سيناء أيقونة.. الأمن والاستقرار والتنمية

تحتفل مصر اليوم بذكرى الـ36 لعودة طابا لأحضان مصر ورفع العلم عليها من جديد، وذلك بالتزامن مع العيد القومى للمحافظة، ويؤكد الاحتفال بتلك الذكرى من كل عام للعالم أن مصر لن تترك ذرة من ترابها فى يد مستعمر أو مغتصب مهما طال الزمن ، وسطرت مصر فى عودة طابا لأحضانها ورفع العلم المصرى عليها معركة دبلوماسية وقانونية يشهد لها التاريخ وهى ما أيقنت فى أذهان العالم أجمع أن مصر لن تترك ذرة واحدة من ترابها فى يد مغتصب، ولابد من أن يفتخر الأجيال القادمة بذلك.
19مارس يوم لن ينساه التاريخ والمصريون ، حيث برهن فيه أبناء مصر على أنهم لا يفرطون فى شبر من أرضهم مهما طال الزمن ومهما كانت الظروف التى تمر بهم، ففى مثل هذا اليوم قبل 36 عاما، استردت مصر مدينة طابا بالتحكيم الدولي، وتم رفع العلم على آخر نقطة حدودية لمصر على أرض سيناء بفضل انتصار الدبلوماسية على العمل العسكرى ، وطابا التى شكلت نقطة خلاف بين مصر وإسرائيل حصلت مصر عليها بعد نزاع استمر عشر سنوات ، وهى جزء من شبه جزيرة سيناء وآخر المناطق العمرانية فى مصر، وتقع على طرف خليج العقبة، وهى مدينة مصرية صغيرة تقترب حدودها من حدود الأردن والسعودية وإسرائيل، وتوجد على بعد عشرات الكيلومترات من جنوب مدينة إيلات الإسرائيلية، وترجع أهميتها الاستراتيجية لموقعها المتميز، إلى جانب ما تمتلكه من الكثير من مناطق وعوامل الجذب والتنمية السياحية فى سيناء، وتتميز بالشجر الطبيعى فيها «أشجار الدوم»، التى كان لإحداها قول الفصل فى إنهاء جولات التحكيم الدولى بشأن طابا لصالح لمصر.
(الحدود الاسرائيلية)
وشهدت مدينة طابا نزاعا مصريا إسرائيليا، حيث ادعى الإسرائيليون وجوب بقاء طابا داخل الحدود الإسرائيلية، واعتمدوا فى ادعائهم على الاتفاق الأول الذى أُقر فى عام 1906، وهو اتفاق بشأن الحدود الإدارية بين كل من مصر وفلسطين، وفى 5 يونيو عام 1967، احتلت إسرائيل سيناء كلها بما فيها طابا، وفى عام 1982، عززت إسرائيل موقفها ببناء فندقين داخل أراضى طابا.
(تحرير الأرض)
وسعت مصر لتحرير أرضها المحتلة منذ عام 1967، مستخدمة فى ذلك كافة الوسائل المتاحة، عبر العمل العسكرى فى أكتوبر عام 1973، وعبر العمل السياسى والدبلوماسى فى أعوام 1974، و1975، و1978، و1979، فعقب حرب 6 أكتوبر عام 1973، وانتصار مصر فيها، بدأت مباحثات السلام بين مصر وإسرائيل، ووقع الرئيس الراحل أنور السادات معاهدة «كامب ديفيد» فى عام 1979 التى تطالب إسرائيل بالخروج من كل سيناء، وفى 25 أبريل عام 1982، خرجت إسرائيل من كل سيناء ما عدا طابا، وبدأت المماطلة فى الخروج منها.
