الاجابة هى أن دراما هذا العام – 2025 – استطاعت ان تطرح الكثير من القضايا الهامة من خلال المسلسلات القصيرة أولاً، وثانياً وثالثاً، بينما بدت اغلب مسلسلات الثلاثين حلقة أكبر من محتواها، وهو أمر ملفت، ومثير للدهشة فى بلد عرف صناعة الدراما منذ اكثر من ستين عاما، وشهد أمجادها وصعود عشرات المبدعين فى الكتابة والإخراج وكل فروع العمل الدرامى، ومن هنا فإن ما شهدناه من ابداع وتميز فى دراما هذا العام ارتهن بقدرة الكاتب والمخرج على تقديم القضية او الفكرة من خلال سيناريو واضح الملامح، واختيارات المخرج للممثلين الأكثر مقدرة على التعبير عن هذا المحتوى تحديدا، وهو ما رأيناه عبر مسلسلات مثل حسبة عمرى – ظلم المصطبة – قلبى ومفتاحه – اخواتى – 80 باكو، وتقابل حبيب، وكلها أعمال تقدم قضايا المرأة من زوايا مختلفة ومن خلال طبقات اجتماعية مختلفة من الاعلى (ونقابل حبيب) حيث الاسرة الثرية التى يتولى الاب العجوز والام فيها (صلاح عبدالله وأنوشكا) حكم حياة الابناء وتوظيفها لخدمة مصالح الاسرة مهما كانت العواقب والظلم الذى يقع على زوجة الابن وبناتها، ومن طبقة أخرى، تعانى بوسى الكوافيرة (هدى المفتي) من هم تدبير نقود زواجها من حبيب مفلس فى مسلسل (80 باكو) وبرغم أن صاحبة المحل تحاول مساعدتها إلا انها تواجه معاناة كبيرة فى رحلاتها لبيوت الزبونات، وتواجه أيضا تنمر زميلات المحل وغيرتهن.
>>>
بعد عشرين عاما من الزواج، تصبح العلاقة سيئة بين هند وفاروق (روچينا وعمرو عبدالجليل) ويصبحان متربصين ببعضهما البعض، وفى لحظة يغلق باب الشقة قبل دخولها لتقضى ليلتها فى الشارع فى مسلسل (حسبة عمري) وتبحث عن الحل، هل تترك شقاء العمر بعد هذا الموقف؟ لتعرف ان لها حق (الكد والسعاية) الذى يعطيها نصف ما يمتلكه الزوج بفعل مساهمتها فى حياتها معه بكل جهدها وعطائها، ولكن، هل يعترف لها القانون بهذا؟ سؤال تركه المسلسل لنا، اما فى مسلسل (قلبى ومفتاحه) فنحن امام امرأة اعتبرها طليقها إرثا له وحاصرها لمنعها من الزواج من آخر (مى عز الدين ودياب)، فتضطر لعرض الزواج على سائق تاكسى (آسر ياسين) قابلته لتهرب من حصار زوجها السابق فى عمل يطرح علينا ما تعانيه نساء كثيرات بيننا فى صمت، برغم القوانين، وبرغم ان بطلة العمل مطلقة بالثلاثة، أما فى (ظلم المصطبة) فنحن امام عمل يطرح الإحساس الطاغى بالرجولة لدى رجل لا يتصور ان يقترب احد غيره من زوجته، أو منها بعد ان تطلقا (فتحى عبدالوهاب وريهام عبدالغفور) فى عمل تم تصويره فى محافظة البحيرة، وبين شوارعها وبيوتها، وحيث تحاول الزوجة فى البداية تنبيه الحبيب السابق الذى فوجئت بسكنه فى أعلى العمارة (اياد نصار) بألا يقترب منها، لكن مشاعر القوة وحب السيطرة والامتلاك يسيطران، ليطارد الزوج زوجته السابقة، وينتزع طفلتهما منها، وفى النهاية يقتلها لانها رفضت العودة اليه، أمام آخرين!
قهوة المحطة
فى (قهوة المحطة) وهى مكان موجود فى كل محطات السكة الحديد، يطرح المسلسل قصة الشاب مؤمن (أحمد غزي) الذى جاء من الصعيد ليحقق حلمه فى العمل بالتمثيل ولتبدأ سلسلة احداث معه ومع العاملين بالقهوة فى عمل يجمع بين الصراعات الإنسانية والاستبدادية، اما فى (ولاد الشمس) فالصراعات تبدأ من اكتشاف شابين من ابناء الدار حقيقة صاحبها (أحمد مالك وطه دسوقى ومحمود حميدة) وبداية الانفصال بينهما وبينه والتفاعل مع غيرهما من ابناء الدار والعاملين به فى إطار عمل مختلف تماما عما قدم عن هذه القضية الهامة وصولا لاكتشافات النهاية وان صاحب الدار المستبد هو عم احد الشابين، وسارق إرثه. واخيراً، فإن دراما 2025 قدمت ايضا قضايا مسكوتا عنها مثل (لام شمسية) وقضية التحرش بالأطفال وقضايا أصبحت مهمة فى السنوات الأخيرة مثل المراهنات الالكترونية ودورها فى إفساد حياة الكثيرين فى مسلسل (منتهى الصلاحية)، وهو تنوع مهم، ومفيد، ومبشر بأعمال اهم واقوى فى العام القادم.