أصبح رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى مأزق حقيقى مع تعثّر مفاوضات القاهرة بشأن هدنة فى قطاع غزة المحاصر، حيث خرج آلاف الإسرائيليين إلى الشوارع مطالبين حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ببذل المزيد من الجهود لضمان إطلاق سراح الأسرى الذين تحتجزهم حركة حماس أو الاستقالة فوراً.
وانضم أفراد من عائلات الأسرى حاملين صور أقاربهم الذين لا يزالون محتجزين، إلى الحشود التى تظاهرت فى تل أبيب.
وقالت وسائل اعلام اسرائيلية إن إعلان إسرائيل عن توسيع العملية العسكرية فى مدينة رفح جنوبى قطاع غزة يدل على التخبط وعدم معرفة الأهداف المراد تحقيقها من هذه الحرب، وإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيصل إلى طريق مسدود مهما فعل، وأن إسرائيل لا تملك أهدافا واضحة لتحقيقها بعدما فشلت فى تحقيق الأهداف الرئيسية التى أعلنت عنها فى أول الحرب.
ويعكس هذا السلوك مدى عدم وضوح الرؤية الذى يعانيه نتنياهو واعتماده فقط على دعم اليمين المتطرف الذى يضمن له بقاء حكومته رغم فقدان الثقة فيها.
ويقول سياسيون إن غياب الاستراتيجية يعنى أن نتنياهو سيصل إلى طريق مسدود مهما فعل لأنه يدمر القطاع وفى الوقت نفسه يدمر هيبة الجيش الإسرائيلى الذى اعتمد عقودا على القوة المهيمنة.
ويبدو أن إسرائيل حاليا تواجه تخبطا عسكريا ليس لأنها تحارب دون أهداف وإنما لأن الميدان كشف حقيقة أن الأهداف السياسية يصعب تحقيقها عبر القتال وأن الأمور وصلت إلى مرحلة معقدة وإلى حد كبير ستنتهى بفشل كبير.
وتكمن أزمة إسرائيل حاليا فى أنها تقاتل عدوا شبحيا يتراجع عندما تهاجمه ويظهر فى مكان آخر ليضربها على حين غرة، كما أن المقاومة نجحت فى جلب الجيش الإسرائيلى إلى استراتيجيتها القائمة على القتال اللامتناظر ونجحت فى خوض هذا النوع من المعارك وأن الأمر فى رفح الفلسطينية سيكون أكثر تعقيدا.
ويوسع نتنياهو العمل العسكرى لتحقيق نفس الأهداف السياسية التى وضعها أول الحرب لأنه يعتقد أن قادة حماس والأسرى يتواجدون فى رفح، فضلا عن أنه يريد السيطرة على معبر رفح حتى لا يترك فرصة لحماس للتمركز فى المدينة والتأقلم مع الواقع الجديد ومواصلة القتال.
وعن الموقف الداخلى من توسيع العمليات فى رفح فإنه لا أحد فى إسرائيل يتوقع نجاح الجيش فى تحقيق الأهداف التى يتحدث عنها نتنياهو الذى يتعامل وكأن النصر ماثل بين يديه بينما المجتمع الداخلى ثائر ضده بسبب الأسرى الذى يبدو وأنه تخلى عنهم كليا.
وتشير تقارير إلى إن نتنياهو يصر على اجتياح رفح لأنه يعرف أن وقف القتال لا يعنى فقط التحقيق فيما جرى يوم السابع من أكتوبر، وإنما أيضا فيما جرى خلال الحرب خصوصا وأن هناك تسريبات أمريكية عن ارتكاب جرائم حرب مما يعنى أنه سيسجن فى نهاية الأمر.
وفى نفس السياق توعدت حركة حماس فى بيان رسمى إسرائيل بأن هجومها على مدينة رفح الفلسطينية «لن يكون نزهة»، مشيرة إلى أنها تعاملت « بكل مسئولية وإيجابية مع جهود الوسطاء، وأبدت ما يلزم من مرونة لتسهيل الوصول لاتفاق يحقّق وقف إطلاق النار بشكل دائم، والانسحاب الشامل للقوات الإسرائيلية من كامل قطاع غزة، وعودة النازحين بكل حرية، والوصول لتبادل أسرى عبر صفقة جادة وحقيقية تنهى معاناة أسرى الحركة فى سجون إسرائيل مقابل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين».
وأضافت الحركة أن هجوم إسرائيل على رفح و»احتلالها معبر رفح من جانبه الفلسطيني، مباشرة بعد إعلان حماس موافقتها على مقترح الوسطاء»، يؤكّد أنَّ «إسرائيل تتهرَّب من التوصّل لاتفاق»، متهمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية باستخدام المفاوضات «غطاءً للهجوم على رفح واحتلال المعبر».
فمن عدة جوانب يبدو أن عملية اجتياح رفع لن تكون سهلة بالنسبة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، لكن من الواضح أن نتنياهو يضحى بآخر الأوراق لديه فى محاولة منه للتغطية على فشله العسكرى فى السابع من أكتوبر، ثم فشله السياسى بعد ذلك فيما يخص ملف المفاوضات والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لدى حركة حماس ما تسبب فى تأجيج الداخل الإسرائيلى ضده بالإضافة لما ينتظره إذا ما تم اجتياح رفح بريًا.