فى منتصف الأربعينات، كانت الصبية الفقيرة «نهاد حداد» تسترق السمع من نافذة منزلها لصوت راديو أحد الجيران، حيث تترامى إليها اغنيات عذبة لام كلثوم، ومحمد عبد الوهاب واسمهان، وفريد الأطرش وليلى وغيرهم من أساطين مدرسة الغناء المصرية، تعلقت الصبية الصغيرة بهذه الأصوات وأحبتها، وبدأت «تدندن» بما تسمعه وتحفظه من أصوات هؤلاء المطربين.
تجلت موهبتها الغنائية بسرعة التقاطها الألحان الموسيقية وجودة تأديتها، وعندما تقدمت للجنة الاستماع فى الإذاعة اللبنانية وكان ذلك فى أوائل شهر فبراير عام 1950، غنت موال ياديرتى مالك علينا لوم الذى كانت تغنيه أسمهان، كما غنت المقطع الأول من أغنية «يازهرة فى خيالي» لفريد الأطرش، ونجحت فى اختبار الإذاعة، حيث عملت فى البداية ككورس فى الإذاعة اللبنانية. وبعد اسابيع، أعجب الملحن حليم الرومى بصوتها، وقرر أن يتبناها، وأعد لها أغنية بعنوان «تركت قلبى وطاوعت حبك» على غرار الأغانى المصرية التى كان متأثراً بها بعد دراسته فى القاهرة، وغنائه فى الإذاعة المصرية.
فى مشوار فيروز الفني، أن عام 1966 من الملحنين الذين كان من المقرر أن تتعاون معهم جارة القمر فهو رياض السنباطى الذى لحن لها بعد طلاقها من عاصى الرحبانى ثلاث قصائد «بينى وبينك، وأمشى إليك» للشاعر جوزيف حرب، والثالثة له «اه لو تدرى بحالي» من تأليف الشاعر المصرى عبدالوهاب محمد.
حفظت فيروز القصائد الثلاثة، وبعد وفاة السنباطى صرحت بأنها سجلت عام 1985 موسيقى القصائد فى استديو بعلبك تحت إشراف المايسترو وليد غلمية، ولكن لم تظهر القصائد للنور.
لكن فى رحلة فيروز مع الغناء المصرى التى تبدو محدودة إلى حد ما تجربتها مع فنان الشعب سيد درويش الذى أعادت من الحانه وتوزيع الأخوان رحبانى العديد من الأغنيات مثل «زورونى كل سنة مرة، والحلوة دى قامت تعجن فى الصبحية، انا هويت وانتهيت»، كما أعادت من توزيع ابنها زياد الرحبانى «أهو دا اللى صار».
زارت فيروز مصر خمس مرات، زيارتها الأولى كانت نهاية عام 1955 لقضاء شهر العسل، وفى عام 1955 جاءت تلبية لدعوة الإذاعة المصرية، وسجلت العديد من الأغنيات لإذاعة صوت العرب.
المرة الثالثة كانت عام 1966 وفى هذه الزيارة حضرت كثيرا من اللقاءات، إضافة لمقابلة تليفزيونية مع سلوى حجازي، فضلا عن حوار إذاعى مع المذيعة آمال فهمى التى كانت تربطها بها علاقة صداقة قوية.