عائلة المنشاوى كرمها الله بالقرآن ..
حلاوة الصوت .. نغمة نتوارثها من 200 سنة
ذكرياتى الرمضانية مع جدى لا تنسى .. وعبدالباسط والبنا وإسماعيل شيوخى المفضلين
لا أتابع مباريات كرة القدم .. ولكنى أعشق أهداف الخطيب
طوال شهر رمضان المعظم.. تستضيف «الجمهورية الأسبوعي» على هذه الصفحة عدداً من أبناء مشاهير تلاوة القرآن الكريم و»الانشاد الديني» والذين ورثوا الحنجرة الذهبية من آبائهم وأجدادهم وساروا على نفس الدرب.. يتحدثون فى حواراتهم عن ذكريات وأسرار و»نفحات» يتم الكشف عنها لأول مرة.
تظل المدرسة المنشاوية للتلاوة القرآنية الخاشعة ماركة مسجلة »برند« يحاول مشاهير القراء محاكتها فيعجزون ليعودوا تلاميذ يتعلمون فيها وينهلون منها.. ويبدأون هناك سر بين عائلة المنشاوى وبين الله لا يعلمه أحد سواه جل هذه القائمة تلمع فى سماء التلاوة.. »الجمهورية الأسبوعي« راحت تفتش فى هذه الأسرار الربانية وتوصلت إلى أن السر فى المصداقية وأن القراءة الماتعة التى سمعناها ومازلنا نسمعها كانت خالصة لوجه الله وعندما يقرأ أحد تاريخ عائلة المنشاوى فهو يقرأ بقلبه يستحضر الجلالة فتخرج التلاوة لتلامس القلوب.. تلك المدرسة صاحبها ومؤسسها هو القارئ الشيخ الخاشع مولانا محمد صديق المنشاوى صوت السماء الباكى الحنون الذى عندما يقرأ آية عن الجنة تشعر أنك تشاهد الأنهار التى تجرى من تحتها وعندما يقرأ عن جنهم تكاد ان يلفح لهيبها الوجوه.. قوله حق هو ينقل بصوته صورة محسوسة وملموسة وصادقة.. ولأنهم ذرية بعضها من بعض حلت عليهم بركات جدهم السيد التائب الذى قرأ القرآن بصوت شجى قبل 200 سنة.. نعم هى الجينات والنفحات التى مست الشيخ صديق فأهدى للأمة الإسلامية محمد ومحمود الولدين الصالحين الموهبين وورثهما صديق ابن الشيخ محمود الذى سار فى طريقهم وعلى طريقتهم ومازال يكمل مسيرتهم.
هذا الحفيد الوريث ذو السمت الطيب والقلب الطيب والصوت المنسوخ بالكربون.. التقيناه فى منزله بمصر الجديدة فروى لنا ذكرياته الرمضانية مع جده وأبيه شفاه الله وعافاه وكيف كان يقضى رمضان فى حضرتهما ورحلاته فى بلاد الفرنجة وأمريكا وما وراء البحر لإحياء الليالى الرمضانية بما تيسر من آيات الذكر الحكيم.. وإلى تفاصيل الحوار:
> حدثنا عن ذكرياتك فى شهر رمضان مع العائلة المنشاوية جدك الشيخ صديق المنشاوى ووالدك الشيخ محمود المنشاوي؟
>> عشت طفولة سعيدة فى كنف جدى الشيخ صديق المنشاوى فكان جدى حانى محب لأسرته يتعامل بطيبة وكرم مع الجميع وحفظت على يديه عدة أجزاء من القرآن وكنت أصعد مع جدى عندما يقترب موعد الإفطار فوق سطوح منزلنا ليرى غروب الشمس ثم ينزل يتناول الإفطار مع الأولاد والأحفاد فى البداية نفطر على التمر ونتوجه لصلاة المغرب فى المسجد ثم نعود لنكمل إفطارنا.. وكنا فى الصعيد بلدنا مركز المنشأة ننتظر شهر رمضان ونبدأ نعد الأيام على أصابع اليد منذ ظهور هلال شعبان ونفرح كأطفال بقدومه ونضع الزينة من الكتب القديمة ونعلقها فى الشارع.
