قالوا لنا ونحن فى مراحل التعليم الأولى ان حليق اللحية فى النار وله عذاب أليم وقد كان أبى رحمه الله والذى رحل عن دنيانا منذ ربع قرن او يزيد حليقا وقد عرفته مجاهدا ومكافحا من طلوع الفجر الى غروب الشمس يسعى لتدبير لقمة العيش لى واشقائي.. وكان احرص من كثيرين على أداء الصلوات فى وقتها. وزيادة على ذلك فهو لم يكن منافقا أو كذابا بل كان مدرسة متفردة فى عالم الإيثار والصدق وحب الآخرين.. حرم من نعمة التعليم إلا انه كان أفضل بكثير ممن علمونا أن حليق اللحية فى النار.
وقالوا لنا ونحن صغار ان النقاب فريضة شرعية وان النساء اللواتى يتركنه ستلفحهن النار فى يوم شديد الحر وقد كانت امى التى لم تلبسه ذات مرة عنوانا للحياء والعفة وكانت صنوانا لأبى فى كل تحركاته فى الحقل تساعده وتشد من أزرة وفى البيت الطاهية المديرة وهى من حافظت له على ماله وكانت الرائدة فى مساعدة الفقراء والمساكين ومن عضدهم الدهر بنابة وما أغلقت بابها فى وجه محتاجة افتقرت إلى الزاد. أمى لم تعرف جلسات السمر والضحك على عباد الله كما تفعل المثقفات من يدعين كذبا أنهن من النخب وقد عرفت بأنها على الدوام صوامة قوامة وأدت فريضة الحج..
وقالوا لنا أيضا ان فلانا شيوعى وكافر بما أنزل الله وعندما كبرت سنى واقتربت منه رأيته صواما قواما يصلى ويصوم وينفق على الفقراء والمساكين وربما عجز عن أداء فريضة الحج لضيق ذات اليد وان كان مثالا فى الصدق والوفاء بالعهد والوعد مدافعا عن المقهورين والمكلومين. وقالوا لنا ونحن صغار ان الأحزاب السياسية شرك ورجس من عمل الشيطان وعندما اشتد عودنا ودخلناها لم نر صنما يعبد أو كتابا يدعو الى إنكار وجود الله.
وقالوا لنا ونحن صغار ان أموال البنوك سحت بل هى حرام ومن نبت جسده من حرام فالنار أولى به وعندما كبرنا علمنا من أهل الذكر إن تعاملات البنوك فى أغلبها أبعد ما تكون عن الحرام وهى من الأمور المستحدثة التى تقبل الاجتهاد والخلاف فيها واجب وضرورة.
وقالوا لنا ونحن صغار ان التعامل مع غير المسلمين لايجوز وعندما اشتد ساعدنا علمنا من أهل الاختصاص أن الإسلام الذى جاء به محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم يقبل التعايش مع الجميع فهو من أمرنا بمجادلة أهل الكتاب بالتى هى أحسن وانه ضد الأكراه (لكم دينكم ولى دين) ماداموا لايقاتلوننا فى الدين. وقالوا لنا ونحن صغار أن التعامل مع الإخوة المسيحيين خروج عن الملة وعندما كبرنا علمنا أن اليهود والنصارى لهم ما لنا وعليهم ما علينا وان طعام أهل الكتاب حل لنا وان الجار اليهودى زاره النبى صلى الله عليه وسلم عندما مرض بل هو من وقف لجنازة آخر وقال اليست نفسا؟ وان المجتمع المسلم يسع كل الديانات الاخرى وان كانوا كفارا. وقالوا لنا ونحن صغار ان هناك كذبة بيضاء وأخرى سوداء وعندما كبرنا تعلمنا من الاختصاص أن الصدق هو أقرب الطرق للوصول الى الحقيقة وان المصارحة والمكاشفة من سمات المسلم. مصطلحات كثيرة تعلمناها وثبت زيفها والمؤسف ان فينا ومنا من ما زال يرسخ لها ويتبارى انه بما يطرحه هو الأصوب..