نعيش وسط العديد من الفخاخ المنصوبة من حولنا ونتعايش معها في سلام واستسلام ، كمن يسير في طريق ويعلم أنه ملغوم ، فيتحرك بحرص شديد مخافة انفجار احد هذه الالغام ، لم يحاول أي منا محاولة جادة للتأكد من حقيقة وجود هذه الألغام ، ولم يسأل احدنا نفسه هل حقا توجد في طريقنا ألغام، ونحن نسير في طريق الحياة الصعب نجد العديد من المطبات والعقبات التي نخشى الاقتراب منها ، لم يشغل أحدنا نفسه في التفكير العميق حول صحة وجود هذه العقبات أم أنها مجرد تصورات وأوهام وانطباعات ليس لها ما يدعمها اثباتا أو نفيا ، لاحظت مؤخراً وبعد لحظات تأمل ان هناك كثيراً من تلك الانطباعات الراسخة خطأ ولا وجود حقيقياً لأصل الحكاية بل هي فقط انطباعات معظمها سلبية ، انها بالونات هوائية مسمومة وفقاعات لا قيمة لها فدون إبطاء علينا جميعا الخروج من تلك القواقع المسمومة والتي تغتال ارادتنا خطوة خطوة .. فهناك انطباعات سلبية عديدة نحملها بداخلنا معظمها متوارثة بحكم الكلاسيكيات المجتمعية ، هذه الانطباعات تمثل قيودا غير حكيمة على العقل تمنعه من التفكير وتكون سببا مباشرا في تكبيل ارادة الانسان وجعله أسيرا لانطباعاته الوهمية ، فمن الممكن أن تكون لديك القدرة على القيام بعمل ما لكنك لا تعرف أنك قادر على ذلك فلا تقدم عليه وتشعر بأنك ستفشل مع كل تجربة جديدة ، ومن الممكن أن تكون لديك قوة هائلة تستطيع أن تصارع بها وتنافس وتنتصر على أعدائك ، لكنك لا تعرف أن لديك القوة فتخشى المواجهة وتستمر مختبئا خلف انطباعاتك السلبية ، فهناك من يظن أنه لا يتمتع بالذكاء أو المهارة الكافية لتحقيق انجاز ما على الرغم من انه لو أخرج عقله وإرادته من زنزانة الانطباعات السلبية الموجودة في ” سجن الوهم ” لاستطاع أن يحلق في سماوات النجاح والتألق بمنتهى السهولة ، أتذكر قصة الفيل نيلسون وأراها نموذجا لفكرة سيطرة الانطباعات السلبية على عقولنا جميعا ، فعندما قام الصياد بتقييد الفيل الصغير بسلاسل حديدية ضخمة حاول الفيل مرارا تكسير قيوده دون جدوي بل أصاب اقدامه بجروح عديدة من عنف تلك المحاولات اليومية ، ومع تكرار الفشل ونزف الجروح المستمر يأس الفيل تماما واستسلم في هدوء ولم يعد يحاول مجددا ، وبدأ الفيل يكبر وقوته تتضاعف لكن الصياد رأى أن الفيل لم يعاود المحاولة على الاطلاق وكأنه بات مستمتعا بتلك القيود ، فقام الصياد باستبدال القيود الحديدية بأخرى خشبية ضعيفة وراقب ردود أفعال الفيل واكتشف حتى أنه قد نسي قيوده وتعايش راضيا مع الوضع ، اندهش ابن الصياد من سلوك الفيل وسأل والده ، لماذا لم يحاول الفيل كسر قيوده الخشبية الضعيفة وهو القوي الضخم المخيف ، فرد الصياد ردا يمثل لب الفكرة حينما قال لابنه ” انا وأنت يا بني نعرف قوة الفيل وضعف قيوده الخشبيه لكن الفيل نفسه لا يعرف ذلك حتى الآن ، لا يعرف أن قوته تضاعفت مع الزمن وبأن القيد صار ضعيفا مع تبديله .. يا ولدي إن القيود التي تربط الفيل ليست القيود الحديدية او الخشبية وانما قيود الانطباعات السلبية التي كبلت عقله وارادته ” بيد أننا جميعا لدينا حزمة من الانطباعات السلبية تظهر أمامنا كما القيود الحديدية لكنها في الواقع أوهن من خيوط العنكبوت .