(المفاوضات والتحكيم)
واستمر الصراع المصرى الإسرائيلى حول منطقة طابا، وتمسكت مصر بموقفها الثابت بوضوح والقائم على عدم التخلى عن أرض طابا، وأن أى مسألة تتعلق بالحدود يجب أن يكون حلها بالعودة إلى المادة السابعة من معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، والتى تنص على أمور عديدة، منها حل الخلافات والنزاعات عن طريق المفاوضات، وبالتوفيق أو التحكيم، وذلك عند صعوبة حلها عبر المفاوضات، واختلف الجانبان فى آلية حل الخلاف حول طابا، فالجانب المصرى يفضل حل الخلاف بالتحكيم، فيما يرغب الجانب الإسرائيلى فى حله عبر التوفيق، وعارض مجلس الوزراء الإسرائيلى مبدأ التحكيم حتى عام 1986.
(علامات الحدود)
ووافقت إسرائيل على مبدأ التحكيم الدولى فى الخلافات المصرية الإسرائيلية بشأن طابا، وطلبت مصر تشكيل فريق تحكيم دولي، واتفق الطرفان على شروط فريق التحكيم، وتم تفويض لجنة من ثلاثة أشخاص لتحديد الحدود بينهما، وبدأت المباحثات بين الطرفين، وتم التوصل إلى مشارطة تحكيم، وتم توقيع هذه المشارطة فى شهر سبتمبر من العام ذاته، وجاء فيها أن تحديد مواقع النقاط وعلامات الحدود المتنازع عليها هى من مهام المحكمة، وفى عام 1988 وبعد جولات من المباحثات والتحكيم الدولي، حكمت هيئة التحكيم الدولية، خلال جلستها المنعقدة فى جنيف، أن طابا أرض مصرية، وانسحبت إسرائيل من المدينة فى 19 مارس عام 1989، وأعيدت السيادة المصرية على طابا، وتم رفع علم مصر عليها، واعتبر يوم 19 مارس هو «عيد تحرير طابا».
(تحرير طابا)
وجرى إجلاء إسرائيل وتحرير طابا عبر مراحل ثلاث، المرحلة الأولى منها كانت فى عــام 1975، وخلالهــــا تــــم تحــــرير 8 آلاف كيلومتر مربع، وتم تحرير المضايق الاستراتيجية وحقول البترول على الساحل الشرقى فى خليج السويس، فيما شملت المرحلة الثانية التى استمرت خلال الفترة من عام 1979 إلى عام 1982 الانسحاب الكامل من خط العريش ورأس محمد بتحرير 32 ألف كيلومتر مربع من أرض سيناء، ليصبح إجمالى الأراضى المحررة من سيناء 40 ألف كيلومتر مربع، وفى المرحلة الثالثة والأخيرة، خرجت إسرائيل إلى خط الحدود الدولية بعد تحرير 41 ألف كيلومتر مربع، وبذلك تم تحرير كل شبر من أراضى سيناء، وكان ذلك فى 25 أبريل عام 1982 الذى اُعتبر العيد القومى لمحافظة شمال سيناء، حيث يمثل تاريخ المشهد الأخير فى سلسلة طويلة من الصراع المصرى الإسرائيلى انتهى باستعادة الأراضى المصرية كاملة.
(العيد القومى)
وأقامت محافظة جنوب سيناء احتفالية كبرى احتفالا بالعيد القومى و الـ36 لتحرير طابا، بحضور الدكتور خالد مبارك محافظ جنوب سيناء، والدكتورة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة سابقا، واللواء محمد هانى متولى محافظ جنوب سيناء الأسبق، واللواء محمد شوشة محافظ جنوب سيناء الأسبق، ولفيف من القيادات التنفيذية ومشايخ وعواقل القبائل البدوية ، أقيم الحفل أمام قلعة صلاح الدين التاريخية، التى تعد من أبرز معالم المدينة، وسط أجواء من الفخر والاعتزاز.
(رفع العلم)
ورحب محافظ جنوب سيناء فى كلمته بالحضور مقدما التحية والتقدير للقوات المسلحة المصرية والقيادة السياسية والشعب المصرى وقبائل سيناء لتعاونهم جميعا لتحرير سيناء بالكامل، واسترداد مدينة طابا ورفع العلم المصرى عليها فى 19 مارس عام 1989 بعد معركة قانونية دبلوماسية قوية، لذا تحى هذه الذكرى قيم الولاء والانتماء والتضحية بكل غالى ونفيس من أجل الحفاظ على كل حبة رمل وحماية مقدرات الوطن.