وكانت أسرتى تتحول إلى كتيبة عمل طوال أيام وليالى رمضان فكانت الضيوف لا تنقطع زيارتها لمنزلنا للسلام والكلام مع جدى الشيخ صديق وتقوم نساء العائلة بتجهيز طعام الإفطار وعمل مخبوزات العيد لتقديمها لكل من يطرق بابنا وكنا كأطفال نلتف حول التليفزيون الذى لا يوجد به إلا قناتان لنستمع لفوازير رمضان والمسلسلات الدينية بعد أن نصلى التراويح فى المسجد.
> من الذى اكتشف موهبة جمال الصوت لديك؟
>> كنت شديد الالتصاق بوالدى منذ نعومة أظافرى وكنت أذهب معه فى كل الحفلات التى كان يحييها وكان النوم يغلبنى وأنا بعد بداية الحفلة بدقائق وكان سائق والدى يحملنى ويضعنى فى السيارة لأكمل نومى حتى فرغ والدى من إحياء الليلة التى يتلو فيها وكنت وأنا فى العاشرة أحاكى والدى وأحلم أن أكون مثله أجلس لإحياء الحفلات ويكون لى جمهور عريض مثل والدى صاحب المدرسة الفريدة فى فن التلاوة وعندما استشعر والدى شغفى قام باحضار محفظ لى فى المنزل وختمت القرآن وتعلمت القراءات وفن التجويد وبدأت أرتدى عباءة وجلباب وأضع فوق رأسى طاقية بيضاء وأصاحب والدى وأجلس بجواره على دكة التلاوة ويمنحنى فرصة التلاوة فى نهاية كل حفل لمدة خمس دقائق حتى تمرست وسرت على نهجه لأكمل مسيرته.
> مَنّ من الأشقاء أو الأبناء أو أبناء الأشقاء ورث جينات العائلة المنشاوية؟
>> لله الحمد والمنة أنا الوحيد من بين ثمانية أشقاء ورثت جينات أبى وصديق ومحمود وأحمد أبنائى لديهم الجين والندرة موجودة ويحفظون القرآن حتى ابنى الأكبر يحفظ لكنه خجول ومهتم بدراسته والآن فى ليسانس الحقوق وابن شقيقى المهندس محمود أسامة وهو ذو صوت جميل.
> متى بدأت احتراف التلاوة فى الحفلات؟
>> كانت فى بلدتى المنشأة وأنا طالب فى الشهادة الإعدادية وكنت زميلاً لقارئ شهير وكبير سن ومقام ومع ذلك نجحت فى جذب الجمهور واستحسنوا تلاوتى لأنى وفقت فى اختيار الآيات التى تناسب الحفل وبعدها بدأت انطلاقتي.
> من هو شيخك المفضل؟
>> مصطفى اسماعيل والبنا وعبدالباسط والبهتيمى وشعيشع والشعشاعى وكل أبناء جيلى استمع إليهم لأنهم مواهب وأسماء لها ثقل فى عالم التلاوة.
> من هو مرجعيتك واستاذك وتعتبره قوة فى المجال؟
>> والدى متعه الله بالصحة فضيلة الشيخ محمود صديق المنشاوى ذلك الرجل الذى صنع لنفسه مدرسة خاصة له وكل القراء فى الصعيد من المنيا لأسوان تتلمذوا فى مدرسة والدى لأنهم لم يعاصروا عمى الشيخ محمد صديق مدرسة صعب ان يحاكيها أى قارئ مهما بلغت موهبته لأنه لو استطاع أن يقلد الصوت فمن أين يأتى بخشوع الشيخ الباكى الذى كان له طقوس خاصة قبل أن يقرأ القرآن كان يصمت لمدة 3 دقائق يستحضر فيها قلبه قبل التلاوة ومن هنا كان يأتى الأداء من تسجيلات نفعت الإسلام والمسلمين.
