دعت قمة باريس حول مستقبل الذكاء الصناعى أمس إلى جعل هذه التقنية الجديدة والمتسارعة «مفتوحة» و«أخلاقية» وتخضع للحوكمة الدولية، بحسب بيان لم توقعه بريطانيا والولايات المتحدة وجهات أخرى فاعلة فى القطاع.
وفى البيان الختامي، اتفق الموقعون البالغ عددهم 61 دولة، بما فى ذلك الصين وفرنسا وألمانيا والهند، على إعطاء الأولوية لضمان «أن يكون الذكاء الصناعى مفتوحا وشاملا وشفافا وأخلاقيا وآمنا وجديرا بالثقة، مع مراعاة أطر دولية للجميع»، وفق وكالة فرانس برس.
واجتمع رؤساء دول وقادة فى مجال التكنولوجيا، أمس، فى اليوم الأخير من القمة الدولية للذكاء الاصطناعى فى العاصمة الفرنسية باريس، فى وقت يسعى إيلون ماسك، أغنى رجل فى العالم، للاستحواذ على «أوبن إيه آي»، الشركة الأمريكية الناشئة التى ابتكرت برنامج «شات جى بى تي» فى نهاية 2022.
من جانبه، أكد نائب الرئيس الأمريكى جيه دى فانس أن إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ستحافظ على مسار النمو المؤيد للعمال فى مجال الذكاء الاصطناعي، مضيفا أن واشنطن تريد الشراكة مع العالم فى هذه الصناعة.
ودعا «دى فانس»، خلال كلمته على هامش القمة، إلى ضرورة خلو هذه التقنيات مما وصفه بـ»التحيز الأيديولوجي»، مشددا على أنه لا يمكن لهذه التقنيات أن تنطلق إلا من خلال بنية تحتية للطاقة تسهم فى دعمها.
ولفت إلى أنه لن يحدث تحول فى الذكاء الاصطناعى إذا استخدم اللاعبون الكبار هذه التكنولوجيا لمراقبة أفكار المستخدمين، مشيرا إلى أن القوانين الأمريكية ستحافظ على تكافؤ الفرص بين الشركات التكنولوجية الكبيرة والصغيرة فى هذا المجال.
وقال نائب الرئيس الأمريكي، إن «الخصوم المعادين لبلاده استخدموا الذكاء الاصطناعى للمراقبة والرقابة»، مشددا على عزم بلاده إغلاق الطرق أمام حصولهم على قدرات تهدد الشعوب.
وتابع: «الولايات المتحدة ستضمن حصول أمريكا على أفضل القوى العاملة المدربة فى العالم».
من جانبها، أعلنت المفوضية الأوروبية عن استثمار 200 مليار يورو فى الذكاء الصناعى لتدخل سباق المنافسة المتسارع فى مجال الذكاء الاصطناعى بين أمريكا والصين ودول أخري.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية» أرسولا فون ديرلاين»: «نعمل على تسريع الابتكار فى الذكاء الاصطناعي».
وأضافت: «نطور مصانع الذكاء الصناعى مع تشييد بنية تحتية كبيرة»، جاء ذلك خلال مشاركتها فى ختام فعاليات القمة الدولية للذكاء الاصطناعى والتى تستضيفها العاصمة الفرنسية باريس.
أوضحت أرسولا، أن المفوضية تعمل على تسريع الابتكار فى الذكاء الصناعي، مشيدة فى الوقت ذاته بالقانون الأوروبى فى هذا السياق، واعتبرته فى صالح صناعة الذكاء الاصطناعي.
وأكدت أرسولا على توفير أوروبا بيئة آمنة لكل مواهب العالم لتطوير الذكاء الصناعي، على حد وصفها.
من جهتها، أعلنت فرنسا عن استقطاب استثمارات أجنبية غير مسبوقة فى مجال الذكاء الاصطناعى بقيمة إجمالية تصل إلى 109 مليارات يورو، فى خطوة تُعد الأضخم من نوعها فى تاريخ البلاد، من خلال قمة الذكاء الاصطناعى التى استضافتها باريس على مدار يومين.
