سيظل هذا الفيلم الهوليودى الذى اخرجه اللوبى اليهودى فى الكونجرس الأمريكى المكون من نحو 26 عضواً للنتن ياهو رئيس وزراء إسرائيل وصمة عار تلاحق القتلة حتى يوم الدين.. مشاهد هوليودية تصطنع حفاوة كاذبة ومبالغ فيها أسقطت ورق التوت عن عورات الديمقراطية وحقوق الإنسان الأمريكية!!
التصفيق والتصفير الحاد من النواب الأمريكيين الذى وصل إلى 81 مرة فى كلمة استغرقت 52 دقيقة منذ دخوله إلى القاعة.. يعنى مرة كل نحو 40 ثانية وهو ما لا يحصل عليه حتى أكبر ممثل كوميدى ساخر.. ما حدث يشعرنا اننا أمام كوميديا هزلية علينا ان نفيق منها بعد ان تحول أكبر قاتل وسفاح إلى الشيطان يعظ.
أعتقد لو ان هتلر كان يخطب أمام البرلمان الألمانى «البوندستاج»، عقب اجتياح أوروبا ما كان سيحظى بربع هذا التصفيق.. وان نابليون بونابرت ما كان سيحظى على ربع هذا التصفيق أمام البرلمان الفرنسى وهو يغزو شرقًا وغربًا.. بل ان جورج واشنطن مؤسس الولايات المتحدة الأمريكية نفسه لو بعث اليوم ليرى مشروعه وقد غزا وسيطر على العالم ما كان ليحظى بربع هذا التصفيق منتهى الكوميديا السوداء، شعوب العالم كله تتظاهر رافضة النازية الصهيونية الإسرائيلية ومنددة بحرب الابادة التى ترتكبها إسرائيل ضد مواطين عزل وأطفال رضع ونساء وشيوخ، وحرق للأخضر واليابس فى غزة.. وفى نفس الوقت يستقبل النتن ياهو كالزعماء المنتصرين رغم انه المطلوب القبض عليه للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمته كمجرم حرب.
منتهى الكوميديا الهزلية التى تنال من صورة المدافعين عن الديمقراطية وحقوق الإنسان استضافه النتن ياهو للمرة الرابعة على مدى سنوات حكمه ليكون أكثر زعيم أجنبى فى التاريخ يستضيفه الكونجرس الذى من المفترض ألا يستضيف الا شخصيات معدودة كنوع من الحفاوة بالزعماء الأجانب للتحدث أمام الكونجرس بمجلسيه، مجلس الشيوخ ومجلس النواب.. وهنا يكون السؤال هل عدلتم فى اللائحة لاستضافة القتلة والمجرمين بقرار المحكمة الجنائية الدولية.
حاولت البحث عن تفسير، لم أجد سوى تفسير واحد هو ان إسرائيل ليست الولاية الــ 51 لأمريكا كما كنا نطلق تندرا، لكنه الوجه الآخر من الكيان الأمريكي، لذلك علينا جميعًا ان نفيق من الوهم وان نندرك اننا أمام مسلسلات من الكذب وان تصريحات المسئولين الأمريكيين التى نتصورها مع المصالح العربية أو الفلسطينية من عينة إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية على أرض فلسطين والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني.. الخ لا تزيد على أوهام واكاذيب وحيل لاستنزاف الوقت والجهد وتخدير الشعوب العربية حتى يتحقق الحلم الصهيونى الأكبر بإقامة كيان صهيونى من المحيط الاطلنطى إلى الخليج العربي.
اذا كانت الولايات المتحدة ذاتها هى ابنة الامبراطورية البريطانية التى ولدت على جثث الهنود الحمر، فالكاوبوى الامريكى يحاول استنساخ التجربة بتجميع اليهود من انحاء العالم على جثة الشعب الفلسطيني، ولكنه لا يدرك الكاوبوى ان الفلسطينيين ليسوا كالهنود الحمر، وان الأرض والوطن جزء من جسدهم، يموتون ولا يموت وطنهم لان هناك من احفادهم من يحملون الراية دائمًا لكن دعونا نعترف ان الفارق بينهم وبيننا اننا نتفرج وهم يخططون وينفذون ويكذبون ويستمرون فى اكاذيبهم حتى يظنون ان الكل صدقهم، ومع ذلك يفاجئون بشعاع نور فى نهاية النفق مثل حرب غزة الآن.
هم مثلاً ورغم وجود لوبى يهودى له نفوذ لا يكتفون به بل يجددون أهدافه كل لحظة.. على سبيل المثال بعد فضيحة وهزيمة 7 أكتوبر الماضى التى قامت بها حماس تكون تحالف جديد لأول لوبى يهودى بالكونجرس من 20 عضوًا يهوديًا من أصل 26، لوبى غير رسمى وسرى الأهداف، وانعقد الاجتماع بمكتب ديبى واسرمان عضوة الكونجرس اليهودية.. نعم لم يلق اللوبى اعترافًا رسميًا حتى الوقت الحاضر لكن يبدو ان إحدى نتائجه الظاهرة كانت ما حدث فى التصفيق والصفير الذى نال من هيبة الكونجرس ووقاره أمام شعوب العالم وفى مقدمته جموع كبيرة من الشعب الأمريكي.
والسؤال اذا كان عدد اليهود فى أمريكا ضعف عدد المسلمين، يكون الغريب ان تفوقهم لم يقف عند العدد فقط لكن فى عدد ممثليهم فى الكونجرس ومراكز صنع القرار للدرجة التى يتبارى أى رئيس أمريكى فى الدفاع عنهم وعن حقوقهم المزعومة.
والسؤال متى نصل كعرب ومسلمين «حوالى 3.45 مليون مسلم، يمثلون نحو 1.1 ٪ من إجمالى سكان البلاد» إلى صناعة مثل هذا اللوبى خاصة ونحن نملك كدول وجماعات وأفراد مبالغ طائلة فى البنوك والمؤسسات الأمريكية التى يمكن ان تعوض الفارق فى العدد؟!