رئيس الوزراء: قضيتنا الكبرى .. وستظل مصر داعمة لشعبها حتى قيام دولتهم
وزير الأوقاف: افتتاح أولمبياد باريس إهانة لرموز المسلمين والمسيحيين.. وينسف جهود الاستقرار والتعايش ويغذى التطرف
مفتى الجمهورية: الرئيس السيسى يدعم المؤسسات الدينية
للحفاظ على المجتمع الإنسانى
قضايا متشابكة شهدها المؤتمر الدولى التاسع الذى عقدته دار الإفتاء المصرية بعنوان «الفتوى والبناء الأخلاقى فى عالم متسارع» برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية وحضور كثيف من الدول والهيئات الأممية، وكانت القضية الفلسطينية ومعاناة أبناء غزة فى مواجهة العدوان الإسرائيلى هى القاسم المشترك والحاضر الشاهد فى جميع كلمات الوفود الذين تحدثوا فى الجلسة الافتتاحية أو الجلسات المسائية.. اتفقت كل الكلمات على ضرورة مسارعة العالم بإيجاد حل عاجل وسريع يحفظ على الفلسطينيين دماءهم وأموالهم وأرضهم التى يعيث فيها الاحتلال الصهيونى افسادا دون رقيب ولا حسيب ولا يخشى رادعا ولا يخاف زاجرا.. ولم يغب عن المنصة الرئيسية ما شهده أولمبياد باريس من إساءة إلى مقام السيد المسيح عليه السلام.. كما تضمنت كلمات المشارين مقترحات فى إعادة منهجية الأخلاق فى الفتوى وفى الحياة العامة بما يساعدنا على التصدى لمحاولات الشذوذ والإلحاد.
أكد د. مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، أن القضية الفلسطينية ستظل قضية مصر الكبرى، وستظل مصر داعمة لأشقائنا فى فلسطين، وفى حقهم فى الحياة، ورفض كل صور الظلم والقهر لهم، مؤكداً فى الكلمة التى ألقاها نيابة عنه د. أسامة الأزهرى وزير الأوقاف على ثوابت الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى دفع الظلم والعدوان عن شعب فلسطين، ومناصرتهم فى حق إقامة دولتهم الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، ضمن الدعوة المصرية المتكررة فى احترام المواثيق الدولية فى حق الشعوب تقرير مصيرهم وبناء دولهم.
أضاف الأزهرى أن المؤسسة الدينية فى مصر على قلب رجل واحد تقف جبلًا شامخًا تحت راية الأزهر الشريف لدعم دول وشعوب العالم الإسلامى ومؤسساته المختلفة حتى يؤدوا رسالتهم فى نشر التسامح والتعايش المشترك حتى يملأوا الدنيا علمًا وأمانًا ونورا.
موضحا أن الأوقاف بكل قدراتها ومقدراتها وشيوخها وخطابها وأئمتها مجندة لدعم دار الإفتاء المصرية؛ لتؤدى رسالتها السامية فى خدمة الشعب المصرى العظيم وخدمة المسلمين جميعًا والإنسانية.
ندد الأزهرى بما وقع فى حفل افتتاح أولمبياد باريس 2024م بالتعرض غير اللائق لمقام السيد المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام، وأدانه الأزهر الشريف والمؤسسات الدينية والكنيسة المصرية، وتوالت ردود الفعل المنكرة فى الرأى العام الدولى مما دفع منظمى الأولمبياد إلى حذف الفيديو والاعتذار، مشددا أن الإساءة والإهانة لرموز المسلمين والمسيحيين ومقدساتهم، بل والإساءة إلى سائر الأديان عواقبه وخيمة وينسف كل جهود الاستقرار والتعايش ويغذى التطرف والتطرف المضاد، نافيا إمكانية تحقيق تقدم فى التعارف الجاد بين الحضارات فى ظل الاستهانة أو الإهانة للرموز والمقدسات الدينية، داعيا القيادات الدينية فى العالم إلى حملة توعية شاملة تطفئ نيران الفتن وتنشر فى مختلف المنابر الفكرية والثقافية ووسائل التواصل والسوشيال ميديا تعريفًا صحيحًا بالأنبياء.
