ليس هناك أقدس وأغلى وأعز من الحفاظ على الوطن، واستقرار الدولة فقد أجمع واستقر فقهاء الدين والوطنية على أن الحفاظ على الدولة واستقرارها يأتى فى مقدمة الأولويات والغايات وأن محاولة تهديد بقاء ووجود الدولة واستقرارها هو الخيانة العظمى بعينها، لذلك فإن فقه استقرار الدولة والحفاظ عليها لابد أن يكون عقيدة الشعوب ومنتهى الوعي، تهون أمامه التضحيات والارواح وتبذل من أجله الجهود فى بناء الدولة القوية القادرة، على حماية أمنها القومى وحدودها وأرضها ومقدراتها، وحاضرها ومستقبلها، وآمال وتطلعات وأمن واستقرار شعبها.
استقرار الدولة والحفاظ عليها غاية الأوطان، لكن ذلك لا يأتى صدفة أو اعتباطًا، بل هو نتاج جهود قادة أوفياء شرفاء أخلصوا لهذا الوطن، فما نعيشه الآن من حولنا وما يحدث من صراعات طاحنة، وحروب بالوكالة، ومؤامرات ومخططات، وحرائق تشتعل وخرائط تتغير، وواقع جديد يلقى بظلاله على الجميع ويفرض اعتبارات أخري، فى زمن أختلط فيه الحق بالباطل والحابل بالنابل، فالجماعات والميليشيات الإرهابية المأجورة، التى تجسد جيوشًا من المرتزقة لهدم الأوطان لصالح قوى أجنبية معادية، يطلق عليها الآن القوات المعارضة وصلت البجاحة إلى أن تسمى بالجيش الوطني، وما يحزن أن المتاجرين بالدين الذين يرفعون زورًا وبهتانًا رايات الدين يهتفون باسم الله وهم غارقون فى الخيانة والعمالة، ويتحركون وفقًا لأجندات خارجية أبرزها الصهيونية، ولصالح الكيان السرطانى فكل ما يجرى فى المنطقة والشرق الأوسط يكشف ويفضح تفاصيل المخطط الصهيو ــ أمريكى بما لا يدع مجالاً للشك فإذا تأملت دفتر أحوال ما يدور فى المنطقة تستطيع أن تدرك لمصلحة من، وما هى أهدافه وكيف نجا الشرفاء من هذا المصير وأنقذوا أوطانهم من المجهول، وعلينا أن نطرح على أنفسنا العديد من التساؤلا الكثيرة، فما يحدث فى فلسطين ولبنان لمصلحة من؟ وما حدث فى الأيام الأخيرة فى سوريا لمصلحة من؟ ومن أين جاءت الميليشيات الإرهابية بهذا الحجم من العتاد والأسلحة والقدرات والامكانيات، خاصة أن الجميع يتبرأ، فأمريكا تقول إنها ليست ضالعة فى الهجوم على حلب وأدلب وحماة وهى عادتها، ودائمًا تزعم أنها لا تعلم شيئًا عن جرائم ومجازر الاحتلال وأن نتنياهو لم يخبرها وتعلن للجميع أنها تحاول وقف العدوان الإسرائيلى ثم يفاجأ العالم بأن واشنطن تستخدم حق النقض «الفيتو» ضد قرار وقف العدوان على غزة والأراضى الفلسطينية والجميع يغسل يديه مما يحدث فى سوريا، لكن الواقع يدينهم، وما يجرى على الأرض نموذج صارخ لحروب الوكالة، ومن يقف وراء خلق ودعم وتحريك هذه الميليشيات الإرهابية المدججة بالسلاح ولمصلحة من تتحرك هذه الميليشيات؟ خاصة وأن إسرائيل هى الأكثر سعادة بما يحدث فبعد ساعات من وقف اطلاق النار فى لبنان والحقيقة أنه لم يتوقف فانتهاكات إسرائيل تجرى على مدار الساعة.. لكن وجدتها فرصة، خاصة أن جيش الاحتلال وصل لمرحلة عدم القدرة على الاستمرار فى ظل الفشل والاستنزاف والانهاك والارتباك والضربات المؤلمة وانخفاض حاد فى الروح المعنوية، وعزوف على القتال لذلك فإن تدمير قدرات حزب الله أهم أهدافها من خلال خلق واقع لقطع الإمدادات عن الحزب وهذا ما يخفيه هجوم الميليشيات الإرهابية على المدن السورية واحتلال والسيطرة على طرق الإمدادات وهذا يفسر سر هذه الهجمات وأهدافها، ولتصبح سوريا وأهداف اسقاطها هو غاية الكيان الصهيونى والأمريكان، ولتشكيل سوريا على هوى ومزاج وأهداف المخطط الصهيو ــ أمريكى ثم بعد ذلك البحث عن أهداف دول أخرى وربما لا قدر الله يكون العراق الشقيق، لتنفيذ مراحل أولية من «سايكس ــ بيكو» جديد وصياغة جغرافية، وتأسيس دول جديدة، بمسميات جديدة فى مخطط شيطانى هو استكمال مؤامرة الربيع العربى المزعوم فى 2011 لذلك فإن المنطقة العربية تعيش فى اتون الخطر.
