التقى بأم كلثوم فى صباه بدسوق.. فنصحته بالالتحاق بمعهد الموسيقى بالقاهرة
20 عاماً مضت على رحيل نجم وفارس الأغنية الشعبية الأول، والذى تمكن أن يترك بصمته فى ذلك المجال، ويعتلى القمة الغنائية وينافس كبارالنجوم من أصحاب الأغانى العاطفية والرومانسية، بصوته الشجى القوى والمعبر عن أبناء الطبقة الشعبية من الفلاحين والعمال، بل أن أغانيه لم يتوقف جمهورها عند طبقة محددة، فقد امتدت لكل الطبقات التى أقبلت على أغانيه وحفلاته.. إنه الفنان الكبير نجم الموال المطرب محمد رشدى والذى يعد أبرز نجوم الأغنية الشعبية منذ ستينات القرن الماضى، والذى غير فى شكلها وأدائها، محققاً نجاحاً كبيراً يفوق الوصف والخيال لم ينقطع منذ ظهوره الأول، فقد كان فناناً يحترم جمهوره وثقافته، لذلك تعامل مع كبار الشعراء والملحنين من اجل تقديم أغان مليئة بالمعانى العميقة.
وعلى مدار رحلته الفنية الطويلة والتى امتـدت لأكثر من 50 عاماً لم تهتز شــــعبيته ونجوميته حتى ما بعد رحيله، حيث توفى محمـد رشــدى فى يــوم 2 مايو 2005 عن عمر يناهز الـ 77 عاماً، بعد معاناة وصراع مع مرض الفشل الكلوى، ثم إصابته أيضاً بالتهاب رئوى حاد استمر معه لأكثر من 40 يوماً، وبالرغم من سنوات الرحيل الطويلة إلا أن أجمل أغانيه ما زالت تعيش فى وجداننا وأفراحنا – التى كان نجمها الأول – بل ونرددها فى أوقات كثيرة فى حياتنا منها: عدوية – تحت الشجر ياوهيبة – عرباوى – ع الرملة – طاير ياهوا – كعب الغزال – ياليلة ما جانى الغالى – ميتا أشوفك ياغايب عن عينى – قولوا لمأذون البلد ييجى يتمم فرحتى، وغيرها من الأغانى التى شكلت جزءاً من حياتنا، وجزءاً من نجاحه ليصبح بحق عملاق الأغنية الشعبية، ويمكن القول أن محمد رشدى كان سبباً رئيسياً فى انتشار الأغنية الشعبية والإقبال عليها، وأن يكون لها جمهور كبيرعريض مشجعاً لها فى كل أنحاء مصر. !!

(الميلاد بدسوق )
ولد محمد عبدالرحمن الراجحى الشهير باسم الفنان «محمد رشدى» فى 20 يوليو 1928 بمدينة دسوق التابعة لمحافظة كفر الشيخ، وحفظ القرآن الكريم بأحد الكتاتيب القريبة من منزله، وتعلق بالغناء وأحبه من كثرة حضوره مولد سيدى إبراهيم الدسوقى، والذى كان يحضره كثير من الفرق الشعبية والمغنين والمنشدين، فأصبح يردد معهم أغانيهم بعدما تشبع بها، ليكتشف موهبته الفطرية،كما كان والده عاشقاً أيضاً للمواويل والأغانى الشعبية، فلم يعترض أن يغنى ابنه فى سن مبكرة بالحفلات المقامة بالقرى المجاورة لمدينة دسوق والمناطق المحيطة بها، وسرعان ما كون فرقة غنائية من أقرانه وأصدقائه، وذاع صيته فى البلد، كما غنى فى بيوت الأثرياء وكبار العائلات الذين كانوا يدعونه دائماً فى مناسباتهم وأفراحهم العائلية.
كانت كوكب الشرق أم كلثوم أول شخصية فنية التقى بها وجهاً لوجه، عندما جاءت لمدينة دسوق لتحيى حفلاً أقامه فريد باشا زعلوك أحد أثرياء المدينة بسبب نجاحه فى انتخابات البرلمان، وبعدما انتهت من الغناء جلست تتسامر مع عائلة الباشا، وفوجئت بالباشا يطلب منها أن تسمع صوت الصبى محمد رشدى، ليجد رشدى نفسه أمام اختبار كبير مع قمة الغناء تنصت لتسمعه، ومن ثم أعجبت بصوته ونادته، فجلس على الأرض امامها يستمع لها فى تصحيح نطق بعض كلمات الأغنية التى قام بأدائها، ثم التفتت أم كلثوم لزعلوك باشا وقالت له بان ذلك الصبى يجب أن يسافر للقاهرة لكى يدرس ويصقل موهبته فى معهد فؤاد للموسيقى العربية، وبالفعل قام الباشا بإرسال محمد رشدى للقاهرة ليلتحق بالمعهد الموسيقى، لتبدأ بعدها حياة جديدة لمحمد رشدى، ويظل ذلك اللقاء بمثابة نقطة الانطلاق الأولى نحو المصير المجهول فى مجال الغناء.