فلسطين وقضيتها العادلة ومعاناة أهلها لم تكن غائبة أيضا فى كلمة د.شوقى علام مفتى الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدور هيئات الإفتاء فى العالم على اعتبارها جزءاً من العنوان الذى يحمله المؤتمر مؤكدا أن ما يحدث من إبادة جماعية ضد الأشقاء يؤكد ضرورة العمل على فرض وترسيخ منظومة القيم الأخلاقية والإنسانية.
قال إن مصر كانت ـ وما زالت ـ قائدة رائدة على مر العصور، خاصة فى عصر الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى بذل ـ ولا زال ـ يبذل كل الجهود لدعم المؤسسات الدينية، وفى مقدِّمتها دار الإفتاء المصرية، حيث قدم لها كل أنواع الدعم المادى والمعنوى الذى ساعدها لتخطو خطوات جادة فى تجديد الخطاب الإفتائى وجمع المؤسسات والهيئات الإفتائية على كلمة سواء، مضيفا أننا أمام أزمات تعصف بمحيطنا الإقليمى والدولى، منددا بمحاولات تفكيك البناء الأخلاقى، داعيا إلى إيجاد صيغة مشتركة للتّفاهم حول المعايير الأخلاقية، والمبادئ الإنسانية فى كافّة المجالات، ووضع المنظومة الأخلاقية فى أولويات مبادئ التقدّم الصناعى والتقنى، خاصة فيما يتعلق بتطبيقات الذكاء الاصطناعى، وجعلها أحد الموجهات الرئيسية فى بناء فلسفة العلوم التجريبية والاجتماعية، وفى حل الأزمات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية، وفى نزع فتيل الصراعات المسلحة والحروب الكارثية التى فقدت ميزان العدالة والأخلاق، مع ضرورة المحافظة على الخصوصيات الدّينية والثقافية، ومراعاة الأعراف المجتمعية، وشدد علام أنّنا أمام أزمة أخلاقية ونفسية وروحية، صنعتها محاولات الهيمنة والسيطرة الفكرية والاقتصادية والاجتماعية، التى يقوم بها من يريدون إخضاع العالم لنموذج أحاديّ، تغيب عنه الرؤية الأخلاقية، وتتحكّم فيه نظرة ماديّة تركت فراغًا روحيًّا عميقًا فى النفوس، أدَّى إلى وجود نزعتى التطرف والانحلال، اللّذين يشتركان فى إهمال الجانب الروحى وغياب السقف الأخلاقى رغم اتجاههما المتضاد، إضافة إلى الأزمات العالمية التى تكرس انتشار الفقر والجوع وغياب العدالة، وكذلك غياب الوعى والضمير الإنسانى الأخلاقى فى منع الصراعات، ووقف الاحتلال العسكرى الغاشم الذى يمارس الإبادة ضد المدنيين فى فلسطين وغيرها من دول العالم، ولا شك أننا فى ظل هذه التحديات نتحمل مسئولية كبرى تفرض علينا توظيف العمل الإفتائى فى ترسيخ منظومة القيم والأخلاق الدينية والإنسانية للخروج من هذه الأزمة، وهو ما نأمله من هذا المؤتمر الذى يضم نخبة من العلماء والمؤسسات الدينية المؤثرة.
