الرسوم الجمركية الجديدة التى فرضها الرئيس الامريكى دونالد ترامب على البضائع والسلع الواردة للسوق الأمريكية من 180 دولة، احدثت حالة من الارتباك فى الاقتصاد العالمي، واشعلت حربا تجارية عالمية، ووضعت اقتصاد كل دولة امام تحديات جديدة اختلفت حدتها وفقا لنسبة الرسوم التى فرضها ترامب على بضائعها.
فى مصر، زادت الرسوم الجمركية على البضائع المصرية المصدرة للسوق الامريكية بنسبة 10 ٪، مقابل نسب متصاعدة بلغت احيانا 104 ٪ فى حالة الصين .
التحديات التى يواجهها الاقتصاد المصرى فى ظل هذه الحرب التجارية، ناقشتها الندوة التى عقدها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية بعنوان: «ما التأثير المتوقع على مصر للجمارك الجديدة التى فرضها ترامب؟»، بحضور نخبة من الخبراء ومجتمع الأعمال وممثلى الحكومة، وذلك لمناقشة التأثيرات المتوقعة لفرض رسوم جمركية على الواردات الأمريكية على الاقتصاد المصري.
د. عبلة عبداللطيف المدير التنفيذى ومدير البحوث بالمركز أشارت إلى ضرر متوقع للاقتصاد العالمى ككل بسبب هذه الرسوم بما فى ذلك الولايات المتحدة نفسها، لافتة إلى تأثر الصين، لكن تأثير محدود نسبيًا (صادراتها لأمريكا أقل من 14 ٪ من إجمالى صادراتها)، وتأثر أكبر للاقتصادات الصغيرة المعتمدة بشدة على السوق الأمريكية (مثل المكسيك وكندا).
وأشارت عبد اللطيف إلى أنه بالنسبة للتأثير المباشر للتعريفات، فستؤدى التعريفة الجديدة (10 ٪) إلى تآكل القدرة التنافسية لصادرات الملابس الجاهزة المصرية (القطاع الأهم)، كما أنها قد تجعل استغلال الإمكانات التصديرية فى القطاعات الأخرى أكثر صعوبة.
وشددت عبد اللطيف على أن حصة مصر الضئيلة فى السوق الأمريكية حتى مع التعريفات الصفرية السابقة تؤكد أن التحدى الأكبر هو التنافسية الداخلية وليس فقط التعريفات الخارجية، وقد تخلق التعريفات فرصًا لمصر إذا تضررت دول أخرى أكثر، لكن اغتنام هذه الفرص يتطلب استعدادًا داخليًا لتحسين شروط الاستثمار واللوجستيات .
وقالت: ضرورة إصلاح منظومة دعم الصادرات حيث إن تقليل تأخير الصرف من 14.7 شهرًا (المتوسط حاليا) إلى 15 يومًا يرفع الصادرات بنسبة 3-6 ٪.، وهو ما يتطلب ميكنة عمليات الصرف لتتم خلال 15 يوما والقضاء على تأخير صرف المستحقات.
واستعرض محمد قاسم رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية العالمية للتجارة، ورئيس جمعية المصدرين المصريين، التحديات التى تواجه الدول النامية مثل مصر فى ظل هذه التحولات، وأشار إلى أن هناك خلطًا فى النظر إلى العجز فى الميزان التجارى فقط، دون الأخذ فى الاعتبار الجوانب الأخرى مثل ميزان المدفوعات والخدمات. وأوضح أن مصر كانت تحقق فائضًا فى ميزان المدفوعات فى فترات معينة عندما كانت الخدمات تلعب دورًا مهمًا فى تعويض العجز التجاري.
وتحدث قاسم عن التغيرات التى يشهدها النظام التجارى الدولي، مؤكدًا أن ما نراه اليوم هو انهيار للنظام العالمى كما عرفناه خلال السبعين عامًا الماضية، مشيرًا إلى أن ما فعله ترامب فى يوم التحرير يمثل «القشة التى قصمت ظهر البعير» فى النظام التجارى العالمي. وقال: «ما يحدث على السطح قد يبدو ضوضاء، لكن القوى الرئيسية التى تعمل تحت السطح هى التى ستستمر فى التأثير على الاقتصاد العالمي.»
وشدد قاسم على أن الفرص التى تتيحها هذه التحولات، مثل إعادة هيكلة سلاسل الإنتاج العالمية، يجب أن يتم استغلالها من قبل مصر.
يحيى الواثق بالله الوزير المفوض رئيس جهاز التمثيل التجاري.. قال فى مداخلته عبر تطبيق زووم، إن الرسوم الجمركية التى فرضها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على عدد من المنتجات الأجنبية ستكون لها تأثيرات مباشرة على صادرات مصر إلى السوق الأمريكية، ولكن فى الوقت نفسه، قد تفتح هذه التغيرات فرصًا جديدة لدول مثل مصر فى استقطاب الاستثمارات من دول أخري.
وشدد على أن الحكومة المصرية والقطاع الخاص يجب أن يتحركا بسرعة لاستغلال هذه الفرص، والعمل على تحسين البيئة الاستثمارية وتعزيز قدرات الإنتاج لتلبية الطلب المتزايد على المنتجات المصرية، قائلا: «هذه فرصة تاريخية لمصر، ونحن حاليًا بصدد التفاوض مع وفود صينية لترتيب استثمارات جديدة فى مصر خلال الشهرين الحالى والمقبل وندرس حاليا الإجراءات السريعة لزيادة استثمارات الجانب الصينى والتركى والأوروبى حيث إن هناك طلبا كبيرا للاستثمار بمصر».
قال طارق توفيق نائب رئيس اتحاد الصناعات المصرية ورئيس غرفة التجارة الأمريكية، أن السياسات الاقتصادية التى يتبعها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تتسم بـ»عدم الوضوح» و»الضبابية»، معتبراً أن ما يتم تنفيذه ليس مجرد خطوات عشوائية، بل هو «برنامج ممنهج». وأضاف أن العالم يواجه حالة من التوتر الجيوسياسى والاقتصادى فى ظل إجراءات ترامب الحمائية.
وأشار توفيق إلى أهمية تعزيز دور القطاع الخاص فى الاقتصاد المصري، موضحًا أن القطاع الخاص يجب أن يتحمل جزءًا أكبر من عبء الدين الخارجي، بدلاً من أن يكون العبء كاملاً على الدولة.
وأكد عمر مهنا رئيس مجلس إدارة المركز المصرى للدراسات الاقتصادية أن الأزمات العالمية، رغم تحدياتها، يمكن أن تخلق فرصًا جديدة للاقتصاد المصرى إذا تم التعامل معها بحكمة وسرعة.
واوضح أن خروج الأموال الساخنة من مصر قد يكون له تأثير إيجابى على الاقتصاد، حيث يعطى البلاد الفرصة لإعادة التفكير فى استراتيجياتها المالية.
وأشار مهنا إلى أن القطاع الخاص يعانى حاليًا من صعوبة الوصول إلى الائتمان، وهو ما قد يمثل فرصة لتحسين السياسات البنكية وتشجيع القطاع الخاص على النمو.