( الشجاعى.. كلمة السر )
لم يكن طريق الفن والغناء مفروشاً بالورود، فقد عانى رشدى كثيراً لكى يضع قدمه على الطريق الصحيح، بل أنه تأخر عدة سنوات ليعتلى القمة، وبالرغم أن صوته جذب الكثير من أهل الفن بل وحتى القائمين على الإنتاج السينمائى إلا أن الاستعانة به كانت محدودة فى أن يغنى داخل أحداث الفيلم كضيف شرف، وفى أحد الأيام كان محمد رشدى يعانى من ضيق الحال وعدم تحقيقه الأمال، فذهب يجلس بأحد المقاهى المجاورة لميدان العتبة فى شارع محمد على والتى اعتاد صغار الفنانين الجلوس بها كمقر يتلقون من خلاله أوردرات العمل كعازفين أو مغنين، ففوجئ بشاب نحيف أسمر اللون يسأل عنه، وملامحه تشير إلى أنه صعيدى من أقصى بلاد الصعيد البعيد، وملابسه تعبر عن معاناته مع الحياة وفقرها، فلم يكترث به إذ أدرك أنه يعانى مثله من ضيق الحياة وشظفها، كما يبدو عليه أنه يريد المساعدة المادية فأعرض عنه ولم يلتفت إليه. !!
وتحدث الشاب واقفاً قائلاً له إنه يحمل له كلمات أغنية شعبية، وانه يبحث عنه كثيراً لأنه الصوت الوحيد الذى يستطيع أداءها، وقال: أنا بعد ما سمعتك فى موال أدهم الشرقاوى، تأكدت أنك الوحيد اللى تستطيع غناء أشعارى، ولكن محمد رشدى لم يهتم بما يقوله، إذ أنه دائماً يلتقى بأناس يدعون موهبة الكتابة الغنائية وهو دائما يعانى من هؤلاء، كما أنه لا يملك الأموال لإنتاج أغنية، فأعرض عنه مرة أخرى، وهنا ادرك الشاب الصعيدى أن محمد رشدى ضاق منه فقال له قولاً واحداً، بانه قادم إليه ومرسل من الموسيقار محمد حسن الشجاعى المسئول عن الغناء بالإذاعة مؤكداً له بانه سيجد رشدى فى ذلك المقهى، وهنا اعتدل رشدى فى جلسته عندما سمع اسم الشجاعى لأنه يعرف قيمته وسطوته وسلطاته الواسعة، وقال له الشاب الصعيدى بأن الشجاعى قال له: لو أعجبت كلمات الأغنية رشدى فسوف أنتجها على الفور. !!
وهنا اهتم محمد رشدى وطلب الاستماع لكلماتها، فقال الشاب الصعيدي: تحت الشجر يا وهيبة.. ياما كلنا برتقان.. كحلة عينيكى يا وهيبة.. جارحة قلوب الجدعان، إلى آخر كلمات الأغنية الشهيرة، وما لبث أن أعجب محمد رشدى بكلمات الأغنية، وأبدى للشاب تحمسه لكلماتها، فأعلن له موافقته على غنائها، وقام للذهاب إلى مبنى الإذاعة لمقابلة محمد حسن الشجاعى وليعلن له عن موافقته لتسجيلها، وفى الطريق سأل محمد رشدى الشاب عن اسمه فقال له اسمى «عبدالرحمن الأبنودى».