> هل تشجع الكرة وما هو انتماؤك؟
>> أنا لا أتابع الكرة وليس لى وقت لها ولى ملاحظة على المشجعين وطريقة تشجعيهم وتعصبهم.. لكن لو وجدت فرصة أو فسحة من الوقت أعيد مشاهدة أهداف الكابتن محمود الخطيب فهذا الرجل موهوب وخلوق وأهدافه لا يمل منها أى شخص يحب كرة القدم.
> هل تتابع الإذاعة والتليفزيون والقنوات الفضائية أم السوشيال ميديا تغنيك عن متابعتها؟
>> ليس لدى قت لمتابعة التليفزيون أيضاً لكن أتابع الاذاعة بانتظام خاصة البرنامج العام والشرق الأوسط لأن بهما برامج هادفة أما علاقتى بالسوشيال ميديا فأنا من المتأخرين فى هذا الموضوع وعندما وجدت أحد الأشخاص ينتحل اسمى وله حسابات على مواقع التواصل ويضع عليها صورتى سارعت بعمل حسابات على الفيس ووثقتها ولى قناة على اليوتيوب وبصراحة استفدت من هذه التقنيات وهى مفيدة حال استخدامها بصورة طيبة.
> ما هى أمنياتك على الصعيدين الشخصى والعام؟
>> أتمنى على المستوى الشخصى أن يهدينى الله إلى الصراط المستقيم ويبارك فى ذريتنا ويجعلهم من أهل القرآن.
وعلى المستوى العام أن يوفق مصر قيادة وشعبا ويعم الرخاء والنماء على الجميع وان يوفقنا الله لتوفير مقر يليق بنقابة القراء التى اشغل بها منصب الأمين العام خاصة وان المقر الذى وفرناه بالجهود الذاتية فى السيدة زينب بشارع جانبي.. والنقابة حاليا بها 10 آلاف عضو ما بين محفظ وقارئ والحمد لله يشهد الجميع بالطفرة التى حدثت فى النقابة منذ أن انتخبت أمين العام واستخرجت كارنيه ممغنط بعد ان كان مجرد ورقة يسهل تزويرها واعتمدت ضم النقابة بعد ان تشكلت لجنة بوزارة الداخلية وذلك بعد تأسيسها بـ40 سنة.. وبصراحة أنا عاشق للعمل التطوعى وأعمل مع فضيلة الشيخ محمد صلاح حشاد شيخ عموم المقارئ وفاز بالتزكية وأمين الصندوق الشيخ عبدالباسط عمارة ووكيل النقابة الشيخ أحمد الخشت والشيخ ياسر عبدالباسط نقيب القاهرة وعضو مجلس الإدارة.
بفضل الله أنا احييت حفلات بأغلب الدول العربية والأفريقية كذلك دول شرق آسيا وباكستان ومنذ 10 سنوات أقضى رمضان فى أمريكا لإحياء الليالى الرمضانية بما تيسر من آيات الله والذكر الحكيم.. وهذا العام دعيت من قبل تركيا وسأحيى ليلة القدر فى لوس أنجلوس وندعو الله أن نكون من خدام القرآن الكريم وان يجعل ثواب ما قرأناه فى ميزان حسناتي.
> علاقتك بأهلك وعائلتك فى سوهاج هل مازالت موصلة؟
>> بالطبع أهلك والا تهلك فأنا فاتح بيت أبوى فى المنشأة ولى زوجة هناك وأولاد وأتواصل مع أقاربى وألبى أى دعوة وأشارك أهلى الأفراح والأتراح.
فكيف لنا ان نحمل القرآن ولا نعمل به وهو الذى ذكر فيه قوله تعالى (والأقربون أولى بالمعروف) جعلنا الله واياكم من أهل المعروف الواصلين للأرحام وكل عام و»الجمهورية« والبلد والصحيفة بألف خير.