«فلسطين.. انتصار المظلومين على الصهيونازية» إحدى الجمل المكتوبة على اللوحة الكبيرة خلف المجندات المفرج عنهن الأربعة (كارينا أرتيف، دانيل جلبوع، نعمة ليفي، وليرى الباج) الواقفات فوق منصة كبيرة فى ميدان فلسطين وسط مدينة غزة وبجوارهن عشرات من شباب المقاومة الفلسطينية وسط حشد كبير من الفلسطينيين وأوضحت عملية تسليم المجندات الأربعة يوم السبت 15 يناير 2025 الفكر والتخطيط الفلسطينى المتطور.. عند تمحيصى وبعد تكبيرى للصورة خلف الأسيرات وما هو مدون بها وجدت جملاً أخرى ذات معنى تاريخى ورسالة واضحة للشعب الإسرائيلى وشعوب العالم منها: «الصهيونية لن تنتصر» و»الفلسطينيون منتصرون» وعبارة «طوفان الأقصي».
وهنا يجب أن نسأل أنفسنا كيف نجح الفلسطينيون فى اخفاء مئات الأسرى الإسرائيليين داخل قطاع غزة طوال 471 يوماً دون أن ينجح الجيش الإسرائيلى ومعه آلات تكنولوجية عالية من وسائل التنصت والتصوير والاستطلاع وبمعاونة كبيرة من الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا واحتلالها لكل مدن وقرى القطاع لم تنجح فى العثور عليهم.. انها هزيمة عسكرية واستراتيجية لإسرائيل كلها.. وكيف نجح الفلسطينيون فى طباعة اللوحة الكبيرة خلف المجندات والجميل ظهور عناصر شباب المقاومة حاملين أسلحة اغتنموها من الجيش الإسرائيلى أثناء معارك قطاع غزة ويستخدمها فقط نخبة الجيش الإسرائيلى وقيادته.
إن التنطيم والإخراج المتميز الذى تم خلال تسليم الأسيرات الأربع يوضح أن الفلسطينيين قادرون على تنفيذ أعمالهم بحكمة وتميز وأن تنفيذ هجوم «طوفان الأقصي» كان تخطيطاً رائعاً من الشعب الفلسطينى وسيوضح التاريخ أن هجوم الفلسطينيين يوم 7 أكتوبر 2023 على مستعمرات غلاف غزة ونجاحهم فى قتل 1200 وأسر أكثر من 300 إسرائيلى وصهيونى والاستيلاء على معدات إسرائيلية ووثائق ومعلومات استخبارية وشل القدرات الإسرائيلية الدفاعية والهجومية لمدة ثلاث ساعات والعودة إلى أراضى قطاع غزة ومعهم غنائم كان ملحمة كفاح شعب مظلوم مضطهد من الصهيونازية الهمجية البربرية.. وبالتحليل العسكرى والإستراتيجى والاجتماعى والإنسانى نجد أن هجوم «طوفان الأقصي» حقق العديد من النتائج الايجابية لصالح الشعب الفلسطينى والقضية الفلسطينية.. لأول مرة يتولى الفلسطينيون الدفاع عن أراضيهم وتحقيق مفاجآت إستراتيجية ضد الجيش والشعب الإسرائيلى ولأول مرة يتم الهجوم على الأراضى الفلسطينية المحتلة ويشعر الشعب الإسرائيلى بمرارة الحروب ولأول مرة يتم إذلال الجنود الإسرائيليين أثناء أسرهم واستسلامهم أمام المقاومة الفلسطينية.
إن «طوفان الأقصي» وما بعدها من حرب استمرت 471 يوماً أدت إلى نقل الحرب لأول مرة داخل إسرائيل وأجبرتها على التحول إلى مرحلة الدفاع وتعرضها لمئات الصواريخ والمسيرات ولولا الجسر المباشر من المساعدات الأمريكية والأسلحة والذخائر ووجود حاملات الطائرات بطواقمها وقبلها سعيهم لمدة أربعين عاماً لتطوير منظومات الدفاع الجوى والرادارات بالتعاون الوثيق مع الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا ومعاونة القوات الأمريكية المتواجدة بالقواعد العسكرية داخل بعض الدول العربية لاسقاط الصواريخ والمسيرات المهاجمة للقوات الإسرائيلية داخل إسرائيل.. أؤكد لولا كل هذه المساعدات الإستراتيجية والتكتيكية لكان لـ»طوفان الأقصي» نتائج إيجابية أقوى لصالح المقاومة العربية والفلسطينية وحدوث تدمير أكبر للقدرات الإسرائيلية.
«طوفان الأقصي» كشف هشاشة النظام الإسرائيلى وامكانية حصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة فى حالة تقوية التضامن العربى لصالح القضية الفلسطينية كما تقوم به مصر حالياً وماضياً ومستقبلاً ومواقف الرئيس عبدالفتاح السيسى والشعب المصرى التاريخية المتضامنة مع الشعب الفلسطينى والرافضة لعمليات التهجير والنزوح للشعب الفلسطينى من داخل الأراضى الفلسطينية المحتلة والذى لن ينساه التاريخ والذى سيؤدى إلى حل القضية الفلسطينية وتحقيق السلام بالمنطقة من خلال تأكيد حل الدولتين.