( صداقة العمر )
ومنذ تلك اللحظة ارتبط اسم الأبنودى بمسيرة محمد رشدى الفنية، وتعمقت علاقتهما لصداقة العمر قدم خلالها الأبنودى أجمل أغانى رشدى، كما انضم لهما الملحن الكبير بليغ حمدى ليشكلوا جميعاً ثلاثياً فنياً قوياً ناجحاً رفع خلالها مقام الأغنية الشعبية وتمكنوا من خلالها التعبير عن الهوية المصرية ومن أشهر أعمالهم عدوية – ياناعسة خبرينى – وسع للنور، كما دخل فى المجال أيضاً الملحن الشاب وقتذاك حلمى بكر والذى لحن له أيضاً العديد من الأغانى الناجحة منها عرباوى وحسن المغنواتى، وقد أسفر النجاح الكبير للثلاثى رشدى وبليغ والأبنودى أن خاض الفنان عبدالحليم حافظ مجال الأغنية الشعبية ومستعيناً بضلعى نجاح محمد رشدى، وهما الشاعر عبدالرحمن الأبنودى والموسيقار بليغ حمدى وأسفر التعاون عن الأغنية الشهيرة «أنا كل ما أقول التوبة».
وكانت أغنية « تحت الشجر ياوهيبة « بداية انطلاق محمد رشدى للنجومية، وأيضاً بداية طريق الأبنودى فى وضع بصمته الادبية وموهبته الفريدة، وبمجرد أن انتهى الملحن الكبير عبدالعظيم عبدالحق من تلحين أغنية «وهيبة» وإذاعتها حتى وجد رشدى نفسه وسط اهتمام الجميع به.. وأصبحت الأغنية تذاع فى جميع المحطات الإذاعية، ليتأكد رشدى أنه وجد ضالته، ومن يستطيع التعبير عمن بداخله فى شخص عبدالرحمن الأبنودى، وفى نفس الوقت وجد الأبنودى فى صوت رشدى المعبر عن كلماته وموهبته الفريدة.
تزوج محمد رشدى مرتين.. الأولى فى بداية حياته وهو ما زال يتلمس طريق الشهرة والنجومية، لكن الخلافات كانت عنوان حياته مع زوجته الأولى فتم الطلاق.. بعد أن أنجب ابنه الأول رشدى الذى حرم من رؤيته عقب ولادته، ثم تزوج مرة أخرى وأنجب ثلاثة أبناء طارق وسناء وأدهم، وتصادف أن مرضت طليقته وتوفيت.. لتنتقل حضانة ابنه الأكبر رشدى إلى رعاية والده وعمره أربع سنوات، وتحتضنه زوجة الأب ويتم تربيته مع أشقائه من والده، والذى كان حريصاً على أن يزرع الحب بينهم.
(رحلة المرض)
كانت بداية رحلة محمد رشدى مع المرض عام 1993 عندما أصيب بنزيف فى المعدة، فطلب الأطباء منه إجراء منظار لكشف أسباب النزيف، ولكن محمد رشدى رفض تماماً إجراء المنظار الاستكشافى بعدما شاهد بنفسه عذاب وآلام عبدالحليم حافظ من ذلك المنظار، ومن ثم أجرى رشدى عملية جراحية عام 2002 أزال خلالها الأطباء جزءاً من المعدة والطحال، وبعدها اكتشف الأطباء إصابة محمد رشدى بسرطان العظام، وتم إبلاغ أسرته، ولكن أبناءه خشوا عليه من صدمة معرفته بتفاصيل مرضه فأخفوا عنه حقيقة مرضه.
وفى عام 2004 أصيب بالفشل الكلوي ليتوقف تماماً عن الغناء فى الحفلات والمسارح والأفراح بعد أن كان يصارع آلامه من أجل الغناء واقفاً أمام الجمهور، وبالرغم من ذلك لم يتوقف عن الغناء والذى انحصر داخل الأستديوهات يغنى ويسجل وهو يضع «الكانيولا» الخاصة بالغسيل الكلوى فى رقبته، واستطاع فى شهوره الأخيرة قبل الرحيل أن يعيد توزيع أغانيه القديمة والتى حققت نجاحاً كبيراً فور طرحها فى أسواق الكاسيت، كما أنه سجل أغنية كان لها تأثير كبير عليه وعلى المحيطين به بعنوان «دامت لمين » عبرت عن الحالة التى يصلها الإنسان فى آخر العمر ومطلعها: دامت لمين يا مصدق الأيام.. دامت لمين متعيش فى الأوهام.. الدنيا تطلع إيه وتسوى كام.. غريب إنت عجيب.. إنت تكذبنى وبتصدق الدنيا يا موهوم.
