لأن الفراشات سريعة الحركة تنتقل من مكان إلى مكان بسرعة مذهلة وتغير تموضعها فى لمح البصر دون مقدمات أو أسباب ولا يمكن توقع مسارات حركتها وتحركها المفاجئ، إذن فلا يمكن لأحد أن يستظل تحت أجنحتها، وعندما تكون الفراشات سوداء، لا حمراء ولا زرقاء ولا حتى بيضاء سيكون الوضع أشد صعوبة، وللفراشات قصص وحكايات فى عادات الشعوب عبر التاريخ، ولكل لون معنى ودلالة، فالفراشات السوداء ترمز للأخبار السيئة والموت والخطر، أما الحمراء فترمز للقوة والغضب، بينما الزرقاء فترمز للنبل والشرف، أما الصفراء فترمز إلى التحدى والصمود والعناد، وتعتبر كولومبيا مركز التنوع البيولوجى فى العالم وتمتلك اكثر من 20 ٪ من فراشات العالم بكل الألوان.
>>>>
ويطلقون على أنفسهم بلاد الفراشات الصفراء، ونتذكر جميعاً ماركيز وكتابه العالمى مائة عام من العزلة وفراشاته الصفراء ونوبل التى تشرفت بحصوله على جائزتها، واليوم تقف كولومبيا فى حالة تحد تاريخى مع الولايات المتحدة على خلفية الترحيل الجماعى المهين للكولومبيين مسلسلين من أمريكا على متن طائرات عسكرية فيرفض الرئيس الكولومبى هبوط هذه الطائرات بهذا الشكل المرفوض فيقوم الرئيس الأمريكى بفرض ضريبة جمركية عقابا على هذا الإجراء قبل ان يتم حل المشكلة لاحقاً، لكن الرئيس الكولومبى قام بإرسال رسالة بليغة إلى ترامب تناقلتها كل وسائل الإعلام الأمريكى والعالمى نظرا لما جاء فيها من كلمات وعبارات تعكس مشاعر دول امريكا الوسطى تجاه الدولة الأكبر فى العالم ، تقول بعض سطور الرسالة.
>>>>
نحن بلاد الفراشات الصفراء، كولومبيا اليوم تتوقف عن النظر إلى الشمال، وتنظر إلى العالم. دماؤنا تأتى من دماء الخلافة فى قرطبة، حضارة ذلك الوقت، ومن اللاتين الرومان فى البحر الأبيض المتوسط، حضارة ذلك الوقت، الذين أسسوا الجمهورية والديمقراطية فى أثينا. دماؤنا تتضمن مقاومين سودًا تحولوا إلى عبيد بواسطتكم. فى كولومبيا، توجد أول أرض حرة فى أمريكا، قبل واشنطن، فى كل الأمريكتين، وهناك أجد ملجئى فى الأغانى الأفريقية.
أرضى هى موطن الحرف اليدوية التى وجدت فى زمن الفراعنة المصريين، وفنانى العالم الأوائل فى شيرى بيكيت.
لن تسيطر علينا أبداً. يعارضك المحارب الذى كان يجوب أراضينا، صارخًا: «الحرية»، واسمه سيمون بوليفار البطل الفنزويلي.
>>>>
شعوبنا خجولة قليلاً، طيبة قليلاً، محبة، لكنها ستعرف كيف تستعيد قناة بنما، التى أخذتموها منا بالقوة. هناك يرقد مئتا بطل من كل أمريكا اللاتينية فى «بوكاس ديل تورو»، التى كانت جزءاً من كولومبيا قبل أن تصبح بنما، قتلتموهم.أنا أرفع علماً، وكما قال «غايطان»، حتى لو بقيت وحيداً، سيظل مرفوعًا بكرامة أمريكا اللاتينية، التى هى كرامة أمريكا، التى لم يعرفها جدك، لكن جدى عرفها، أيها الرئيس، المهاجر إلى الولايات المتحدة.
حظركم لا يخيفني؛ لأن كولومبيا، بالإضافة إلى كونها بلد الجمال، هى قلب العالم. أعلم أنك تحب الجمال مثلي، فلا تهنه وستنال حلاوته كولومبيا من اليوم تفتح ذراعيها للعالم، نحن بناة الحرية، الحياة، والإنسانية.أُبلغ أنكم تفرضون على ثمار عملنا البشرى ضريبة 50 ٪ لدخول الولايات المتحدة، وأنا أفعل الشيء نفسه.
>>>>
دعوا شعبنا يزرع الذرة، التى اكتُشفت فى كولومبيا، لتغذية العالم. يبدو أن فراشات ماركيز الصفراء تحركت على سواحل الكاريبى فأحدثت حالة من الصحوة فى أماكن عديدة من العالم خاصة دول أمريكا الوسطي، وفى منطقتنا لا نجد أثراً إلا الفراشات السوداء تنتقل من دولة عربية إلى دولة عربية أخرى فتسقط العاصمة تلو الأخري، والغريب والعجيب ان الكثيرين فى منطقتنا مازالوا يبحثون عن ظل ظليل تحت أجنحة الفراشات وهم لا يعلمون أنها تحط وتطير بين طرفة عين وانتباهتها، متقلبة كما أجواء شهر أمشير فلا تثبت على حال أوحالة، ومازلنا ـ فى إقليمنا البائس ـ نلهث وراءها باحثين عن ظلها فى حالة عبث سلوكى غير مسبوق، يبدو أن فراشاتنا سوداء وزمبقاتنا سوداء وراياتنا سوداء فقط لان قلوبنا سوداء ومازلنا فى انتظار فراشات ماركيز الصفراء.