(التنمية المستدامة)
وأكد اللواء خالد مبارك أن التنمية هى شريان الأمان، لذا حرصت القيادة السياسية على مر العصور على تنمية سيناء، كما حظت باهتمام خاص من الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذى حرص على تنفيذ مشروعات تنموية واقتصادية كبرى بها من خلال اطلاق رؤية مصر 2030 ، مشيرًا إلى أهمية هذه الرؤية فى تعزيز التنمية المستدامة فى جميع أنحاء الجمهورية، وخاصة فى محافظة جنوب سيناء والتى جرى اعتمادها فى إطار خطة شاملة لتطوير المحافظة فى مختلف المجالات، مثل السياحة، والصحة، والتعليم، والبنية التحتية، مؤكداً أن هذه الاستراتيجية ستسهم فى تعزيز مكانة سيناء كمقصد سياحى عالمي.
وأكد مبارك، أن الذكرى الـ 36 لاسترداد طابا التى تتزامن مع رفع العلم بطابا 19 مارس 1989 تعد تتويجاً لجهود حرب أكتوبر المجيدة مشيراً إلى أن استعادة طابا تمثل رمزاً لقوة الإرادة المصرية فى مواجهة التحديات.
أضاف المحافظ أن استرداد طابا يعد شاهداً على قدرة المفاوض المصرى فى المحافل القانونية الدولية، مؤكدا أن هذه الذكرى ستظل نبراساً لرؤية تنموية هامة ومستدامة على أرض مصر.
أشار محافظ جنوب سيناء إلى أن طابا ستظل رمزاً للقدرة المصرية على استرداد الحق وإعادة بناء الوطن فى جميع المجالات.
«الجمهورية» التقت عدداً من شيوخ وقبائل سيناء، أكدوا أن عودة طابا إلى مصر بالسلام عن طريق المفاوضات دليل على ان مصر لم ولن تفرط فى شبر من أراضيها وطابا هى أصغر مدينة فى سيناء وجزء من أرض مصر .
(مركز لوجستى)
وتقول سهام سعيد خريجة اقتصاد وعلوم سياسية بالجامعة البريطانية من قبيلة «المزينة» إن سيناء ليست مجرد أرض ذات تاريخ عريق وجمال طبيعى أخاذ، بل تعد رمزا للتنمية والاستثمار فى المستقبل، مشيرة إلى أن سيناء شهدت تحولا كبيرا فى مختلف المجالات، من البنية التحتية إلى الاقتصاد، ومن التعليم إلى الصحة، مما جعلها نموذجًا للتنمية المتكاملة.
وأضافت سهام سعيد أن أحد أبرز مظاهر التنمية فى سيناء هو التطور الكبير فى البنية التحتية، حيث تم إنشاء شبكة طرق حديثة تربط بين مدن سيناء وباقى أنحاء مصر، مما سهل حركة التجارة والسياحة، فضلا عن تطوير الموانئ مثل ميناء نويبع، مما يعزز من دور سيناء كمركز لوجستى مهم ، بالاضافة إلى جهود الدولة للاهتمام بالتعليم، حيث تم إنشاء جامعات جديدة فى سيناء، والتى توفر تعليمًا عالى الجودة لأبناء المنطقة.
(السيادة المصرية)
قال النائب سليمان عطيوى عضو مجلس النواب عن محافظة جنوب سيناء، إن المصريين يحتفلون فى التاسع عشر من مارس من كل عام، بذكرى استرداد آخر شبر من تراب مصر، بعودة طابا إلى السيادة المصرية بعد معركة التحكيم التى أنصفت الحق المصري، لافتا إلى أن هذا اليوم ليس مجرد ذكرى تاريخية، بل هو احتفاء بإرادة الشعب المصرى وقواته المسلحة، وتذكير بالإنجازات الكبيرة التى تحققت فى هذه المحافظة الغنية بالتاريخ والطبيعة.
