فى أواخر عام 1970 كنت أستعد للتفكير فى مشروع التخرج، وقد أردت أن أواكب ما يجرى فى الحركة الفنية العالمية من خلال الكتب الفنية المتاحة، أو المعارض الفنية التى كانت تقام فى القاهرة وقتذاك، فاتجهت إلى الحركات الفنية الحديثة أستلهم الأسلوب الذى سأنتهجه فى التعبير عن أفكاري.
كنت أعرض الأفكار على أستاذى جمال السجيني، ولم يعترض، فأخذت أتناول الفكرة كرسومات تمهيدية بخامات متعددة وأذهب إلى السجينى فى بيته أعرضها عليه، حتى فوجئت بالسجينى ينتقد العمل بصورة فكاهية فقد كنا أصدقاء، فتساءلت عن سر الانقلاب المفاجئ، فقال: اللجنة مش هتفهم اللى انت عامله ده، شوفلك صرفة»
خرجت من عند السجينى غاضبًا وثائرًا جدًا وأنا أحدث نفسى بصوت أكاد أسمعه: «أنا فنان مش بهلوان وهاعمل اللى عوزه وطظ فيهم-أقصد اللجنة التى لا أعرفها» وأخذت أردد هذه الجملة حتى وصلت بيتى -بيت العائلة- ودخلت حجرتى وجلست فى الشرفة وأنا فى قمة الثورة الداخلية والتحدى الذى تملكني، وكنت دائمًا أحتفظ بالطين الاسوانى فى وعاء جاهزًا للاستخدام، فنهضت وأخذت الطين الأسوانى كى أفرغ فيها طاقة الغضب الذى تملكني، فخرج تمثال صغير لا يزيد ارتفاعه عن 20سنتميترا ، ويعبر عن مشاعرى المليئة بالتحدي.
وفى اليوم التالى زارنى صديق من الكلية ليعطينى رأيه فيما أعددت للمشروع، وتحاورنا قليلًا حتى منتصف الليل ثم استأذن ليعود إلى بيته، لكنه لاحظ وجود تمثال مُغطى لم أعرضه عليه فسألنى عنه، فكشفت التمثال صاحب ثورة الغضب، فصاح صديقى أن هذا تمثال المشروع، وعاد ليجلس ويساعدنى فى عمل قالب لاستخراج نسخة من الجبس.
حملت النسخة وتوجهت إلى بيت السجينى كالعادة، وبمجرد أن شاهد السجينى التمثال قال: «هو ده مشروع التخرج»، وقد كان هذا التمثال الذى أصبح ارتفاعه 2.25م، وحصل على امتياز، بل الدرجة النهائية لأنه كان يعبر عن مشاعر صادقة.