أصيب محمد رشدى بالتهاب رئوى حاد كان السبب المباشر لوفاته،حيث كان يتعرض لتيارات هوائية ما بين ساخنة وشديدة البرودة عندما كان يسجل إحدى أغانيه فى الإستديو، إلا أنه مابين كل مقطع والآخر يترك الأستديو ويذهب لسيارته ليجلس فى تكييف السيارة، ومع تكرار ذلك المشوار واختلاف درجات الحرارة أصيب بالالتهاب الرئوى، وظل فى المستشفى لأكثر من شهر للعلاج من تلك الإصابة الشديدة، وفى يوم علم من أسرته أن الفرع الرئيسى لشجرة المانجو والتى زرعها بنفسه فى حديقة منزله قد انكسر وتحطم، فحزن حزناً شديداً، وقال لأبنائه أن انكسار الفرع الكبير للشجرة ما هو إلا إشارة بأنه سيتوفى.
وبالفعل رحل محمد رشدى بعدها بأيام قليلة وحوله أسرته وصديق عمره الشاعر عبدالرحمن الأبنودى، والذى بكى عليه بكاءً حاراً، بل أنه كان يبكى عليه قبل رحيله، وأتذكر أننى قد أجريت مكالمة تليفونية للشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودى على تليفون منزله، وفوجئت به يحدثنى وهو يبكى بكاءً شديداً، وسألته عن سبب البكاء، فقال لى «محمد رشدى بيموت»، فلم أدرك معنى كلماته لأن كل معلوماتى أن محمد رشدى مريض وبالمستشفى، ولا أعلم مدى الحالة المرضية، ليحكى لى الشاعر الكبير تفاصيل مرض الفنان محمد رشدى، وأنه يومياً يقوم بزيارته ويدعو له.. وبالفعل توفى محمد رشدى بعدها بأيام قليلة فى يوم الإثنين 2 مايــو 2005، عن عمــر ينـاهــز الـ77 عاماً.
(مفارقات القدر)
ومن سخريات القدر أن لجنة اختبار الأصوات الجديدة بالإذاعة المصرية، والذى كان مقرها فى ذلك الوقت شارع الشريفين، قد اختبرت في لجنة ويوم واحد كل من صوتى محمد رشدى وعبدالحليم حافظ وذلك فى أوائل الخمسينات وقبل اندلاع ثورة 23 يوليو، وأجازت اللجنة صوت محمد رشدى واعتمدته عن اقتناع.. بينما رسب صوت عبدالحليم حافظ، وجاءت المفارقة أن عبدالحليم حافظ – والذى دخل اختبار الأصوات مرة أخرى بعد شهور قليلة – قد حقق نجاحاً أسطورياً طوال فترة الخمسينات وامتد لبعد ذلك بالطبع، فى الوقت الذى تاه فيه صوت محمد رشدى، وهو الصوت الأفضل فى اختبار لجنة الأصوات الإذاعية، وتأخر سنوات طويلة عن الوصول لبداية الطريق، بينما الراسب قد أصبح معشوقاً للجماهير من الفتيات والشباب وكل فئات المجتمع، بينما محمد رشدى يسجل فى الإذاعة أغنية بين الفينة والأخرى مقابل 17 جنيهاً للأغنية الجديدة.
(عمر جديد)
ومن مفارقات القدر مرة أخرى أن الفنان محمد رشدى قد كتبت له حياة جديدة بعدما كاد أن يفقدها، إذ كان مشاركاً فى حفلات المجهود الحربى بمدينة السويس عام 1959، وأثناء عودته بأحد أتوبيسات الرحلة مع زملائه الفنانين ، طلبت منه الراقصة نادية فهمى والتى كان يجلس بجوارها أن يترك لها المقعد بالكامل لشعورها بالإرهاق وتحتاج لأن تنام على المقعد براحتها، وبالفعل ترك رشدى لها مكانه وانتقل إلى مقعد آخر بالجهة الأخرى، وما لبث بعد دقائق معدودة أن اصدمت سيارة نقل مسرعة الأتوبيس من الجهة التى كانت ترقد فيها الراقصة لتلقى مصرعها على الفور مع اخرين فى تلك الجهة، بينما طار محمد رشدى مع اخرون خارج الأتوبيس، ويصاب بإصابات خطيرة ما بين كسر فى ساقه وإصابته بجرح قطعى فى وجهه، واضطر لتركيب شرائح ومسامير، فقرر أن يتوقف عن الغناء الذى لم يحقق من ورائه شيئًا خاصة أن الحادث سبب له نسبة عجز فى ساقه.!!