وأضاف عضو مجلس النواب أن هذه اللحظة كانت علامة فارقة فى تاريخ مصر الحديث، حيث أعادت سيناء إلى حضن الوطن، وأكدت على قوة وإصرار الشعب المصرى فى الدفاع عن أرضه ، مشيرا الى أن محافظة جنوب سيناء تشهد تحولًا كبيرًا، من أرض شهدت معارك إلى منطقة جذب للاستثمار والسياحة، حيث تم تطوير البنية التحتية بشكل كبير، مع إنشاء شبكة طرق حديثة ومطارات دولية مثل مطار شرم الشيخ ، مما جعل المحافظة واحدة من أهم الوجهات السياحية فى العالم ، بالاضافة الى انشاء مناطق صناعية وسياحية جديدة ، مما وفر فرص عمل للسكان المحليين.
(أرض سلام)
ويقول الأنباء أبوللو أسقف جنوب سيناء إن هناك حرصا على الاحتفال كل عام برفع العلم المصرى على أرض طابا لنرسل رسالة بأن هذه الأرض مصرية لا يمكن أبدا أن نتخلى عنها، مضيفا أن سيناء عزيزة علينا كمصريين وأن الله حباها بأن تجلى فيها وتحدث فيها مع «سيدنا موسى ، وكلام الله وصوت الله موجود حتى الآن فى سيناء، لأن كلام الله لا يزول أبدا مهما مرت السنون، كما أن بركة الله منتشرة فى كل ربوع سيناء وعناية الله تحرسها.
ولفت أسقف جنوب سيناء إلى أننا نحتفل بالذكرى الـ36 لتحرير طابا لنؤكد أن مصر تفتح ذراعيها للعالم كله كزائرين وضيوف وسياح، ونعلن دائما موقفنا الصادق والمعروف للجميع بأننا أرض سلام وأمن ومحبة.
وذكر أن المشروعات التى يحرص الرئيس السيسى على تنفيذها تعكس عقيدة راسخة حيث إن هذه المشروعات توحد المصريين وتقويهم وتجعلهم قوة واحدة وكلمة واحدة وروحا واحدة مثل مشروع «التجلى الاعظم» يعد واحدا من أعظم المشروعات الجارية على ارض سيناء وستكون له ثمار كبيرة على المستوى العالمى حيث سيفيد ذلك المشروع العالم كله وسيكون محط أنظار الجميع.
(تحلية المياه)
وأعرب مدير مديرية الأوقاف بجنوب سيناء الشيخ السيد غيط، عن سعادته لتواجده فى أرض طابا التى اعتبرها «أعظم بقاع الأرض»، حيث إنها تحتل مكانة خاصة فى قلوب المصريين، كما أن لها أهمية استراتيجية كبيرة نظرا لموقعها المتميز على قمة خليج العقبة.
وقال غيط إن كل يوم تشرق فيه الشمس على أرض طابا لا بد أن نقف إجلالا وتقديرا لتضحيات جنودنا الأبطال من قواتنا المسلحة الذين كانوا نقطة البداية لعودة السيادة المصرية كاملة على كل سيناء بعدما حققوا نصر أكتوبر 73 .
وذكر ان محافظة جنوب سيناء تشهد طفرة كبيرة فى المجال الدعوى حيث بلغ عدد المساجد بالمحافظة 185 مسجدا، حيث لا يوجد مكان بالمحافظة الا وتنتشر فى ربوعه بيوت الله، وهو ما يعكس اهتمام الدولة التى لا تدخر جهدا فى تنمية سيناء من كافة النواحي، حيث تشهد أرض الفيروز طفرة فى مشروعات الطرق وتحلية المياه فضلا عن المشروعات الصناعية والزراعية التى توفر فرص العمل لكافة ابناء المحافظة.