قصار القامة.. فئة تمتلك الاصرار، يرفضون الاستسلام للتهميش والتنمر.. ويواجهون المتاعب برغبة فى النجاح، غاضبون من الذين لا يحترمون خصوصيتهم أو يتنمرون بهم، لكنهم يرون الرئيس السيسى لمساندته لهم مع كل ذوى الهمم خفف عنهم وفتح أمامهم أبواب الأمل.
قصار القامة ليسوا كما يصورهم البعض غير قادرين بل لديهم مواهب ومنهم من يحققها وقادرون على التحدي
يبذلون كل ما فى وسعهم من أجل تحقيق النجاح والتميز.. خرجوا من رحم المعاناة ليبهروا الجميع بإنجازات كبيرة.. بعضهم تمكن من اثبات ذاته فى المجال الذى يحبه من كرة القدم إلى السباحة والرسم والغناء وكل أمانيهم أن يحترمهم الجميع وأن يجدوا نقابة تعبر عنهم.
عصام شحاتة عوض الله – 58 عاما – حاصل على دبلوم تجارى وموظف بوزارة المالية، نجح فى تأسيس جمعية الاقزام المصرية، الجمعية الوحيدة والأولى بمصر، قبل 14 عاما ليضم كل قصار القامة المصريين بها لمناقشة مشاكلهم وطرح حلولها.
وقال شحاتة : «جاءت الفكرة عندما كنت أعمل بالكويت مع مجموعة من المصريين.. وكنا بصدد العودة من الكويت إلى مصر.. وكان من المنتظر أن نفترق فور العودة لمصر حيث كان كل شخص سيبحث عن عمل جديد لديه.. لذا جاءتنا فكرة إنشاء الجمعية.. وبالفعل قمنا بمخاطبة الدولة والتى لم تتأخر وحصلنا على تصريح الجمعية وحتى الآن تضم 350 ألف عضو.
غياب ممثلين عنهم
يكشف عصام أنه صدم عندما وجد أنه ليس هناك أى دور لقصار القامة ولا وجود لهم ومهمشون.. فلا يوجد ممثل عنهم فى أى مجلس أو انتخابات فالمجلس القومى للإعاقة به جميع الممثلين عن الاعاقات لقصار القامة.. وأيضا قانون 5 % لا يعترف بهم ولا يعترف بأنهم معاقون من الأساس.. ويقول : تقدمت بطلب للدكتورة غادة والى وزيرة التضامن السابقة والتى وافقت على ضمهم للمعاقين وأصبحت الجمعية مسئولة عن البحث عن عمل ونجحت فى توظيف العديد من الأقزام وخاصة بمجال السياحة.
أضاف عصام أن الجمعية عقدت بروتوكلات صحية مع بعض الأطباء لتخفيض الكشوف العلاجية والتحاليل بالإضافة إلى عمل بروتوكول تعاون مع أحد المستشفيات بالإسكندرية لمعالجة التقوس بالمجان لأبناء قصار القامة لأن مشكلة التقوس تؤثر بشكل كبير على الظهر وتعمل على تآكل الفقرات مما يسبب ألماً شديداً لا يشعر به أحد كما نشعر به.
يقول عصام إن الجمعية قامت بإنشاء أول مصنع ملابس مقاسات مناسبة واستطعنا الحصول على الآلات الخاصة بالتصنيع وبالفعل شاركت السيدات وكانت خطة العمل تجرى بشكل جيد وبدأنا فى الانتشار وكنا على وشك عمل بروتوكولات مع بعض الدول العربية لتصدير ملابس لهم ولكن بعض الآلات توقفت وظلت على حالها لمدة 5 سنوات مما أدى لتوقف العمل وانتهى المصنع.
قام شحاتة أيضا بإنشاء أول نقابة لهذه الفئة وتم تشكيل لجنة طبية واجتماعية لهم ولكن تم اغلاقها مع قرار إغلاق النقابات الخاصة عام 2015 ولكنه حرص على توفير لجنة طبية بالجمعية لتخفيض أسعار الكشف والتحاليل وأيضا توفير كابينة صيفية بشاطئ ستانلى بالمجان لمن يريد السفر.
ويقول شحاتة: نواجه مشكلة أخرى فى الحصول على رخصة قيادة السيارة فالعديد منا يمتلك سيارات المعاقين.. ولكن يرفض الكومسيون الطبى منحنا رخص القيادة إلا فى حال وجود مرافق.. وتساءل شحاتة هل يعقل عندما استقل سيارتى للذهاب لأى مشوار أن الزم أحداً بالنزول معي؟ هل أنا شخص غير مؤهل؟ أو فاقد الأهلية؟!
