لم أشأ أن أترك العيد الحادى والسبعين لميلاد «الجمهورية» يمر دون أن أشارك فيه بطريقتي، ومن خلال المجال المحبب لى وهو رسائل القراء، وأن أفاجئ عدداً من زملائى وزميلاتى من قيادات الصحيفة بذكريات بداياتهم المبكرة عندما كانوا طلبة فى الجامعات، وكان الالتحاق بالصحافة، و»الجمهورية» بالذات حلماً يراودهم وهم يعدون أنفسهم لبلوغه.
لقد كانت رسائل القراء التى تنشرها «الجمهورية» منذ صدورها الأول وحتى اليوم، وتحت مختلف المسميات: «مع الناس» فى العدد اليومى للصحيفة، و»رسائل العدد الأسبوعي»، التى تحولت إلى «مع الجماهير»، هى البوابة الملكية التى عبروا من خلالها إلى حلم الانتماء لـ «الجمهورية».
والذين أذكرهم من هؤلاء الزملاء الذين بدأوا قراء ومراسلين لـ «الجمهورية» من خلال هذه الأبواب، هم الآن مديرو تحرير ونواب رئيس تحرير ومساعدون وغير ذلك بعد أن مروا برحلة صعود طويلة وشاقة فى الصحيفة.
> ربما كان أقدم هؤلاء «جمال عقل سالمان» من قنا، الذى كان يوقع رسائله باسمه الثلاثى عندما كان طالباً فى قسم الصحافة بكلية الآداب بسوهاج، ثم اختصره إلى «جمال عقل»، بعد أن أصبح أحد أشهر محررى الحوادث فى الصحافة المصرية ونجم ملحق «الجمهورية» الذائع الصيت «دموع الندم» الذى يصدر يوم السبت من كل أسبوع، وصاحب عدد من الكتب التى يروى فيها الكثير من الأسرار المثيرة عن صحافة الجريمة والحوادث.
لقد ظهر اسمه لأول مرة فى باب «مع الناس» فى الثامن من يوليو عام 1977 برسالة يقول فيها: «هل يعقل أن يصل سعر كيلو السكر فى محافظة قنا، وهى محافظة القصب والسكر إلى أربعين قرشاً؟! مجرد سؤال لوزير التموين»!
وقد واصل جمال عقل مراسلة «الجمهورية» دون توقف، وعندما استحدثت الصحيفة ركناً لكتابات قرائها وقارئاتها من الشباب بعنوان «تحت 20 سنة» كان أحد نجوم هذا الركن اليومي، كما قاد مع زملائه بقسم الصحافة عملية إصدار صحيفة «صوت قنا» بمحافظته.
وفى أول مقال له بهذا الركن فى «الجمهورية»، انتقد أن يكون المحافظ رئيساً لمجلس إدارة «صوت قنا» لأن معنى ذلك أنه مشرف على كل ما يكتب فيها، كما طالب بأن تفتح الجريدة صفحاتها للشباب وليس فقط لكبار الكتاب والصحفيين، والمثير للإعجاب، أن المحافظ دعا طلاب قسم الصحافة للاجتماع به واستجاب لما طالب به جمال فى «الجمهورية».
> حمدى حنضل، الذى وصل إلى منصب مدير عام التحرير بالجمهورية، ظهر اسمه فى باب «مع الناس» فى السابع من ديسمبر عام 1977 وكان طالباً بكلية الإعلام جامعة القاهرة برسالة ليقول فيها: «أقترح إنشاء كوبرى يربط بين المدينة الجامعية وجامعة القاهرة لتجنيب الطلبة حوادث السيارات»، والمثير للإعجاب أيضاً، أنه تم بعد فترة من نشر رسالته تمت الاستجابة لاقتراحه وأنشئ الكوبرى المعدنى العلوى الحالي، والذى من حقنا أن نطالب محافظة الجيزة بإطلاق اسمه عليه ليكون كوبرى حمدى حنضل.
> بسيونى الحلواني، مدير التحرير بالجمهورية، ظهر اسمه لأول مرة فى نفس الباب عندما كان طالباً بقسم الصحافة والإعلام بجامعة الأزهر، وذلك فى الثالث من ديسمبر عام 1978 برسالة يقول فيها: أعلنت جامعة الأزهر عن اعتزامها إنشاء كلية للإعلام الإسلامى بالمنوفية.. فهل نجح قسم الصحافة والإعلام بجامعة الأزهر بالقاهرة، أو نجحت الجامعة فى تحويله إلى كلية، حتى تفكر فى المنوفية؟!
وفى رسالة أخرى نشرت فى الثالث من يناير 1979، تساءل بسيوني: «لماذا لا تصدر جامعة الأزهر مجلة خاصة بها، شهرية أو أسبوعية، خصوصاً وأنها تملك إمكانيات ذلك، وبها قسم للإعلام يمكن لطلبته أن يساهموا فيها».. وقد وقع رسالته باسمه وصفته وهي: طالب بالقسم. وتحقق اقتراحه بالفعل.
> جمال عبدالرحيم، الذى تولى رئاسة تحرير «الجمهورية»، وكان عضواً منتخباً بمجلس إدارة المؤسسة، ظهر اسمه بالجريدة لأول مرة فى التاسع من أغسطس عام 1984 وهو طالب بقسم صحافة سوهاج، برسالة للعدد الأسبوعى بعنوان: لماذا القاهرة فقط؟! يقول فيها: فى جامعات مصر أقسام صحافة وإعلام بكليات آداب سوهاج وفى الأزهر وجامعة الزقازيق.. فلماذا يقتصر التعيين فى وسائل الإعلام على خريجى إعلام القاهرة؟!
