تابعت بطولة يورو التى فازت بها إسبانيا، وتأملت كثيراً فى تفاصيل المنتخب الإسبانى وبكل الاجراءات والخطوات التى اتخذتها المنظمة المسئولة عن هذا المنتخب على مدار السنوات الماضية، وبكل شغف وقفت طويلاً أمام قصة نجاح اللاعب الفذ «لامين جمال» معجزة منتخب اسبانيا، وبكل الأرقام القياسية التى حققها وهو مازال لم يتخط الـ «18 عاماً.. الشاب والموهوب الذى عانى الأمرين، جعلنى أجرى مقارنة بين ما يتم فى أوروبا من الإيمان بالموهبة ودفعها بكل قوة نحو طريق النجاح والتفوق وتسهيل كل الاجواء الممكنة فى سبيل صقل المواهب وترسيخ مبدأ الثقة بالنفس والعمل على تقديمها بصورة أفضل للاستفاده منها، وبين ما يتم هنا داخل المنظومة الرياضية داخل الأندية من إهمال المواهب وتصدير حالات الإحباط وتهيئة كل الظروف اللازمة للقضاء على المواهب الفذة، من ملاعب غير صالحة أو مدرب غير مؤهل أو مسابقة غير مجدية أو حتى أهداف ليست واضحة.. فكيفية إدارة ملف صقل المواهب فى مصر ليست واضحةً، وكل عام تتكبد الأندية ملايين الجنيهات ونسمع عن مشاريع فذة ومتطورة لانتقاء المواهب.. وفى الواقع المحصلة «صفر».. لا أحد من المواهب يحصل على فرصته كاملة، ولا يوجد من يؤمن بالمواهب الشابة أو يدفعها كما نرى فى أوروبا.. نحن لسنا بعيداً عن كل التطور فى أوروبا، ونمتلك ايضا مواهب وقدرات بشرية هائلة.. ولكننا نفتقد الخطط المستقبلية، والكل يعمل من أجل تحقيق ذاته الشخصى بالخطط العاجلة والوهمية حتى لو كلفت أموالاً طائلة دون فائدة.
قصة لامين جمال وغيرها من القصص الخيالية التى نراها دوماً فى القارة العجوزة، لابد أن نضعها نصب أعيننا وتصل إلى كل القائمين عن الرياضية فى كل أنديتنا، حتى تتغير الأفكار والعقلية تجاه هذا الملف، وتصبح الأولوية لصقل المواهب الشابة وتشجيعها نفسياً واجتماعياً ومعنوياً، للتألق ودخول عالم المجد، وليس لاستهلاكها والضغط عليها فى مسابقات الناشئين للبحث عن بطولات مزيفة لا تسمن من جوع.. الكل لابد أن يكون أمام مسئولياته، لأننا بكل أمانة وبسبب سياسات الأندية نفقد مئات المواهب ولا يوجد إلا القليل من الأندية التى تخرج لاعبين نراها حتى كمالة عدد فى الدورى الممتاز.
ليس كثيراً على الأندية المصرية أن تخرج على الأقل كل عام موهبة نصدرها إلى أوروبا.. معقولة بلد ملايين الشباب لا يوجد بها أى مواهب؟!.. هل طبيعى أن نظل نسمع ونقرأ استراتيجيات عن مشاريع وأكاديميات متخصصة فى صناعة المواهب وتصدرها للخارج ونصطدم بالواقع المؤسف؟!.. إن كل هذا الكلام، حبر على ورق.
هناك جهد جيد من الدولة لدعم الموهوبين من خلال مشروعات مثل كابيتينو أو برامج وزارة الشباب لكن يحتاج أيضاً إلزام الأندية بخطط مستقبلية وفتح كل الآفاق نحو تغيير العقلية لأن بهذا الوضع سنظل نعانى كثيراً وتتجرد الكرة المصرية من مواهبها.. فالبداية تحتاج إلى شجاعة فى رصد المشاكل وفتح الملفات الشائكة أمام تجار المهنة.