عمليات التطويل
ويطالب شحاتة أن تقوم وزارة الصحة بإتاحة عمليات التطويل لهم خاصة أنه صدم عندما تقدم بأكثر من طلب قوبل بالرفض لأنه لا يوجد بروتوكول تعاون بالوزارة مع قصار القامة لعمل هذه العمليات أو العلاج على نفقة الدولة.
عصام يشير إلى تأسيس فرقة لقصار القامة للفنون الشعبية قدمت عروضًا متميزة، ويعتبر لقاء د. هنو وزير الثقافة وحواره مع قصار القامة وتعهده بدعم فرقة قصار القامة للفنون الشعبية.. تأكيد على دعم القيادة السياسية
تقول نسرين حامد، خريجة دبلوم صناعى وأمين عام الجمعية، إنها كانت تحب تخصص الكهرباء ولهذا تقدمت للتعليم الصناعى ولديها أشقاؤها وهم طبيعيون لا يعانون من مشكلة.
وأكدت : «كان طولى 130 سم ولكن بعد أعوام أصبحت 120 بسبب التقوس وزيادة الوزن.. تربيت فى بيت جميل لا تفرقة بينى وبين وأشقائى أبدا ولكن مرحلة الاعدادية كانت الاكثر تساؤلا عن حالتى وكنت أسمع الهمسات والتساؤلات التى كانت تسبب حزناً كبيراً لى ولكن أسرتى كانت تدعمنى بكل السبل حتى اجتزت هذه المحنة».
أكدت نسرين انها ع تعمل بالجمعية منذ 14 عاما وقامت بإنشاء أول فصل لمحو أمية قصار القامة وخاصة من خرج من التعليم ولم يكمل دراسته سواء لأسباب مادية أو نفسية وقمنا بعرض الفكرة وبالفعل اشترك حوالي13 فردا ليتعلموا وكنا نقوم بعمل 3 حصص فى الاسبوع وتم تخريجهم وتعليمهم.
أشارت نسرين أيضا إلى أنهم مسئولون عن ملف المرأة والطفل.. فالأطفال الذين يولدون بمشكلة التقوس تتولها المستشفى المتعاقد معها بالإسكندرية.. وأضافت: «نحاول بعدها عمل الجلسات العلاجية مع بعض الاطباء ونقوم بتنظيم احتفالات لهم ورحلات وأنشطة توعية ثقافية ودينية كزيارة المساجد والكنائس ومحاضرات عن التنمر وكيفية مواجهته.. خاصة وأن جيل هذا الوقت أصعب من ذى قبل.
وقالت نسرين أنه : «بالنسبة للمرأة هناك لجنة للبحث عن وظائف داخلية وخارجية لهن أو اشراكهن بأعمال تطوعية لمساعدة احدانا للأخري.. ولا نترك المطلقات دون عوائل أو مصدر رزق ولا يغيب عنا دور الأمهات العظيمات ونقوم بتكريمهن بحفلة تقام بالجمعية للأم المثالية.. كما نقوم بعمل لجنة للبحث عن شريك الحياة فقد كان يعرض برنامج عالم قصار القامة فيما مضى وكان يعرفنا على بعضنا والآن الجمعية تقوم بذلك.
وتطالب نسرين أن يحسن المجتمع نظرته لهم لأنهم بشر ويعملون وليس مختلفين والاختلاف إن وجد يوجد فى التعب والمجهود الذى نبذله ضعف العاديين.. فيجب أن يفتح المجتمع أذرعه لاستقبالهم وتوفير سبل العيش الأمن لهم .
