تحل علينا هذة الايام الذكرى الثانية والسبعين لثورة يوليو 1952.. تأتى والمنطقة مشتعلة بنتائج حرب (الارهابيين):إرهاب إسرائيل بعدوانها الدامى على غزة والذى خلف ما يزيد على ربع مليون ضحية ما بين شهيد وجريح ومهجر ..وإرهاب الدواعش والإخوان والذى بدأت موجته الجديدة مع ما سمى بالربيع العربى ولا تظل مستمرة فى غالب دول المنطقة وإن بوتيرة مختلفة من دولة الى آخرى .. وفى هذا المناخ الملتهب الذى أشاعه (الارهابيون : الاسرائيلى والاخوانى الداعشي) تأتى ذكرى ثورة عبدالناصر الخالدة ..وهى ذكرى تحتاج الى أن نتذكرها ونحيى مقامها بإعادة تنشيط الوعى الجمعى للأمة ببعض الحقائق المهمة.
>>>
الحقيقة الاولى : كانت ثورة عبدالناصر بقيادة تنظيم وطنى شكله الزعيم جمال عبدالناصر من الضباط الصغار فى الجيش المصرى العظيم وكان عددهم حوالى 200 من ضباط الجيش المصرى الناقمين على تدهور أحوال مصر فى عهد الملك فاروق وقد تأسس فى عام 1949 ونجح فى منتصف ليلة 23 يوليو عام 1952، بالسيطرة على مبنى هيئة أركان الجيش بكوبرى القبة بالقاهرة ومراكز القيادة بالعباسية والاستيلاء على مبنى الإذاعة والمرافق الكبرى بالقاهرة، واعتقال بعض الوزراء وكبار القادة وبعد نجاح الثورة وضع قادتها ستة مباديء سعت لتحقيقها وهى القضاء على الاستعمار البريطانى لمصر والقضاء على الإقطاع والاحتكار والقضاء على الملكية وإقامة عدالة اجتماعية وبناء جيش مصرى قوى وحياة ديمقراطية سليمة.
وكانت السمة المميزة للثورة أنها ثورة بيضاء خلت من العنف وحملت على أكتافها ليس هموم المصريين فقط وإنما هموم المظلومين فى كل مكان ولذا اعتبرت من أعظم الثورات فى تاريخ البشرية .
وبعد نجاح ثورة 23 يوليو وتنازل الملك فاروق عن العرش، أعلن تنظيم الضباط الأحرار عن قيام مجلس قيادة الثورة لإدارة الأمور خلال فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات، وتألف مجلس قيادة الثورة من الضباط: جمال عبدالناصر، أنور السادات، حسن إبراهيم، حسين الشافعي، جمال سالم، زكريا محيى الدين، صلاح سالم، عبد الحكيم عامر، عبد اللطيف البغدادي، خالد محيى الدين، محمد نجيب، كمال الدين حسين، كما انضم إلى مجلس قيادة الثورة فى أوقات أخري: يوسف صديق، عبدالمنعم أمين، عبد المنعم عبد الرؤوف.
الحقيقة الثانية : هى تعرض الثورة وقائدها (جمال عبدالناصر) إلى العديد من المؤامرات الخارجية (من بريطانيا وإسرائيل وفرنسا : والذين شنوا عليه عدوان 1956 لاحقا ) والمؤامرات الداخلية التى خاضها تنظيم الاخوان والذى بدلا من الاندماج مع الثورة بعد الاغراءات والتنازلات العديدة التى قدمها لهم قادة الثورة الا أنهم بدلا من ذلك تآمروا (تماما مثلما جرى قبل ثورة 30 يونيو 2013!!) وبلغ تآمرهم الى درجة التخطيط لاغتيال قائد الثورة جمال عبدالناصر محاولة لاغتيال جمال عبدالناصر وهو يخطب فى ميدان المنشية بالإسكندرية فى 26 أكتوبر 1954، وألغى مجلس قيادة الثورة بانتهاء فترته.
