«لم أنفّذ المهمة، وسأحمل هذا اليوم الأسود كل يوم وليلة»… هكذا علل أهارون حاليفا رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلى «أمان» استقالته من منصبه فى إشارة إلى يوم السابع من أكتوبر الماضى الذى شهد تنفيذ عملية «طوفان الأقصي» .
قال هاليفا فى نص الاستقالة، الذى قدمه لرئيس الأركان هرتسى هاليفي، إن «شعبة الاستخبارات لم تقم بالمهمة التى اؤتمنت عليها»، داعيا إلى «تشكيل لجنة خاصة للتحقيق فى الأحداث التى قادت إسرائيل إلى ما جرى يوم 7 أكتوبر» .
تتبع شعبة الاستخبارات هيئة الأركان فى الجيش، وتعدّ أكبر الأجهزة الاستخبارية، وتسند للهيئة مسئولية تزويد الحكومة بالتقييمات الإستراتيجية التى على أساسها تُصاغ السياسات العامة، خصوصا فيما يتعلق بقضايا الصراع.
توجد أسباب عدّة أخرى خلف استقالة حاليفا، التى لا تتوقف على إخفاقات 7 أكتوبر فقط، وإنما منها الفشل مهام فى عدة «بينها التنبؤات وسوء التقدير لما يخطط له أعداء إسرائيل» كما كشفت الحسابات الإسرائيلية الخاطئة التى ظنت أن إيران لن ترد على اغتيال عدد من قادتها العسكريين فى ضربة طالت سفارتها فى العاصمة السورية دمشق. لكن طهران قامت بإطلاق موجة واسعة من الطائرات المسيرة والصواريخ الباليتسية فيما تعد المرة الأولى التى تهاجم فيها إيران الأراضى الإسرائيلية بصورة مباشرة.
كما يعتبرعدم تحقيق أى هدف إسرائيلى فى قطاع غزة حتى الآن، من القضاء على القدرات العسكرية لحماس واستعادة الرهائن الإسرائيليين فى غزة، من بين الأسباب التى تكشف عمق التخبط والشعور بالهزيمة الذى دفع بالمسئول الاستخباراتى الرفيع إلى الاستقالة من منصبه، لا سيما أنها تاتى قبيل الهجوم المخطط له لمدينة رفح.
يعد حاليفا، المولود فى 1967 لأبوين مغربيى الأصل، هو أول سياسى أو عسكرى إسرائيلى بارز يستقيل بسبب هجمات طوفان الأقصى ويتوقع محللون عسكريون أن تفتح هذه الاستقالة الباب أمام قادة إسرائيليين آخرين، ليتحملوا مسئولية الإخفاقات الكبيرة والاستراتيجية التى كشفت ضعف جيش الاحتلال وهشاشة المنظومة الأمنية الإسرائيلية.
من جانبه، رحب زعيم المعارضة يائير لابيد باستقالة هاليفا وطالب رئيسَ الوزراء بنيامين نتنياهو بأن يحذو حذوه.
كانت فصائل فلسطينية وصفت استقالة حاليفا بأنها «أولى حجارة الدومينو الإسرائيلية المتساقطة» مؤكدةً أنها «دلالة واضحة على حالة الفشل المتراكمة داخل المؤسسات العسكرية والأمنية بإسرائيل» وفق تعبيرها الموحد.
بالفعل، توقّعت وسائل إعلام إسرائيلية أن تجر استقالة هاليفا سلسلة من الاستقالات فى قيادة الجيش الإسرائيلي، خلال الأسابيع المقبلة أو بعد صدور التحقيقات الداخلية فى الجيش، المتوقعة خلال الصيف المقبل.
من بين القيادات المتوقع أن تقدم استقالتها رئيس الأركان هرتسى هاليفي، ونائبه أمير برعام، إلى جانب قائد فرقة غزة أفى روزينفلد، وقائد المنطقة الجنوبية يارون فينكلمان رغم أنه كان فى منصبه لمدة شهرين فقط قبل 7 أكتوبر الماضي.
كما يتوقع أن يقدم سلفه أليعازر طوليدانو استقالته أيضا، وكذلك الحال بالنسبة لقائد شعبة العمليات شلومى بيندر، الذى يتوقع أن يقدم استقالته بسبب الانتقادات التى وُجهت له بخصوص نقل كتائب من قيادة فرقة غزة إلى الضفة الغربية عشية 7 أكتوبر.
من المفارقات أن بيندر مرشح لخلافة هاليفا رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية المستقيل، رغم التوقعات بتقديم استقالته أيضا خلال الفترة المقبلة. فى السياق، أعلن قائد المنطقة الوسطى فى جيش الاحتلال الإسرائيلى اللواء يهودا فوكس، يوم الإثنين الماضي، اعتزامه الاستقالة من منصبه فى أغسطس المقبل، لتكون استقالته المرتقبة هى الثانية من نوعها خلال ساعات لقائد كبير فى الجيش الإسرائيلي.
أفادت قناة كان، التابعة لهيئة البث الإسرائيلية الرسمية، بأن فوكس أبلغ رئيس الأركان اللواء هرتسى هاليفى بقراره الاستقالة.