وحوار فى «جسر السويس».. والجامعة الأمريكية
وفى كل يوم نسمع تعليقًا.. ونقرأ خبرًا وتحليلاً عن أسباب تأخر الضربة الإيرانية الانتقامية ضد إسرائيل ردًا على اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحركة حماس على الأراضى الإيرانية وما تبع ذلك من توعد وإعلان إيران أنها سترد وسوف تنتقم..!
ولأن الانتقام لم يأت بعد ولأن الضربة الصاروخية الإيرانية مازالت فى الطريق فإن العالم بدأ يتحدث عن احتمالات كبيرة لإلغاء هذه الضربة بعد تهديدات وتحذيرات أمريكية لإيران.
وإيران التى كانت تبحث عن ضربة لانقاذ ماء الوجه وتدعيم موقفها السياسى فى المنطقة ستجد أن التخلى عن خيار الضربة الانتقامية سوف يكلفها كثيرًا وستخسر ثقلها ونفوذها فى المنطقة لذلك فإنها وهذا هو المؤكد تدرس كيفية توجيه الضربة مع تجنب أن يمتد ذلك إلى إعلان حالة شاملة مع إسرائيل.. وهى معادلة بالغة الصعوبة فى ضوء التعهدات الأمريكية بحماية أمن إسرائيل والدفاع عنها.
ولا يوجد أمام إيران حاليًا إلا شن حرب بالوكالة عن طريق دعم حزب الله فى الجنوب اللبنانى وهى أيضا حرب بعيدًا عن الأراضى الإيرانية وليس مهما فى ذلك تدمير الجنوب اللبنانى أو امتداد الحرب إلى داخل لبنان نفسه..!
وإيران التى تناور بحذر بالغ حريصة أيضا على أن تكون بعيدة عن المسئولية المباشرة والتورط فى الأحداث وحريصة على التنصل من أى ارتباط مع الجماعات المسلحة فى المنطقة..!! إيران تلعبها سياسة وتتجنبها حربًا.. وفى هذا نوع من المهارة والمصلحة أيضا..!
> > >
> وماذا عن الحرب الدائرة فى جنوب لبنان حالياً؟
>> نجحت إسرائيل فى اقناع العالم بأن حزب الله هو الذى بدأ الهجوم على إسرائيل..!
> وقع حزب الله فى الفخ وسارع إلى إصدار بيانات عن إطلاق 320 صاروخًا على إسرائيل وأعلن عن انتهاء المرحلة الأولى بنجاح مؤكدًا «دمرنا إسرائيل»..!
> ردت إسرائيل بغارات مكثفة على الجنوب اللبنانى وتسعى لتدمير الجنوب تدميرًآ.
> سارت الولايات المتحدة الأمريكية بالطبع إلى مساندة إسرائيل وأرسلت قائدًا عسكريًا كبيرًا إلى المنطقة للتنسيق مع إسرائيل لوقف تهديدات حزب الله.
> اكتفى العالم بالصمت من منطلق حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها وناشدوها بأن تبتعد فقط عن العمق اللبناني.. بمعنى دمروا الجنوب ولكن لا تقتربوا من بيروت..!
> لا جديد يذكر.. ولا تعليق يقال.. فالانتخابات الأمريكية على الأبواب ونتنياهو فى إسرائيل يدرك أن القرار الأمريكى الآن يصنع ويطبخ فى تل أبيب.. وسيفعل فى الجنوب ما فعله فى غزة.. وسيجد الدعم والحماية وسيناريو معروف مقدمًا.. ولا تغيير فى الأدوار..!
> > >
ونذهب إلى حوارات من نوع آخر.. حوارات الحياة ومشاكلها اليومية.. حوارات البحث عن الانضباط والالتزام بالقانون.. حوارات تغيير المفاهيم والعادات السيئة.. الحوارات التى يمكن أن تعيد تقييم الأوضاع وتعيد للشارع الهدوء والاحترام.
وقد وقفت فى شارع جسر السويس فى اتجاه طريق الإسماعيلية الصحراوى أتابع حوارًا بين رجل مسن يبدو عليه الوقار وهو يحاول اقناع سائق ميكروباص بعدم الوقوف فى منتصف الشارع لتحميل الركاب معطلاً بذلك حركة المرور فى الشارع كله.. والرجل الكبير لم يستمر فى الحوار طويلاً فقد سمع ما يسمعه فى حياته من قاموس الشتائم والبذاءات.. الرجل الكبير اغلق نافذة سيارته وقد اعترته الدهشة والصدمة.. وسائق الميكروباص سانده آخر فى السخرية والتهكم على الرجل.. والركاب فى الميكروباص اكتفوا بالضحك.. وأنا أيضا اكتفيت بمحاولة الخروج الآمن من المكان كله..!
> > >
وأدرت مؤشر الراديو بالسيارة.. الطبيب الكبير كان يتحدث عن أعراض وعلامات إذا شعرت بها أو ظهرت عليك فأنت مصاب بأمراض خطيرة واذهب فورًا إلى الطبيب ولا تتأخر.. وكلما ذكر أحد الاعراض قلت لنفسي.. هذا موجود.. وتقريبًا فإن كل الاعراض التى تحدث عنها نشكو منها جميعًا.. ولم أكمل الاستماع لما يقوله..! لو استمعنا لكل ما يقال لقضينا عمرنا كله فى المستشفيات..!! أحيانا الجهل بالشيء نعمة..!
> > >
وهناك أخبار سعيدة.. لسه فيه أخبار حلوة.. والحلو هذه الأيام هو أن أسعار الأجهزة الكهربائية بدأت فى الانخفاض.. والانخفاض الحالى بنسبة 15 ٪.. وحتى ثبات الأسعار هو فى حقيقته يمثل انخفاضًا وقولوا يارب.
> > >
وجلست فى الريف بين مجموعة كبيرة من الأقارب والاصدقاء وأطفالهم.. والجلسة كانت طويلة وممتدة.. ولكن لم يكن هناك حوار أو حديث.. كل واحد كان منشغلاً بـ»الموبايل».. وكل واحد كان فى عالم آخر.. وكل طفل أيضا كان فى يده «الموبايل».. ولا ينظر ولا يستمع لأى شيء آخر..!! فيه إيه يا جماعة.. حصل إيه.. فين الحكايات والحوارات والكلام.. مين أنتم وفين أنتم..!! واييه.. وهو ده حال الدنيا..!! الدنيا اتغيرت.. والناس اتغيرت وكل يعيش فى العصر الافتراضى المدمر لروح الإنسانية..!
> > >
ويارب.. أدعوك بكل قلبى ألا تترك قلبى يركض وراء ما ليس له وألا أتعلق بأمل واه.. وألا تدعه يضل الطريق، أو يفقد الرفيق، وأن تضمه يالله تحت جناح رحمتك، وترعاه بلطفك وتملأه برضاك.
> > >
وأخيرًا:
>> لا تعاتب من توقف عن السؤال عنك فربما أصبح سعيدًا بدونك.
>> وإذا أنت أصبحت شخصية متقلبة، فتقلب على سريرك فالناس فيها ما يكفيها،
>> ويومًا ما قلنا لن نفترق إلا بالموت، تأخر الموت وافترقنا.