التنوع البشري هو الأصل والتطابق هو الاستثناء، فالله قد خلقنا شعوبا وقبائل لنتعارف، هذا التعارف لن يتأتى إلا بالحوار والنقاش وتبادل المعارف والثقافات والعادات، فالتنوع جنسا وعرقا ولونا ودينا وثقافة هو سر البقاء، غير مُتصور أن نكون جميعا في قالب واحد.. جنس واحد وعرق واحد ودين واحد ولغة واحدة وثقافة واحدة ورأي واحد، نحب جميعا نفس الشئ ونكره جميعا نفس الشئ، هذا ضرب من الخيال ولون من الجنون، من هنا كان التنوع ثراء، وكان الرأي الآخر والفكر الآخر والثقافة الأخرى من ضرورات البقاء، أقول هذا وأنا مؤمن بأن هناك خطاً فاصلاً بين المفكرين والمدمرين، بين أصحاب الرأي وأصحاب الهوى، أزعم أنني أحترم الرأي الآخر وأقدس وجوده وادافع عن حقه في التواجد والظهور عكس ما يرى البعض، لكنني أرى – وقد أكون مخطئا – ألا أنافق النخبة لاسترضائها والحصول منها على تأشيرة الدخول إلى «شنجن المثقفين» فهناك من المثقفين من هم أصحاب هوى وغرض ولا يهدفون إلى تقديم فكرة جديدة أو رأى مغاير أو معارض يمكن أن يضيف الى الصورة زوايا جديدة، وإنما يمارسون نوعا من المكايدة والعنصرية والفوقية وديكتاتورية الرأي الآخر، لا أعمم فالتعميم باب الخطيئة ونافذتها، فهناك مفكرون ومثقفون وساسة لديهم الكثير، ولديهم آراء مختلفة تتسم بالتجرد والنقاء فهؤلاء يجب أن نبحث عنهم ونقدمهم للناس مع احترامنا لما يحملونه من آراء وأفكار وقد نختلف معها كلياً أو جزئياً، وفي النهاية تبقي تجارب الأمم والشعوب هي حاصل جمع التجارب الفردية التي تختلف من مجتمع لآخر وفقا للكثير من المحددات، فإفساح الطريق أمام كل الأفكار و الرؤي والأطروحات لتعبر عن نفسها بأدب سياسي وتجرد معرفي، فهذا هو العنوان الصحيح لفكرة حرية التعبير وتمكين المنطق والعقل والخبرة والابتكار من خلال فكرة التنوع التي امتدحتها كل الكتب السماوية ليس ذلك فحسب بل هي أساس فلسفة الخلق، ومنطق قراءة الأشياء، بالتنوع الحقيقي تتحقق التشاركية الواعية غير الاقصائية.