فى هذا الصدد، كشفت صحيفة «إكسبريس» الفرنسية أن هذه الاستثمارات تأتى فى إطار إستراتيجية فرنسية طموحة للتحول إلى مركز عالمى رئيسى فى مجال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، خاصة فى ظل المنافسة المتزايدة من الشركات الصينية والأمريكية فى هذا المجال.
وفى يوم افتتاح القمة يوم الاثنين، تعهّد ماكرون بـ»إستراتيجية» مماثلة لتلك التى قدّمت لإعادة إعمار نوتردام فى باريس، يتمثّل هدفها فى تسريع بناء البنى التحتية المخصصة للذكاء الاصطناعى فى فرنسا، مع خطة استثمارية خاصة تبلغ قيمتها 109 مليارات يورو.
وقال إنه يجب «اختيار أوروبا واختيار فرنسا»، متحدثا عن مزايا تتعلّق بالكهرباء المنخفضة الكربون والمواهب والإجراءات السريعة.
وقال المكتب الرئاسى الفرنسى إنه يهدف فى الاجتماع إلى إنشاء صندوق لمنح المزيد من الدول إمكانية الانضمام إلى تطوير الذكاء الاصطناعي.
كما قال ماكرون فى مقابلة تليفزيونية محلية يوم الأحد إن قطاع الذكاء الاصطناعى فى البلاد سيتلقى استثمارات بنحو 109 مليارات يورو، أى حوالى 113 مليار دولار.
فى السياق، أعلن الرئيس التنفيذى لشركة OpenAI سام ألتمان فى رسالة للموظفين، أن مجلس إدارة الشركة يعتزم توضيح أنه ليس لديه أى اهتمام بـ»العرض المفترض» لرجل الأعمال الأميركى مالك «سبيس إكس» إيلون ماسك.
وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» فى تقرير، الاثنين، أن مجموعة من المستثمرين بقيادة الملياردير إيلون ماسك عرضت 97.4 مليار دولار لشراء المؤسسة غير الربحية التى تسيطر على شركة الذكاء الاصطناعى الناشئة OpenAI.
ورغم أن الملياردير المقرب من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لم يستجب لدعوة حضور قمة الذكاء الاصطناعى التى أطلقها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، فإنه قد يكون حاضرا فى المحادثات ما سيؤجج النقاش حول السباق من أجل الذكاء الاصطناعي، كونه أحد الأطراف المنخرطين فيه، ولا سيّما من خلال شركته الناشئة المتخصصة فى الذكاء الاصطناعي، «إكس إيه آي»، التى أسّسها فى 2023، وفق وكالة «فرانس برس».
ونوقشت على هامش القمة يوم الاثنين مواضيع منها تنظيم الذكاء الاصطناعى وأهمية النماذج المفتوحة المصدر واحترام الخصوصية على نطاق واسع.
ومن بين القضايا الرئيسية التى نوقشت أيضا الطرق الآمنة لاستخدام الذكاء الاصطناعى فى الرعاية الطبية وغيرها من المجالات التى تتعلق إلى حد كبير بعامة الناس.
ويأتى الاجتماع فى الوقت الذى تتزايد فيه المخاوف بشأن الشفافية فى جمع المعلومات ومعالجتها بواسطة الذكاء الاصطناعى التوليدي.
وتستمر المنافسة الشرسة فى تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي، على نحو رئيسى بين الولايات المتحدة والصين اللتين تقودان هذا المجال اعتمادا على قوتهما الاقتصادية. وفى الآونة الأخيرة أطلقت شركة DeepSeek الصينية الناشئة خدمات الذكاء الاصطناعى التوليدي، قائلة إنها طورت النموذج بتكلفة منخفضة.
وشارك فى الاجتماعات التى استمرت يومين أكثر من ألف من الممثلين الحكوميين ورجال الأعمال وغيرهم.