منذ اندلاع احداث النكبة فى 1948، والفلسطينيون يحيون هذه الذكرى حتى لاينسوا ما حدث، تحت شعار «النكبة مستمرة»، وفى ظل الأحداث القهرية والمجازر الجماعية البشعة التى يرتكبها الاحتلال فى قطاع غزة، والاقتحامات والاعتقالات والقتل فى الضفة والقدس، يتساءل الفلسطينيون هل نحن أمام نكبة ثانية جديدة وتهجير؟ خاصة وان ما قام به المحتل الإسرائيلى منذ السابع من أكتوبر فاق كل حدود البشر، 35 ألف شهيد و77 ألف جريح فى غزة، وحرب مستعرة وحصار وتجويع وتطهير عرقى غير مسبوق على مدار ثمانية أشهر.
توالت التصريحات منذ اندلاع الازمة، حول الرفض التام لهذه الجرائم الإسرائيلية والوقوف المصرى الواضح ضد مخطط التصفية للقضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين والذى يمكن ان يكون نكبة جديدة حيث أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى رفضه التهجير القسرى للفلسطينيين من أراضيهم أو التجويع، وطالب بضرورة الاعتراف الدولى بدولة فلسطين وعاصمتها القدس، وأكد مرارا على موقف مصر الثابت من هذه القضية، كما أصدرت مصر و8 دول عربية بياناً مشتركاً تؤكد رفض التهجير القسرى للفلسطينيين، ومحاولات لتصفية للقضية الفلسطينية على حساب الشعب الفلسطينى وشعوب دول المنطقة، أو تهجير الشعب الفلسطينى خارج أرضه بأى صورة من الصور، باعتباره انتهاكاً جسيماً للقانون الدولى الإنسانى وبمثابة جريمة حرب.
كما أعلنت مصر اعتزامها التدخل رسمياً لدعم الدعوى التى رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية للنظر فى انتهاكات إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها فى قطاع غزة، و ذلك بعد تفاقم حدة ونطاق الاعتداءات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين فى قطاع غزة، ودفع الفلسطينيين للنزوح والتهجير خارج أرضهم.. المؤكد انه لا الفلسطينيين ولا الوضع ولا الموقف المصرى الحاسم سيسمح بنكبة جديدة تحقق أوهام إسرائيل.
«رفض التهجير وتصفية القضية»
فى مواجهة العدوان الإسرائيلى الغاشم، يصطف الشعب الفلسطينى بصمود أسطوري، ووعى بأن العدو يقصف ويدمر ويقتل من أجل إبعاده عن أرضه، ولأنه صاحب الارض، يطالب بحق العودة إلى القرى التى تم تهجيره منها خلال أحداث نكبة 48، هو لم يغير عنوانه، فهو ابن المخيم، الذى تعود على ممارسات الاحتلال، على الاعتقال والقتل والحصار، ومازال صامدا.
يقول القبطان محمد ديب سبتيه باحث ومحلل سياسى فلسطينى ان ما يحدث حاليا هى إبادة جماعية، والحرب شكليا ضد حماس، ولكن الهدف هو التهجير القسرى أو الطوعي، وما يقوم به داخل القطاع من افراغه من كل مقومات الحياة، وغلق المعابر أمام المساعدات، لولا الصمود الفلسطينى على أرضه ووقوف مصر سدا مانعا لكانت النكبة الثانية، وهذه المؤامرة أفشلها الشعب الفلسطينى والثوابت المصرية، بالرغم من المعاناة الكبيرة التى يعيشها الفلسطينيون يوميا، مشيرا إلى انه بعد مرور 220 يوماً من الحرب، تشتعل مرة أخرى من الشمال إلى الجنوب وكأنها فى يومها الاول، ويقف أهل غزة على المعبر من أجل الدخول، وليس الخروج.
وأوضح ان القضية الفلسطينية مرت بمراحل كثيرة، ولكن هذه المرحلة مفصلية، فبعد ان تم استبعادها، أصبحت قضية الساعة، وتخرج المظاهرات فى كل العالم تأييدا لصمود الشعب الفلسطيني، وتم التصويت فى الأمم المتحدة من 143 دولة بالموافقة على العضوية الكاملة لدولة فلسطين، وانكشفت إسرائيل أمام العالم كقوة احتلال غاشمة، تقوم بالإبادة الجماعية.
ومن جانبه قال د.عبد المهدى مطاوع المحلل السياسى الفلسطيني، ان تهجير الفلسطينيين هو الهدف، وبنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل وضع خريطة أرض إسرائيل الكبري، وهو يلقى خطابه العام الماضى فى الامم المتحدة، وهى دليل على انه لا يقبل بأى اتفاق للسلام يضمن للفلسطينيين إقامة دولة، وبنظرة تاريخية نجد ان إسرائيل فى عام النكبة 48، اعتبرت نصرها غير كامل، لانها لم تحصل على القدس، ولانها لم تطرد الفلسطينيين من كامل الأراضي، وعندما أعلن بن جوريون أول رئيس للكيان، إقامة دولة الاحتلال اعتبره اليهود خيانة لانه أعلنه بدون القدس، والخطر استمر راسخا فى محاولة تهجير الفلسطينيين، وفى مؤتمرهم السنوى الخاص بمناقشة الدولة اليهودية، قالوا «ان اخطر ما يواجه دولة اسرائيل ليس السلاح النووى فى المنطقة، ولكنه الوضع الديموغرافي»، وفى مارس 2023، ناقش ايزنكوت رئيس الأركان السابق، ان العداد الديموغرافى فى صالح الفلسطينيين، وان عدد الفلسطينيين أكثر من اليهود فى فلسطين التاريخية بـ200 ألف، وهو ما يعنى كسر الحاجز الديموغرافي، بالاضافة إلى ان غالبية السكان ذو تعليم عال وثقافة.