لاعب رغم أنف الجميع
قال مصطفى على حسن- -28 عاما تخرجت فى كلية التجارة جامعة إسكندرية.. الحكاية بدأت عندما ولدت وعلم والدى أننى قصير القامة رغم أن لديّ أخا وأختا ولكنهما طبيعيان ليس لديهما مشكلة ولا يوجد فى عائلتنا أبدا هذه الحالة إلا أنا ولكنهم منذ الصغر كانوا جيدين معى ويعلموننى كل شيء.. وأضاف: «تعرضت لكل أنواع التنمر وكنت أقف وأحزن ولكن والدتى كانت سندا لى دائما وتقف بجانبى حتى أصبح حلمى لعب الكرة.. ولكن الجميع وقف أمامى وتساءل هل يعقل أن يلعب قزم كرة قدم؟ ولكن كما قلت أسرتى كانت داعمة لى وأصررت على التدريب وخضت مباريات كثيرة وحصلت على ميداليات ولكن لم يقف حلمى هنا فقط.. فعندما انضممت إلى جمعية قصار القامة قمت بإقتراح فكرة تأسيس أول فريق كرة قدم لقصار القامة ونالت الفكرة استحسان الجميع وقمنا بتكوين فريق قمت بتدريبه وحتى الآن نخوص مباريات ودية مع بعض الفرق الأخرى وليس قصار قامة فقط بل عاديون أيضا».
وينصح مصطفى الجميع وليس قصار القامة ان يستمروا فى نجاحهم فالتنمر محاولة للقتل وليس لفظ يقال فقط.
رفضت حقنة التطويل
تقول أسماء بدر الله عبد النبى «31 عاما» حاصلة على دبلوم صناعي.. لديها إخوة أيضا لا يعانون من مشاكل وإنها لم تشعر أنها مختلفة أبدا داخل منزلها ولكن المجتمع كانت نظراته وحدها متعبة نفسيا ولهذا انهارت من التساؤلات والنظرات وسماع كلمات غير لائقة.. لتصر على عمل عملية للتطويل.
وأشارت إلى أن والدها لم يقف أمام رغبتها بل دعمها حتى وجدت أن الحقنة لها آثار جانبية ومن الممكن أن تسبب لها أمراضاً فرفضتها وتقبلت حياتها وشكلها كما هي.
والتحقت أسماء بالعمل بأحد مصانع الملابس وسمعت عن جمعية قصار القامة وتقدمت لها وكانت هى السبب فى خطبتها بأحد قصار القامة.. وأكدت أن بعد خطبتها وجدت أن الحياة بدأت فى الابتسام لها وايضا انضمت لفرقة الفنون الشعبية وكانت الفرقة تقوم بالاستعراضات حتى تم تسجيلنا كأول فرقة فنون شعبية لقصار القامة بوزارة الثقافة وبالفعل تم تسجيلنا إلا أننا مازلنا لم نتلقى أى عروض حتى الآن وتوقفنا.
تتمنى أسماء أن يكون لقاء وزير الثقافة بداية مختلفة وأن يتم تبنى الفرقة من وزارة الثقافة والاستعانة بهم فى حفلات «قادرون باختلاف» فهم لهم الحق فى الاشتراك. تضيف أسماء أنه يجب أن نشكر الرئيس عبدالفتاح السيسى على مجهوداته واهتمامه بفئات الاعاقة لأنه الوحيد الذى نظر لهم واهتم بهم وقام بعمل معاشات تكافل وكرامة محاولا تحسين ظروفهم والوقوف بجانبهم
أول غطاس من الاقزام
أكد محمد سيد سعد «39 عاما»، خريج معهد حاسب ألى ، أن قصار القامة لا يعانون مشاكل صحية فقط بل نفسية أيضا.. مشيرا إلى أنهم يشعرون بالرفض أو التهميش من المجتمع.
وقال : «كنت من ضمن أول فريق غطس واشتركنا فى احتفالية بمدينة شرم الشيخ لتوجيه الشكر للرئيس لأنه لا يهتم بنا فقط بل يشعر بمعانتنا ولهذا اهتم بملف الاعاقة بمصر فالإعاقة ليست جسدية كما يرانا البعض بل هى إعاقة عقل فى عدم الفهم أو الانتاج فجميعنا نعمل ونساعد بعضنا البعض ونقوم بأعمال تطوعية فكنت أشارك فى العديد من الاعمال التطوعية بجمعية رسالة والصم والبكم وسواعدنا».
وأشار إلى أنه رغم عمله بإحدى الشركات وعمله كنائب لجمعية الاقزام وإشرافه على العديد من الانشطة إلا أن حلم الغطس لم يفارقه وتعلمه رغم كل المعوقات بل وكون فريقاً ليعلمه أيضا.
مقررات دراسية للتنوع المجتمعي
كل ما يطلبه محمد أن يتم عمل مقررات دراسية بالمدارس عن التنمر والتنوع المجتمعى الذى نعيشه وفكرة التقبل كمادة مضافة للمجموع لتكون مهمة وأن نخلق جيلاً مثقفاً ورائداً بالفكر وليس معوقاً متنمراً.