كل ما يجرى ويحدث يجعلنا نتأمل ونتدبر ونتوقف إجلالاً واحترامًا أمام رؤية القائد العظيم الرئيس عبدالفتاح السيسى فى بناء الدولة الوطنية القوية القادرة ومؤسساتها العصرية، وجيشها الوطنى العظيم، وتعظيم قدراته الدفاعية، وأيضا فى ارساء قواعد السياسات الحكيمة من توازن واعتدال واتزان وصبر استراتيجى وعدم تهور أو اندفاع، فالرئيس السيسى لم يغامر يومًا بالوطن، بل عبر به كل الأمواج العاتية لذلك أتوقف عند بعض ملامح رؤية الرئيس السيسى على مدار السنوات الماضية فى مجموعة من النقاط كالتالي:ـ
أولاً: إعادة هيبة الدولة، والقضاء على الفوضى والإرهاب، وبناء دولة القانون والمؤسسات وتعظيم القدرات والاستثمار فى بناء الدولة الوطنية، وعدم السماح بوجود كيانات أو جماعات أو ميليشيات خارج القانون أو موازية للدولة، فالجيش والشرطة هما فقط من يحملون السلاح، ولا مجال لرفع السلاح فى وجه سلطات الدولة، ويتعامل بأقصى أنواع الحسم والحزم وأن الغلبة والحكم لدولة القانون والعدالة.
ثانيًا: خاض الرئيس السيسى معركتين فاصلتين فى تاريخ الأمة المصرية، هما معركتا البقاء والبناء، طهر الوطن من كل أذناب وجماعات الإرهاب وأرباب الفوضي، وأصحاب توكيلاتها، ثم خاض ومازال معركة أخرى وهى معركة البناء فى مسيرة بناء قدرات الدولة الشاملة وحرت فى مصر على مدار أكثر من 10 سنوات ملحمة عظيمة فى الإصلاح والبناء والتنمية ووضع مصر فى حاضرها ومستقبلها فى مكانة اقتصادية تتجاوز الأفكار التقليدية القديمة إلى البحث عن الأفكار والرؤى الخلاقة والاستغلال الأمثل للموارد المصرية، والاستثمار فى موقع مصر الجغرافى الفريد، وتهيئة المناخ والبيئة المناسبة لتحويل مصر إلى قبلة لجذب الاستثمارات الكبري.
ثالثًا: الاستثمار فى بناء مؤسسات الدولة الوطنية وتطوير وتحديث الحيش المصرى العظيم وتزويده بأحدث منظومات التسلح فى العالم، وتفعيل حقيقى لاستراتيجية تنويع مصادر السلاح، فى كافة التخصصات والأفرع الرئيسية.
رؤية استباقية استشرفت المستقبل وأدركت حجم التحديات والتهديدات المستجدة والقادمة التى تواجه الأمن القومى المصرى وامتداداته وأيضا مقدرات هذا الوطن الوجودية، وفى هذه اللحظات الفارقة التى تمر بها المنطقة أدرك الجميع وأيقن قيمة الاستثمار فى بناء القوة والقدرة وامتلاك الردع وتطبيقًا للمقولة من يملك جيشًا وطنيًا شريفًا يملك أمنًا واستقرارًا بل يملك وجودًا وخلودًا وما أعظم الجيش المصري.