> طلعت الغندور، أحد نجوم العدد الأسبوعى «للجمهورية» الحاليين، ظهر اسمه فى رسائل العدد الأسبوعى من طنطا لأول مرة فى الرابع والعشرين من ديسمبر عام 1978 برسالة يقول فيها: أعطى رئيس الجمهورية صلاحياته للمحافظين، ومع ذلك لا يقومون بزيارات ميدانية لمواقع الإنتاج فى محافظاتهم إلا بصحبة الرئيس، ولو فعلوا مثلما يفعل لحلوا 60 بالمائة من مشكلات الجماهير.
هؤلاء هم قيادات ونجوم «الجمهورية» الذين بدأوا قراء لها ومساهمين بأفكارهم فيها ومازالوا يقدمون جهدهم وإبداعاتهم فيها خاصة فى صفحات الرأي.. وكان هناك آخرون غيرهم رحلوا عن عالمنا وهم فى أوج توهجهم، هم صفوت أبوطالب الذى نشرت له رسالة فى الرابع من يونيو عام 1977 عن اختفاء سلطة الدولة وسيطرة البلطجية فى حارة عبدالقهار المتفرعة من شارع الإصبع بدائرة قسم الزيتون بالقاهرة.
وعبدالله نصار أحد كبار المحللين الاقتصاديين فى الصحافة المصرية والذى عمل نائباً لرئيس التحرير ورئيساً للقسم الاقتصادى لسنوات طويلة، كما أختير عضواً معيناً بمجلس إدارة المؤسسة، وقد ظهر اسمه لأول مرة فى «الجمهورية» فى رسالة للعدد الأسبوعى من بلدته «كفر شكر» بمحافظة القليوبية، فى الثالث من أغسطس عام 1978 يقول فيها: فى كفر شكر، نجح محتكرو الدروس الخصوصية فى طرد شباب الجامعات المتطوعين للتدريس بقرار من رئيس الإدارة التعليمية، ترتب عليه إغلاق فصول محو الأمية ومشروعات التقوية المجانية فى 22 قرية تابعة.
وفتحية فوزي، التى بدأت نجمة فى عمود «تحت عشرين سنة» بالجمهورية أثناء دراستها بكلية آداب القاهرة، وكتبت به العديد من المقالات المميزة ابتداء من السادس والعشرين من فبراير 1980 وحتى تخرجها والتحاقها بالعمل بالجريدة، ثم انتقالها إلى جريدة «المساء» لتتولى شئون الضرائب بها.
> القرن الحالي، شهد مولد ثلاث نجمات لامعات من بوابة رسائل القراء أيضاً، و»مع الجماهير» بالذات.
> ولاء عبدالله عمران، الطالبة بكلية الدراسات الإنسانية بجامعة المنصورة، ثم جامعة الأزهر بالقاهرة، ظهرت لأول مرة فى السادس من مارس عام 2003، برسالة تقول فيها: اتجاه نادية الجندى ونبيلة عبيد إلى بطولة أعمال تليفزيونية، سيزيد من إقبال المشاهدين على الذهاب إلى السينما..!
وكانت هذه الرسالة تعبيراً عن الاهتمامات الفنية لدى «ولاء»، والتى كان نشر صورتها فى «مع الجماهير» لأول مرة، مثيراً للكثيرين الذين طالبوا بتتويجها بملكة جمال القارئات.
ولاء عمران الآن محررة فنية لامعة بالجمهورية، وعضو منتخب بالجمعية العمومية بالمؤسسة.
> دعاء عمرو عبدالله، وشهرتها الصحفية دعاء عمرو، كانت طالبة بكلية الآداب جامعة المنوفية، عندما نشرت لها رسالتها الأولى فى الثالث من مارس 2005 تقول فيها: أتابع الشات على الفضائيات، وأذهلنى أن البنات يعرضن على الشباب الزواج.. ألهذه الدرجة اختفى الحياء؟!
دعاء عمرو واصلت مراسلة «مع الجماهير» بكثافة طوال مدة دراستها، وكانت ضمن أوائل القارئات فى عدد الرسائل المنشورة لها لثلاث سنوات متتالية 2005 – 2006 – 2007 حتى تخرجت والتحقت بالجمهورية وهى الآن من نجمات الجريدة.
> آخر العنقود.. ولكم استكمال المثل الشهير، هى مى ياقوت، نجمة قسم الحوادث وملحق «دموع الندم» التى بعثت بأولى رسائلها من كلية الآداب جامعة الزقازيق فى الثالث عشر من يوليو عام 2006.. تقول فيها: معظم محطات السكة الحديد فى عواصم المحافظات تم تجديدها والاهتمام بنظافتها، إلا أن هذا الشكل الخارجى يتناقض تماماً مع الطريقة البدائية التى يتم بها قطع التذاكر، حيث لا يوجد حاسب آلي.
هذه نماذج مضيئة لشباب شقوا طريقهم لتحقيق أحلامهم.. ولصحيفة كانت ومازالت تفتح ذراعيها لقرائها، وكل عام و»الجمهورية» أكثر تألقاً وانتشاراً.