كانت حرب أكتوبر عام 1973م درسا متكامل الأركان للمحاربين المباشرين مصر وسوريا وللعدو متمثلا فى اسرائيل وامريكا والغرب كله وللقادة العرب الذين وقفوا صفا واحدا خلف مصر وسوريا وللشعوب.
أما بالنسبة لمصر وسوريا فقد كانت دليلا عمليا على أن الاعتماد على النفس والإفادة بالقدرات الذاتية والعقول البشرية وتوظيفها من شأنه أن يحقق نصرا مؤزرا ، فالضعفاء يستطيعون أن ينتصروا أيضا إذا أرادوا وسعوا إلى ذلك واستفرغوا طاقتهم فقد كانت الحرب حقيقة وواقعا بين مصر وسوريا ومن ورائهم العرب من ناحية وأمريكا وإسرائيل والغرب كله من ناحية أخرى وعلمت اسرائيل وامريكا كل ما يستطيعان لحماية اسرائيل من أى هجوم ،واعتبرتا خط بارليف هذا مانعا لا تستطيع قوة أن تتجاوزه فاستطاعت إرادة النصر أن تعد لهذا المانع المائى والخط المجهز والمحصن والمسلح ما يقلل خطره وتم عبوره وتجاوزه بأقل الخسائر ، كما علمت الآلة العسكرية للعدو على أن تجعل طيرانها اليد الطولى التى تصل إلى أى مكان فى مصر وليس فى الجبهة وحدها فأعدت لها إرادة النصر ما يحيد هذه اليد الطولى ويجعلها عاجزة عن الوصول إلى ما قبل الضفة الغربية بـ14 كيلو مترا وذلك باستخدام صواريخ سام ٦ التى تم تطويرها من خلال سلاح المهندسين المصرية إلى درجة خداع الطيار الاسرائيلى من خلال انذار وهمى له بأن صاروخا قد لحق بطائرته فيقفز بالمظلة وتاركا طائرته فى الجو لتسقط بعد ذلك.
كا استطاعت إرادة النصر ذات العقول المصرية أن تغير فى أساليب الحرب ففوجئت المدرعات الإسرائيلية بجنود مشاة ينتشرون فى الصحراء و يدمرونها بكل سهولة وهو ما لم يتعلموا قبل ذلك كما قالوا فى شهاداتهم بعد الحرب حتى كان أسوأ ما يواجهها هى النقاط السوداء المتناثرة فى الجبال وكانت هذه النقاط جنودا تحمل صواريخ البازوكا التى تدمر دبابات العدو بكل سهولة.
نعم كانت حرب أكتوبر المجيدة بين أصحاب حق فى حلوقهم مرارة الهزيمة التى لم يكونوا سببًا فيها وبين غرور لأحد له لجيش خطف نصرًا لم يدفع ثمنه ولم يجرب حقيقة من انتصر عليه فاستهان به فنال الجادون ما يليق بهم من نصر أزالوا به مرارة الهزيمة وأثبتوا للعالم أجمع أنهم خير أجناد الارض وأنهم يستطيعون أن يصنعوا ما يدهش الجان وليس البشر بإمكانيات عادية فى مواجهة عدو يتمترس بأحدث وسائل القوة.
فى كتاب «التقصير» الذى كتبه سبعة صحافيين صهاينة نقلًا عن محاربين صهاينة أيضا نجو من الموت فى هذه الحرب يتأكد أن الاسرائيليين رأوا بأم أعينهم استعدادات الجيشين المصرى والسورى للحرب.
كانت كل الشواهد تؤكد حدوثها، بل عرفوا بأن هناك عمليات ستتم يوم السادس من أكتوبر لكن العبقرية المصرية المتمثلة فى البطل الشهيد أنور السادات ورجاله الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه واستطاعوا إرسال رسالة مؤداها أنه لا قدرة لديهم على الحرب وأن العمليات التى يتوقع أن تحدث لن تكون فى صالح مصر أبدا.
ننقل من كتاب «التقصير»: الذى أعده 7 من جنرالات إسرائيل.. فى يوم 2 أكتوبر علم أن المصريين بدأوا بنقل الجيوش من قطاع القاهرة إلى قطاع منطقة القناة وشرح الناطق العسكرى الاسرائيلى ما يجرى فقال: إنها مناورة يقوم بها الجيش المصرى وسمح للمراسل العسكرى أن يجرى يوم الخميس 4 أكتوبر حديثا مع الجنرال «ألبرت» وجرى الحديث فى قيادة البرت وعلى الطائرة وخلال الحديث سأل المراسل العسكري: ماذا سيحدث لو عبر المصريون القناة غدا صباحا؟ فأجاب: ستصدهم قواتنا فى خط المياه ويعلق الكاتب كان هذا الجواب قبل نحو 50 ساعة من بدء الحرب.