إبراهيم ناجى «35 عاما»، حاصل على الابتدائية، يقول أنه لم يحصل على عمل فى حياته بسبب كونه ذا قامة قصيرة.. مشيرا إلى أن والده ووالدته هما من كانا يقومان برعايته وأنه وحيد وليس لديه إخوة أو أخوات ولهذا قرر النزول والاختلاط بالواقع المرير الذى لم يرحمه من تنمر وعدم إتاحة فرص له.. وبعد بحث مستمر حصل على عمل بأحد المطاعم لتقديم الطلبات وفى بداية الأمر كان الرواد يتعجبون ولكنه كان يتجاهل هذه النظرة حتى اعتادوا عليه وأصبح له أصدقاء وأيضا أصبح معروفا لدى العديد.. ومنهم من يطلب التقاط صور معه ليخرج من الاكتئاب والتنمر إلى نجاح وحب.. وأشار إلى أنه يتمنى عمل نقابة خاصة بهم لتوفير وظائف أو الحصول على امتيازات خاصة بأصحاب القامات القصيرة من شقق سكنية أو علاجية وغيرها ويتمنى أن يتقبلهم المجتمع.
«بحلم أغنى وأمثل»
عبرت نادين محسن من قصار القامة عن أمنيتها بالغناء خاصة ان العديد أكد لها ان صوتها جميل كما شاركت بمسرح الجامعة فى العديد من المسرحيات وتتمنى ان تنال حظها فى الاستعراض لتثبت موهبتها وانها مثل الجميع ولا يوجد فرق أو تمييز.
تعهد بدعمهم ورعاية الموهوبين
وزير الثقافة يلتقى أعضاء جمعية
وفرقة قصار القامة للفنون الشعبية
أكد الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة ان وزارة الثقافة ستظل داعمة لجميع المواهب وهو ما يمثل أحد أولويات القيادة السياسية، كما وجه وزير الثقافة الكاتب محمد عبدالحافظ ناصف نائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة بسرعة حل المعوقات التى تواجه فرقة قصار القامة للفنون الشعبية بما فى ذلك توفير مقر جيد ومناسب لتدريب الأعضاء وتوفير ملابس ملائمة وإنهاء مستحقاتهم المالية المتأخرة، بالإضافة إلى إعداد برنامج مشاركات وعروض خاصة بهم فى الفعاليات التى تنظمها الوزارة لتعريف الجمهور بفرقتهم.
أكد وزير الثقافة انه سيقوم بحضور أحد عروض الفرقة بعد حل جميع المعوقات فى أقرب وقت ممكن.
من جانبه أعرب عصام شحاتة والوفد المرافق له عن سعادتهم بهذا اللقاء وثقتهم الكاملة فى دعم القيادة السياسية لهم ولكل أصحاب المواهب، مشيرا إلى أن الفرقة تعد أول فرقة فنون شعبية مصرية من قصار القامة ومعتمدة من وزارة الثقافة، كما توجه بالشكر إلى وزير الثقافة على سرعة استجابته لندائهم ودعمه لقضيتهم.
أكد الكاتب محمد عبدالحافظ ناصف بدء العمل على الفور لسرعة حل جميع العقبات وتنفيذ توجيهات وزير الثقافة فى هذا الشأن، مشيرا إلى مشاركة الفرقة فى أول مهرجان لفنون التحدى الذى ستنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة خلال شهر ديسمبر المقبل.
جدير بالذكر ان فرقة قصار القامة للفنون الشعبية بالاسكندرية هى أول فرقة معتمدة من وزارة الثقافة فى هذا الإطار وتتألف من 25 عضوا بين راقصين وإداريين وقد شاركت فى عدد من الفعاليات منها مهرجان «أولادنا» لذوى القدرات الخاصة.
جاء ذلك خلال لقاء أحمد فؤاد هنو بعصام شحاتة رئيس جمعية «الأقزام المصرية» والوفد المرافق له من أعضاء الجمعية بحضور الكاتب محمد عبدالحافظ ناصف نائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة لبحث أطر تعزيز التعاون وسبل دمجهم فى فعاليات وأنشطة الوزارة.
خلال اللقاء تم استعراض عدد من المعوقات التى تواجه عمل فرقة قصار القامة للفنون الشعبية فى الاسكندرية وآليات دمجها فى أنشطة وزارة الثقافة.