الغالبية العظمى من الناس لم تقرأ أو تهتم بما جاء فى بيان الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية أول أمس إلا بالفقرة الخاصة بإنهاء التعاقد مع أحمد شوبير ووقف برنامجه على قنوات أون تايم سبورتس.. ثم تبارى الجميع فى إبداء الآراء والتعليقات والتحليلات وأغلبها صب فى اتجاه تأييد القرار والتصفيق له بحرارة من منطلق أنه لامس عواطف الناس المكلومة والموجوعة قلوبها على رحيل نجم الكرة الموهوب أحمد رفعت بهذه الطريقة المأساوية.
ولكننى توقفت كثيرًا أمام الفقرة الخاصة بحديث الشركة المتحدة عن «الفوضى فى قطاع الإعلام الرياضي».. وهو توصيف مهم من كبرى المؤسسات التى تدير منظومة الإعلام فى مصر لواقع مرير نعيشه منذ سنوات ونطالب جمعيًا بضرورة تصحيحه بل وتطهير الإعلام الرياضى من أولئك الدخلاء الذين يفتقدون لأدنى المقومات والمهارات الأساسية التى تؤهلهم للعمل فى هذا الحقل الهام وشديد الحساسية والخطورة نظرًا لمتابعته من جانب ملايين الناس لاسيما الشباب والمراهقين والذين يتشكل وعيهم وتتبلور رؤيتهم للحياة بواسطة هذه الأبواق الإعلامية التى لا يعرف بعضها الرأفة أو الرحمة وتبث فى نفوسهم روح الفتنة والتشاحن والصراع والعدوانية.. الشركة المتحدة كشفت فى بيانها وجود «فوضي» فى الإعلام الرياضى ثم تابعت مؤكدة أنها «تستلزم مواجهة حاسمة حرصًا على حق المواطن المصرى فى إعلام رياضى يحترم الحقيقة ويتوخى الصدق».. تأملوا معى هذه الكلمات التى جاءت فى هذه الفقرة ودعونا نتوقف عندها طويلاً «مواجهة حاسمة.. حق المواطن المصري.. إعلام رياضى يحترم الحقيقة ويتوخى الصدق».. يا لها من كلمات عظيمة.. وأحلام عريضة.. وآمال شامخة شموخ الجبال الرواسي!! ولكن أين الواقع من هذه المعانى النبيلة؟ لا شيء طبعًا.
وهنا أتساءل: بعد تدخل الشركة المتحدة وقرارها بوقف أحمد شوبير وإنهاء التعاقد معه احترامًا للرأى العام ومراعاة للقواعد المهنية.. ماذا عن القنوات الأخرى التى تبث برامج القتنة الكروية القاتلة.. وهل ستتخذ تلك القنوات أو الشركات المالكة لقنوات مواقف نبيلة رائعة مثل الشركة المتحدة؟ أم يتوقف الأمر عند هذا الحد وتتواصل برامج الفوضى التى تبث السموم فى نفوس الشباب الصغير.. للأسف كل يوم تظهر على الشاشات وجوه تبعث على التشاحن وازكاء نار الفتنة بين جماهير الأندية وبصفة خاصة جماهير القطبين.. الأهلى والزمالك.. فهل تستمر تلك الوجوه الشيطانية التى لا تحمل إلا الشر والقتنة ونشر العدوانية بين شباب مصر.. أتمنى أن تتخذ القنوات الأخرى مواقف رائدة مثل المتحدة وتقرر تنفيذ عملية تطهير ذاتى لبرامجها وكوادرها وابعاد كل من يتجاوز ويخالف القواعد والمعايير المهنية وهم كثيرون والجميع يعرفهم بالاسم.. لاعب الكرة الذى أثار جدلاً واسعًا أثناء وجوده فى الملاعب وقد تنقل بين الأهلى والزمالك ودارت حوله شبهات أخلاقية ومازالت حتى الآن.. للأسف الشديد كافأته إحدى القنوات وخصصت له برنامجًا رياضيًا فى توقيت مثالى لمدة ثلاثة أيام أسبوعيًا وعلى مدار ساعتين كاملتين هو وقت البرنامج لا يتوقف أبدًا عن الإساءة اللفظية الجارحة والفاضحة لأحد القطبين ولاعبيه ورموزه وجماهيره مما يشعل نار الفتنة على السوشيال ميديا ومنها إلى الشوارع والأندية والملاعب.. مذيع آخر بدأ فى السوشيال ميديا ثم قدمته إحدى القنوات الجديدة فى برامجها ليواصل نفس الآداء غير الموضوعى وغير المحايد الذى دأب عليه أيام اليوتيوب والفيس بوك ويواصل هجومه غير المبرر ضد ناد كبير وعريق صاحب شعبية جارفة بالملايين.. لدرجة انه فى إحدى حلقاته أقسم بيمين الطلاق من زوجته لو أن الفريق الذى يناصبه العداء لم يلعب المباراة القادمة.. ووقع المحظور.. وتمسك الفريق بموقفه ولم يلعب المباراة.. ووقع الطلاق.. وبدلاً من أن يظهر على الشاشة معتذرًا ونادمًا عن «الجريمة الأخلاقية» التى ارتكبها على الهواء وأمام ملايين الناس.. خرج بتصريح أكثر جرمًا وقبحًا ليقول بتهكم وسخرية أنه سأل أحد العاملين فى دار الافتاء عن يمينه الذى وقع والذى يحدد مصير زوجته ومستقبل أسرته.. فقال: الموضوع بسيط قوي.. أنك تعشى مجموعة من أصحابك!! فهل هذا إعلام.. وهل تلك مهنية.. وأين احترام الرأى العام.. وأين احترام المواثيق والاخلاق والأعراف والمباديء الإنسانية والدينية؟ وأمثلة كثيرة وعديدة لوجوه عابسة بائسة مملة فاقدة للحس الإعلامى والميثاق الأخلاقى ولا تعرف شيئًا عن قواعد المهنية.. هؤلاء لابد لهم من مواجهة حاسمة حماية للرأى العام وللذوق العام وحماية للأجيال القادمة.. وأختتم بفقرة مهمة فى بيان الشركة المتحدة حول شوبير حيث أكدت الشركة حرصها على أن تقدم كوادرها إعلامًا مهنيًا يحترم المشاهد وأنها لن تتوانى عن ردع كل من يحيد عن المعايير المهنية التى تلتزم بها منذ بداية تأسيسها.. وأسأل القنوات الأخري: هل تقدم كوادركم حقًا إعلامًا مهنيًا يحترم المشاهد؟!