وشدد مطاوع على ان الاحتلال يقوم بالاقتحامات والاعتقال والقتل فى الضفة الغربية والقدس، ووضع الحواجز بين المدن والتضييق، من أجل ان يهاجر السكان، وتحويل غزة الى بيئة غير صالحة تمام للعيش فيها، بتدمير البنية الاساسية فى التعليم والصحة والسكن والاقتصاد، من أجل تنفيذ مخططه بالتهجير الطوعى أو القسرى مشيرا إلى ان النفس الطويل لدى الشعب الفلسطينى والتضحيات والصمود هو ما نراهن عليه.
وقال د.غازى فخرى عضو المجلس الوطنى الفلسطينى ان الأوراق السياسية حاليا فى يد اليمين الإسرائيلى المتطرف، الذى اثبت فشل سياسته خلال هذه الحرب، ولم يحقق أياً من أهدافه، بالقضاء على حماس وتحرير الرهائن، ولكنه ارتكب المجازر والابادة الجماعية، وظهر كذب الولايات المتحدة التى تقوم بتسليح الاحتلال وتدعمه منذ 76 سنة، مشيرا إلى ان الاحتلال يظن انه لو هجر الفلسطينيين سوف يعيد احتلال غزة، ولكنه انغرز فى الوحل، وظهرت حقيقته أمام العالم، وهو فى ورطة.
مراحل
العدوان على غزة
فى يوم السابع من اكتوبر قامت حركات المقاومة الفلسطينية بعملية هجوم على المستوطنات فى غلاف غزة وإلحاق خسائر 1200 قتيل وأكثر من 250 أسيراً إسرئيلياً.
حملة عسكرية تم فيها قصف وتدمير 86 ألف وحدة سكنية كلياً و294 ألف وحدة دمرها جزئيا ولم تعد صالحة للسكن.
70 فى المائة من الوحدات السكنية فى قطاع غزة باتت غير صالحة للسكن.
70 ألف طن من المتفجرات تم إسقاطها على غزة ، أى ما يعادل 3 قنابل نووية.
أوقعت الهجمات الوحشية 35 ألف شهيد والأطفال والنساء بلغوا أكثر من نصف الشهداء فى غزة، منهم 15 ألف طفل و10 آلاف سيدة.
عدد الجرحى أكثر من 77 ألفاً، ولا توجد رعاية صحية كافية.
30 مليار دولار الخسائر الأولية المباشرة لحرب الإبادة على قطاع غزة.
مليونا نازح و17000 طفل يعيشون دون والديهم أو أحدهما وأكثر من 30 طفلاً استشهدوا نتيجة المجاعة.
إصرار الاحتلال على اجتياح رفح الفلسطينية مما أدى إلى نزوح جديد لنحو 500 ألف فلسطينى مرة أخرى بحثاً عن الأمن .
مراحل نكبة 48
قبل 76 عاما قامت الحركة الصهيونية بالسيطرة
بقوة السلاح على الجزء الأكبر من فلسطين وإعلان قيام دولة الإحتلال
عام 1917 : أعلن وعد بلفور الدعم البريطانى لإنشاء وطن قومى لليهود.
* توالى توافد الصهاينة إلى فلسطين بدعم من البريطانيين، وبناء مستوطنات صهيونية، وتهجير عشرات الآلاف من الفلسطينيين من بيوتهم.
1947: أقرت الأمم المتحدة خطة لتقسيم فلسطين إلى دولتين يهودية وعربية.
* شكل اليهود فى فلسطين وقتها ثلث السكان، أغلبيتهم قدموا من أوروبا خلال السنوات القليلة التى سبقت هذا التاريخ.
* كان اليهود يسيطرون على مساحة 6٪ فقط من دولة فلسطين التاريخية، إلا أن الخطة المقترحة من قبل الأمم المتحدة خصصت لهم 55٪ من المساحة.
* سيطر الصهاينة على عشرات المدن والقرى الفلسطينية وطردوا سكانها الفلسطينيين من بيوتهم بالقوة من 20 مدينة و400 قرية وأصبحت أملاكها ومزارعها جزءا من دولة الاحتلال.
* نفذت العصابات الصهيونية أكثر من 70 مجزرة بحق الفلسطينيين واستشهد خلالها 15 ألف فلسطينى فى هذه القرى وجرحى اضعاف العدد.
1948 : قرر البريطانيون إنهاء فترة انتدابهم لفلسطين، وفى اليوم نفسه أعلن رئيس الوكالة الصهيونية ديفيد بن غوريون إقامة دولة إسرائيل.
* شردت النكبة قسرا وبالقوة» نحو 800 ألف فلسطيني، من أصل نحو مليون و400 ألف، إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة.
* بقى نحو 150 ألف فلسطينى فقط فى المدن والقرى العربية داخل إسرائيل ويطلق عليهم عرب الداخل.