مما لاشك فيه ان مايقوم به الازهر ودار الفتوى المصرية ووزارة الاوقاف يذهب إلى جهد مشكور فى تنظيم الفتوى وقصرها على أصحابها وهو جهد يحتاج موازاة من أهل العلم وإلى مجاراة من وسائل الاعلام وعدم خلط الامور كما يفعل بعض الدعاة (المتسلفين) و(الاخوان الجدد) الكارهين ليس فحسب لاصحاب المذاهب الاخرى بل لانفسهم والذين يشكلون خلايا فكرية وفقهية داعشية (وإخوانية) نائمة ستستيقظ بعد حين لتملأ الارض فوضى وارهابا وكراهية للاخر الدينى أو المذهبى وعلينا أن نستبق الاحداث ونحذرها وننتبه جيدا إلى خطرها القادم والمرعب.. فى هذا السياق تأتى الدراسة التفصيلية الهامة ومنشورة فى مجلة (نقابة المحامين ) فى 22-5-2024 وعنوانها (وفوضى الفتاوى الدينية ودورها فى تهديد الأمن القومي) للدكتور أحمد عبدالظاهر استاذ القانون الجنائى فى جامعة القاهرة- وتتضمن الدراسة: أن فتاوى غريبة وأخرى متطرفة تظهر بين الحين والآخر، وتنتشر بسرعة بين العامة، وتسهم وسائل التواصل الاجتماعى فى تناقلها وإثارة النقاش حولها، بحيث تصل إلى جموع الناس. وقد بدت هذه الفتاوى أكثر تطرفا وغرابة بعد موجة ما أطلق عليه «الربيع العربي»، حيث أُفتى مثلاً بقتل المعارضة فى مصر لمخالفتها رئيساً منتخباً، أو بجهاد النكاح فى سوريا، وحتى بتحريم جلوس الأب وابنته لوحدهما، وهى الفتاوى التى دفعت بعلماء فى دول إسلامية كثيرة إلى التحذير من مخاطرها وعدم الأخذ بها كما فعل مفتى تونس بالنسبة لفتوى جهاد النكاح. ووصل الأمر فى بعض الأحيان إلى حد الملاحقة القضائية، كما حدث فى الفتوى بقتل زعماء جبهة الإنقاذ المعارضة، خلال الفترة التى وصلت فيها جماعة الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم فى مصر.
وفى دراسته التوثيقية المهمة يقول د.عبدالظاهر (يبدو أن الحديث عن «فوضى الفتاوى الدينية» هو من القديم المتجدد، وأن الأمة الإسلامية قد ابتليت بهذا الداء منذ عدة عقود. بل إن التأريخ لهذا الموضوع قد يصل إلى قرون عدة مضت. ففى برنامجه التليفزيونى «مع هيكل»، وفى الحلقة الثانية من سلسلة حلقات عن «الأمن القومي»، وتحت عنوان «بيض فى سلة واحدة»، يحكى الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل أنه، وفى فترة شبابه، وأثناء عمله فى مجلة آخر ساعة فى سنوات الأربعينيات، ظهرت بعض الفتاوى الدينية الغريبة، والتى نشأت على إثر دخول المشروبات الغازية، وعلى رأسها الكوكاكولا والبيبسي، إلى مصر، حيث بدأت الشركات المنافسة تستعين بالفتاوى الدينية والمشايخ. وهكذا، نشرت الصحف الوطنية الكبرى آنذاك فى صدر صفحتها الأولى أن «لجنة الفتوى بالجامع الأزهر تفتى بعدم تحريم البيبسى والكوكاكولا». وفى الإطار ذاته، كتب فضيلة الشيخ حسنين محمد مخلوف، عضو هيئة كبار العلماء ومفتى الديار المصرية سابقاً، مقالاً بعنوان «البيبسى شراب حلال». وإزاء ظهور مثل هذه الفتاوي، ارتأى الأستاذ محمد التابعي، والذى كان يرأس مجلة آخر ساعة وكان مالكاً لها فى الوقت ذاته، أن يقترح على الكاتب الصحفى الشاب آنذاك محمد حسنين هيكل