وفى ظل حالة الإحباط التى كان يعانى منها محمد رشدى فوجئ أن الإذاعة المصرية تبحث عنه، وذلك بعدما اختاره المسئول الأول عن الموسيقى والغناء محمد حسن الشجاعى من بين عشرات الأصوات ليغنى ملحمة «أدهم الشرقاوى»، وكاد يتخطى الشجاعى اسم محمد رشدى بسبب المحيطين به الذين أبلغوه عن إصابته فى حادث السويس وأنه يرقد فى منزله، فقال الشجاعى لهم «أنه مصاب فى ساقه وليس حنجرته»، وأمرهم أن يحضروه بأى وسيلة، وبالفعل أحضروا محمد رشدى وهو محمول على كرسيه، ليقدم له الشجاعى – الذى كان مقتنعاً بصوته وإمكانياته الفطرية – 84 موالاً يحكى ملحمة وقصة «أدهم الشرقاوى» ليحقق نجاحاً كبيراً حيث كانت الإذاعة تمثل حجر الأساس فى شهرة الفنان ونجاحه ونجوميته.
كان محمد رشدى عاشقاً للفنانة ليلى مراد، ويحب الاستماع إلى أغانيها، فكان يتردد على دار السينما الوحيدة لمشاهدة أفلام ليلى مراد والتى كانت فى ذلك الوقت نجمة النجوم، وظل حبه لها طوال عمره، وحزن كثيراً أن مسيرتها الفنية لم تستمر طويلاً وتوقفت مبكراُ، لذلك حرص على أن يستمر فى الغناء حتى نهاية عمره، وبالفعل كان يغنى حتى أواخر أيامه، وعندما توقف عن الغناء فى الحفلات بعامه الأخير لعدم مقدرته فى الوقوف على المسرح، إلا أنه استمر فى تسجيل الأغانى بالإستديوهات. !!
(رشدى والسينما)
كانت بداية الفنان محمد رشدى بالسينما من خلال مشاركته كضيف شرف كمطرب داخل أحداث الفيلم، فيغنى داخل مقهى أوأحد الأفراح، فكان أول ظهور له على شاشة السينما عام 1958 من خلال فيلمين من بطولة فريد شوقى وإخراج نيازى مصطفى، الأول فيلم «سلطان» والثانى «أبوحديد»، وفى العام التالى شارك أيضاً كمغن فى فيلمي « سمراء سيناء» مع كوكا، و«عفريت سمارة» لتحية كاريوكا.
ومع بداية انطلاق نجومية ولمعان اسم محمد رشدى كصوت شعبى أحبه الجمهور وأقبل عليه فى حفلاته، فاستغلت السينما كعادتها النجم الصاعد ليلعب بطولة عدد من افلامها، فكان بطلاً فى الفيلم الكوميدى «6 بنات وعريس» عام 1965مشاركاً نجمى الكوميديا محمد عوض وأمين الهنيدى، كما لعب بطولة منفردة فى فيلم «عدوية» مع ناهد شريف، والذى عمل معها أيضاً بطولة فيلم «ورد وشوك»، كما كانت آخر أفلامه «فرقة المرح» مع شمس البارودى وثلاثى أضواء المسرح عام 1970، وهو الفيلم الذى قدم أجمل أغانيه منها: ع الرملة – طاير ياهوا – مغرم صبابة – ما على العاشق ملامة.
اضطر محمد رشدى أن يتوقف عن التمثيل، بعد لم يجد الوقت الكافى للمشاركة كممثل فى الأعمال السينمائية لزيادة عروض الحفلات الغنائية التى انهالت عليه من داخل مصر وخارجها، ولكنه لم يتوقف عن المشاركة كمطرب وضيف شرف فى العديد من الأفلام منها أفلام: السيرك – خدنى معاك – شياطين الليل – الزوج العازب – الوسام، كما امتدت مشاركاته بالغناء فى تيترات المسلسلات التليفزيونية منها: حارة المحروسة – الصبر فى الملاحات – أولاد الحارة – ماشى يادنيا، كما امتد غناؤه أيضاً في تيترات المسلسلات الدينية مثل «لا إله إلا الله» فى الجزء الأول والرابع، والأزهر الشريف، والمسلسلات التاريخية هارون الرشيد، وكان آخر مسلسل شارك بغناء تيتره مسلسل « ابن ماجة القزوينى « عام 2001،إلى جانب المسلسلات الإذاعية سيد درويش – أدهم الشرقاوى – غريب الحى – ابن النيل – الطاقية الشبيكة.
حصل الفنان الراحل محمد رشدى فى مشواره الفنى على جوائز وتكريمات وأوسمة عديدة، منها 10 جوائز فى الإذاعة والتليفزيون، ودرع القوات المسلحة فى مناسبات عديدة، كما نال وسام الثقافة من رئيس الجمهورية التونسية.