أصاب الأستاذ أحمد المسلمانى رئيس الهيئة الوطنية للإعلام عندما أصدر توجيهاته المباشرة لجميع قنوات وإذاعات ومواقع الهيئة بحظر استضافة العرافين والمنجمين وقراء الفنجان. قرار صائب تأخر كثيراً وما لايدرك كله لا يترك كله هكذا تعلمنا. والواجب أن يمتد هذا التوجيه إلى القنوات الخاصة. الذى أعلمه أن مستقبل المنطقة والعالم يتم مناقشته من خلال الاستعانة بالعلماء والخبراء والأكاديميين والمفكرين فهم أولى المنجمون وقارئو الفنجان يقومون بتسفيه المعرفة والترسيخ للشهرة الكاذبة وتوقعات عشوائية لا سند لها فالذى نعرفه أن واجب وسائل الإعلام هو مواجهة الجهل وتعظيم العلم وتعزيز المنطق. زمان كنا نرى قارئة الفنجان وهى تجوب القرى والنجوع والكفور وقد التف الناس حولها بالعشرات إن لم يكن بالمئات ولا ينفض المولد إلا بعد تفريغ الجيوب التى حصلت عليها بنت الأصول دون تعب أو عناء ثم امتد الأمر بعد ذلك إلى المريدين استطاع هؤلاء جلب الأموال التى تأتيهم من كل صوب وحدب وقد توسعت كثير من الفضائيات فى السنوات الأخيرة لاستضافة ما يسمون أنفسهم بالعرافين.. والمؤسف أن غالبية الزبائن أو الضحايا يؤدون الصلوات فى مواقيتها وربما يصومون الاثنين والخميس وتاسوعاء وعاشوراء ووقفة عرفات إلا أنهم يعتقدون فى ثقافة الدجل والخرافة. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال «من ذهب إلى كاهن أو عراف فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد» صحيح أن السحر موجود منذ القدم وسيظل حتى يرث الله الأرض ومن عليها إلا أن الإسلام رسم لنا طريقاً للعلاج منه من خلال قراءة آيات بينات من كتاب الله شريطة أن يكون المعالج بضم الميم ممن عرف بتقواه وورعه. لقد شغلنى ما سمعت من ثقافة تزداد وتنتشر لعالم الدجل والشعوذة وقلت فى نفسى إذا كان هؤلاء الدجالون يمتلكون العصا السحرية ويوزعون صكوك السعادة على من يريدون فلماذا يحرمون أنفسهم منها وإذا كان بمقدورهم جلب النفع والضر لعباد الله فلماذا لا نسلطهم على هؤلاء الذين عاثوا فى الأرض فساداً ودمروا الأخضر واليابس فى بلادنا العربية والإسلامية وإذا كانوا يمتلكون مفاتيح إخراج العفاريت ويعلمون الغيب فلماذا لا نستغلهم لمحاربة أعداء الأمة والذين يتربصون بنا سراً وعلانية. لقد أمسكت بالريموت وأدرت مؤشر التليفزيون لأفاجأ بسيل من القنوات التى تروج للدجل والخرافة فهذا البرنامج يديره مقصوف الرقبة فلان بن علان ويستطيع جلب العرسان ورأب الصدع بين الأزواج وآخر يستنطق الزمن لرسم صوره للعالم القادم وما ينتظرنا من مصير مؤلم إلى آخر الشعارات الرنانة والتى تجد للأسف أرضية خصبة عند الكثيرين من السذج والهواة ثقافة الدجل والشعوذة تحتاج إلى تشريعات رادعة لمن يروج لها ومن يعمل بها وتحتاج أيضاً إلى نشر صحيح الدين الذى لا يؤمن بالتهييف ولا يعرف أيضاً ثقافة الكاهن والعراف. فالله وحده عنده علم الساعة ويعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور. قال تعالى «إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما فى الأرحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غداً وما تدرى نفس بأى أرض تموت إن الله عليم خبير».