>>>
وحول حقيقة المؤامرات الاخوانية وخطورتها منذ البداية ..دعونا نتأمل ما كتبه بخط يده قائد الثورة (جمال عبدالناصر ) عن محاولات الاخوان اغتياله ….فماذا يقول ؟ يقول جمال عبد الناصرفى شهادته النادرة عن محاولة الاخوان إغتياله فى حادث المنشية:
«واجهت رصاص اليهود شهوراً طويلة، وأنا أحارب فى الفالوجا وعراق المنشية بفلسطين. كانت حياتي، فى تلك الأيام، هدفاً دائما لرصاصهم وقنابلهم. كنت أقطع أميالاً طويلة، محاطاً بالانفجارات، ومحاصراً بالألغام. كان الموت سميرى وصديق أيامي، وقد عرفته ورأيته وعشت معه، والذى يواجه الموت من أجل فلسطين لا يهرب منه من أجل مصر..فى ميدان المنشية، مساء يوم 26 أكتوبر 1954، لم تصدق عيناى ما سمعته أذناي!
لم أصدق أن هذا الوهج الذى يلهب بصرى هو النار التى تحملها رصاصات الغدر والخيانة إلى صدري. لم أصدق أن يوجد بين هذه الآلاف المؤلفة من المصريين التى احتشدت بالميدان، تهتف بحياة مصر وثورة مصر، أن يوجد إنسان واحد يريد الموت لجمال عبد الناصر.
كان صوت الرصاص يقرع سمعي، وأنا أسائل نفسى فى أسى وذهول..أنا.. أنا المقصود؟ ومن يريد قتلي؟ الاخوان المسلمين .. لماذا؟!
لقد حاولت معهم بكل السبل أن نعمل معاً لصالح مصر، ولكنهم رفضوا كل الحلول، وأصروا على أن يحتكروا السلطات.. كل السلطات، وعندما رفضت، أيكون الغدر والاغتيال هما جزائي؟!!!
سمعت الرصاصة الأولى فالثانية فالثالثة فالرابعة، وحاولت أن أتقى باقى الرصاصات، ثم قررت مواجهة الغدر والجبن والخيانة، ولم أعد أرى شيئاً أو أحس بشيء. لقد رأيت أمامى جموع الناس تتدافع فى ذعر وهلع، وسمعت فى أعماقى صوتاً يهتف بى لمناداتها فأدعوها للبقاء، لقد صرخت بدمى وأعصابي:
«أيها الرجال فليبق كل مكانه.. دمى فداء لكم.. حياتى فداء لكم.. روحى فداء لمصر».
ولقد فرحت وأنا أرى الجموع المحتشدة تعود إلى أماكنها فى لحظات خاطفة، فقد عز عليّ أن تعكر صفو المصريين محاولة خسيسة لاغتيالى من جماعة تتاجر بالدين، سعياً للوصول للسلطة، فى ليلة نحتفل فيها بجلاء المحتل عن مصر.
لقد شعرت بأياد كثيرة تجذبني، وتشدنى إلى مقعدي. كانت جهود رفاقى تنحصر فى منعى عن الكلام، رحمة بجهدى وصحتى وحالي. كانت أياديهم تعارك جسمى فى قوة لا أحس بها، ولكنى أدفعها بقوتى وإصرارى على متابعة الكلام. وتكلمت وأصداء صوت طلقات الرصاص مازال يقرع سمعي، ووهج النار مازال يلهب بصري، وصوت روحى يهتف بى فى حيرة وذهول: أنا؟ أنا المقصود؟!!
لقد عزت عليَّ مصر، وعزت عليَّ نفسي، وعز على مشهد الجماهير الوفية، تهتف بحياة مصر وحياتى وتهدج صوتي، واستبد بى التأثر خشية على بلادى من حمامات دم، تجرها لها جماعة متعصبة لا تتورع عن اغتيال كل من يخالفها بخسة وندالة واستغلال للدين .
وسمعت نفسى أقول للناس: «روحى لكم.. دمى من أجلكم.. أنا فداء لكم.. إذا قتلوا جمال عبد الناصر فكلكم جمال عبد الناصر».
>>>
انتهت الشهادة الوثيقة التى لا تحتاج الى تعليق عن دلالاتها فى إثبات غدر الاخوان وإرهابهم منذ البداية وتأتى الذكرى الـ72 للثورة التى تحل علينا اليوم فى العام ( 2024) وإرهابهم كما هو لم يتغير تماما كالارهاب الاسرائيلى ..بل ومتحالف معه فى العديد من المراحل والمواقف ولذلك حديث آخر وبالوثائق ! حفظ الله مصر