أن يعمل على تحقيق صحفى عن «الفتاوى الغريبة التى صدرت من جهات الفتوى فى عصور معينة». وقد حدث هذا الاقتراح بحضور الأستاذ مأمون الشناوي، والذى كانت تربطه علاقة قرابة بالشيخ محمد مأمون الشناوي، والذى تولى مشيخة الأزهر بعد ذلك. وهذه العلاقة هى السبب وراء تسمية الأستاذ مأمون الشناوى بهذا الاسم، تيمناً باسم عمه الشيخ محمد مأمون الشناوي. ومن خلال هذه العلاقة، كان الأستاذ مأمون الشناوى يعرف عن طريق عمه بعض الفتاوى الغريبة، فقال إن ثمة فتوى غريبة تتعلق بقضية غير ذات أهمية كبري
وبعد تقديم هذه الروايات التاريخية يؤكد د.عبدالظاهر فى دراسته المهمة وفى موضع آخر قائلا (لا نغالى إذا قلنا إن فوضى الفتاوى الدينية تهدد النسيج المجتمعى وتقوض الوحدة الوطنية وتسهم فى نشر التخلف وتعوق التنمية المجتمعية. ومن أجل ذلك، كان من الطبيعى أن يتدخل المشرع الجنائى فى بعض الدول العربية بتجريم بعض السلوكيات ذات الصلة. ففى دولة الإمارات العربية المتحدة، على سبيل المثال، وبموجب المرسوم بقانون اتحادى رقم (7) لسنة 2016م، أضاف المشرع مادة جديدة إلى قانون العقوبات، تنص على أن «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبالغرامة كل من أفتى بفتوى من شأنها الإخلال بالنظام العام أو تعريض حياة إنسان أو سلامته أو أمنه أو حريته للخطر، وتكون العقوبة السجن المؤقت إذا ترتب على الفتوى حدوث ضرر أياً كان».. وورد النص على الحكم ذاته فى المادة 219 من قانون الجرائم والعقوبات الجديد فى دولة الإمارات العربية المتحدة، الصادر بالمرسوم بقانون اتحادى رقم (31) لسنة 2021م.
وقرار مجلس الوزراء رقم (31) لسنة 2017م بشأن إنشاء مجلس الإمارات للإفتاء الشرعى ينيط بالمجلس دون غيره مكنة إصدار الفتاوى الشرعية العامة، ولا يحق لأى جهة أو فرد إبداء رأيه فى هذه المسائل….)
وفى الإطار ذاته، وفى المملكة العربية السعودية، صدر الأمر الملكى رقم (13876/ب) بتاريخ 2/9/1431هـ بشأن قصر الفتوى على هيئة كبار العلماء، كما صدر تعميم المجلس الأعلى للقضاء رقم (110/ت) بتاريخ 18/9/1431هـ بشأن قصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء.
أما فى مصر فتذهب الدراسة المهمة للدكتور أحمدعبدالظاهر) بأن ثمة مشروع قانون تنظيم الفتوى وقصرها على الهيئات المعنية بالفتوى فى الأزهر الشريف أو دار الإفتاء المصرية أو من يرخص له بذلك من أى منهما. وتنص المادة الرابعة من هذا المشروع على أن «يعاقب على مخالفة أحكام هذا القانون بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين. وفى حالة العود تكون العقوبة هى الحبس والغرامة التى لا تزيد عن عشرة آلاف جنيه)
إن أصحاب الفتاوى ضد الاخر الدينى والمذهبى هم التكفيريون القادمون …هم (الخلايا الداعشية والاخوانية النائمة) وعلينا التنبه لخطرها ولفوضى فتاويها التكفيرية فهى ستبدوى طبيعية ولكن بالتبحر فى خلفيتها المذهبية سنكتشف أن هؤلاء إخوان متسلفون يكرهون الوطن والناس والدين معا ..دين الحق والتسامح والوحدة ..فاحذروهم… فهؤلاء هم العدو!