من جانبه دعا د. محمد الضوينى، وكيل الأزهر الشريف، لاضطلاع الفتوى بدَورها الحيوى فى حياة الناس فى ظل زمن صعب تجرى فيه انتهاكات حقوق الإنسان بلا هوادة، وانتهاك القيم الأخلاقية والفطرة البشرية، والتجرؤ على الفتوى الصحيحة، وانتشار دعاوى تسعى لتمييع الدين أو تنشد التطرف والإرهاب، معلنا دعم الأزهر الشريف وإمامه الأكبر لشعب فلسطين فى وقوفه أمام الآلة الصهيونية المتغطرسة، وتأكيده أن استهداف المدنيين جريمة ووصمة عار على جبين البشرية يسجلها التاريخ، منددا باللوثة التى أصابت المجتمع فى أخلاقه درجة جعلته يستبدل الأسرة الشرعية والعفة بالشذوذ والمثلية، بما يخالف منهج السماء، وينشر حروبا ظالمة تتجاوز آثارها أطراف الحرب على بلدان السلام التى لا ناقة لها فى الحرب ولا جمل، إضافة إلى التشدد والانغلاق والإلحاد والانفلات الذى يهدد العقائد ويهدر الثوابت، واستطرد الضوينى فى كلمته التى ألقاها نيابةً عن شيخ الأزهر أنَّ من حق الناس الحصول على ما يبعدهم عن فتاوى التشديد من خلال فضاءات المباح والجائز، وبعيدًا عن حاملى لواء التيسير الذين ميَّعوا الأصول حتى لم يبقَ الدين دينًا، ومتصيدو الغرائب الذين وضعوا الفقه موضع تهمة ، ومن يبيحون لكل إنسان أن يفتى نفسه بما يشاء، مشددا أن الفتوى هى الفصل بين الحل والحرمة التى تجعل البشرية تحسن قراءة الماضى وإدارة الحاضر وتعرف المستقبل، مبينا أن واجب العلماء والمفتين ألا يتوقفوا عند بيان الأحكام مجردة دون ربطها بأخلاق الناس وحركة قلوبهم.
منددا بتصدر غير المؤهلين للفتوى مما يجعلهم يأتون بفتاوى لا تبصر الواقع ولا تدرك الجمال بما يُحرِم الطيبات ويضع المحظور فى دائرة المباح، وفق أجندات لها أيديولوجية سياسية أو شخصية نفعية تسعى لاستهداف هوية الشباب ووعيهم بحاضرهم ومستقبلهم وتزييف الواقع وتغييب الوعى بعد أن فشلت القوى العالمية فى الاستعمار الصريح.
الضوينى ندد أيضا بما يشهده المجتمع الدولى من تفكك واضطراب فى الأسرة، وإنفاق أموال طائلة لإنتاج جماعات تخريبية تعمل على إشعال الحروب والعبث بالهويات والخصوصيات، رغم أن هذه الأموال كافية لمحاربة الفقر والجهل والمرض، إضافة إلى ما يجرى حولنا من تلاعب وعبث ومقامرة بالمجتمعات دون شعور بوخز الضمير لمشهد المشردين والقتلى والثكلى والنازحين، داعيا إلى تكاتف المعنيين من علماء الاجتماع والدين لصياغة الفتاوى بشكل يحيى القيم الدينية مع عدم العزلة عن الواقع.
فيما أوضح د. عبد الرحمن بن عبد الله الزيد، نائب الأمين العالم لرابطة العالم الإسلامى، أمين مجمع الفقه الإسلامى أنَّ المؤتمر يُعقد فى أجواء عالمية مشحونة بالتوتر جرَّاء ما يقع فى فلسطين المحتلة ومواصلة العمليات الإسرائيلية الهادفة للإبادة فى مشهد مجرد من كل القيم الإنسانية، ودعا إلى صياغة ميثاق عالمى للأخلاق لمواجهة القيم المادية التى طغت على العالم المعاصر، ومسابقة النشاط الإلحادى الذى يسعى إلى تقليص الإنسان من الدين.
بينما أشار د. قطب سانو، أمين عام مجمع الفقه الإسلامى الدولى أن المؤتمر ينعقد فى وقت يشهد فيه العالم صراعًا بين الحق والباطل، والنور والظلام، مما أدى إلى نشوب حروب جهنمية وصراعات دموية فى أرجائه تحصد أرواح الأبرياء من النساء والولدان والشيبان، وتقضى على الثمرات والممتلكات، معلنا أن صمود الأمة الإسلامية شعوبًا ومجتمعات ودولًا أمام صنوف المآسى والكوارث يكون بالتفاف أبنائها حول قيمة الأخلاق فهى النور الذى يُستضاء به فى ظلمات الظلم والقهر والجور والطغيان والبغى، معربا أسفه لانهيار قيمة الأخلاق فى بنية النظام العالمى المعاصر مما جعل العالم يشاهد بدم بارد ما يتعرض له أطفال فلسطين من قتل وتقتيل وتجويع على أيدى الصهاينة، وهتك وعدوان، مشددا أن غياب هذه القيمة فى وعى الصهاينة المعتدين جعلهم يتمادون فى تفجير المشافى، ودور العبادة، والجامعات والمدارس، وتدمير البنى التحتية والفوقية نهارًا جهارًا على المرضى والعجزة والمسنين، مجددا دعوة منظمة التعاون الإسلامى إلى العالم الحر بالمسارعة إلى وضع حدٍّ للاحتلال البغيض والظلم الغاشم الذى تتعرض له فلسطين المحتلة منذ عقود على أيدى حفنة من الصهاينة المتطرفين الذين تجردوا من كل معانى الإنسانية والرحمة والعدل، كما أنها تجدد دعوتها المنظمات والمؤسسات الدولية إلى التعاون والتضامن من أجل مواجهة التحديات التى تواجهها القيم والمبادئ فى هذا العصر، وتعزيز قيمة الأخلاق فى نفوس الناشئة، وتضمين المناهج والمقررات الدراسية القيم والمثل الخالدة، وتربية الأجيال على التمسك بها وتمثلها فى حياتهم.
مفتى القدس: الفلسطينيون قابضون على الجمر
دعا مفتى القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، إلى رفع صوت الساسة ورجال الدين والمفكرين عاليًا أمام ما يحدث من استباحة للمسجد الأقصى المبارك والأبرياء المرابطين فوق كل ذرة من تراب فلسطين الطاهر، وهم يعانون القتل والتشريد والإبادة، على مرأى ومسمع من العالم كله، معلنا أن الفلسطينيين القابضين على الجمر، يحرسون المسجد الأقصى وأرض الآباء والأجداد، والرسالات، والإسراء والمعراج، وهى الأرض التى تنطلق منها آهات الشعب الذى عانى وما زال يعانى من القتل والتشريد والتدمير، مؤكدا أن عالمنا غلبت عليه القسوة وذهبت حقوق الإنسان جراء الحيف والميل عن الأخلاق بعيدًا عن المبادئ السليمة التى تحافظ على الإنسان وكرامته.
مفتى تايلاند: مصر صاحبة فضل عظيم على العالم
أشاد. أرون بون شوم، شيخ الإسلام فى تايلاند بالدور الذى تقدمه الدولة المصرية فى دعم مسلمى العالم، مشيرا أن مصر لها فضل عظيم، ودور كبير ورائد فى العالم الإسلامى قديمًا وحديثًا فى نشر الإسلام، وعزته، وكرامته، وتسامحه، إلى بقاع الأرض، معلنا أن الجميع يعترف بما قدمته هذه الدولة لأمة الإسلام من إشعاعات النور المحمدى التى أضاءت جميع بلدان العالم، مضيفا أن الفتوى فى كثير من الأحيان واجهت صعوبات وتحديات معاصرة، مثل الفتوى فى مسألة الزواج المثلى الذى يعترف به قانونيًّا فى بعض الدول، والممارسات الجنسية، ونحو ذلك، مما أباحه القانون، مما يجعلنا ندرك أهمية الفتوى الشرعية فى توجيه حياة المسلمين وغير المسلمين إلى البناء الأخلاقى وتعزيز السلام والوئام فى المجتمع، خاصة فى ظل التطورات المتسارعة التى يشهدها العالم فى الوقت الحاضر.
مدير تحالف الحضارات بالأمم المتحدة:
العالم يواجه تحديات تهدد وجوده
فيما أوضحت نهال سعد، مدير تحالف الحضارات بالأمم المتحدة أننا نعيش فى عالم متسارع ومعقد وفوضوى، معلنة أن عالمنا يواجه تحديات وجودية تشمل صراعات وحروب وتغير مناخ وفقر وتهديدات نووية، كما توجد جميع مخاطر مرتبطة بالذكاء الاصطناعى غير المنضبط حيث يتم تجريد الحقيقة والحقائق من جميع المعانى فى عصر التزييف العميق والمعلومات المضللة، مشددة أن المجتمعات أكثر تفرقًا وانقسامًا من أى وقت مضى بسبب عدم المساواة والتمييز وخطاب الكراهية واللغة اللاإنسانية ضد الآخر، معلنة التزام تحالف الحضارات بتعزيز الحوار كأداة لمواجهة الاستقطاب والتطرف.