ليست صدفة أن يختار معرض الشارقة الدولى للكتاب فى دورته رقم 43 والتى يسدل الستار عنها اليوم أن تكون مفاجأة الختام حضور فخر العرب أيقونة كرة القدم المصرية والعربية والعالمية النجم محمد صلاح، أعرف أن هناك من سيسأل وما علاقة محمد صلاح بمعرض للكتاب؟ سؤال يبدو مهما ولكن لو تأملت للحظات وأعدت السؤال بطريقة أخري، كأن تقول لماذا فكر منظمو معرض الشارقة فى هذه المفاجأة وماذا سيجنون من ورائها؟ ربما تجد الإجابة واضحة، وضوح الشمس، فأى فعالية جماهيرية فى الدنيا بغض النظر عن نوعها ثقافية أو فنية أو رياضية يكون هدفها استقطاب الجماهير، وليس خافيا أن كرة القدم فى مجتمعاتنا الشرقية باتت قوة ناعمة تستقطب قطاعات عريضة من الجماهير خاصة الشباب، ولو أنك دعمت فعالية ثقافية كبرى لها إسمها كمعرض الشارقة للكتاب بوسيلة جذب عالمية كمحمد صلاح سيأتى الجمهور للمعرض، وطالما جاء الأخير للمعرض فقد حققت هدفك حتى ولو كان القادم إليك أولوياته كرة القدم، فهذا بالطبع لم يمنعه من التجول فى المعرض ومطالعة العناوين وقد يشارك فى الفعاليات التى من ضمنها استضافة محمد صلاح.
أكتب مقالى هذا وأنا فى الشارقة لحضور المعرض، ولا أبالغ لو قلت لكم أنه بمجرد الإعلان عن مفاجأة الختام بحضور محمد صلاح، كان هذا هو العنوان الأبرز فى كل قاعات العرض ولدى دور النشر وفى الفعاليات المختلفة المصاحبة، قال لى السيد أحمد العامرى الرئيس التنفيذى لمعرض الشارقة الدولى للكتاب أنه بعد ساعتين فقط من الإعلان عن الخبر حقق تفاعلا فاق الأربعة ملايين متفاعل على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، وفى السياق نفسه وبينما سأقتنى قدماى إلى جناح إحدى دور النشر الهندية بالمعرض، التقطت أذناى كلمتين فقط من حوار يبدو أنه مهم بين شخصين من العارضين فى هذه الدار، هما «مو سلاااا»، فهمت أنهم يتحدثون عن محمد صلاح .
سائق التاكسى الذى نقلنى من المعرض إلى دبى كان بنغاليا ولكنه يجيد العربية قليلا، لا أعرف كيف التقط أننى مصريا، المهم بمجرد تحركه نظر فى المرأة كأنه يحدثنى وقال محمد صلاح قادم إلى المعرض، قالت له هل تعرفه، قال نعم إنه ملك كرة القدم، هنا، أظن أن إجابة السؤال لماذا محمد صلاح فى معرض كتاب قد وضحت، ووضح معها لماذا أيضا معرض الشارقة الدولى للكتاب يحتفظ بمكانته ليس عربيا فقط ولكن عالميا على مستوى حقوق نشر وبيع الكتب وعلى مستوى عدد الزوار بالملايين من البشر من شتى الأعمار والفئات.
فى تصورى أن ذكاء منظمى هذا المعرض يكمن دائما فى أنهم يجيدون التعامل مع أدوات العصر والتى بها يستقطبون الكل للكتاب وساحته، فإذا كنت لا ترغب فى القراءة ستأتى لترى شيئا آخر وفى الأخير ستلتقى بالكتاب، لذلك نجد فى كل معرض نجوم عالميين فى السينما والموسيقى والإعلام والمؤثرين فى وسائل التواصل الاجتماعى وأبرز الطهاة حول العالم والفائزين بجوائز نوبل والبوكر وأوسكار وكل هؤلاء فى ضيافة الكتاب، هذا غير أنهم يختارون بدقة ضيوفهم سواء من الكتاب أو من النجوم فى المجالات الأخرى فمثلا كرِّم المعرض فى دورته الـ43 الكاتبة والروائية الجزائرية أحلام مستغانمى بلقب «شخصية العام الثقافية» وكم لأحلام من محبين على مستوى العالم العربي.
جدير بنا أيضا أن نشير إلى أن المشروع الثقافى الكبير لإمارة الشارقة منذ اكثر من نصف قرن، والذى يعد الكتاب ركن مهم فيه يسير متقدما بخطى ثابتة تحت رعاية وإشرف شخصى من حاكم الشارقة الشيخ الحكيم الدكتور سلطان بن محمد القاسمى عضو المجلس الأعلى لاتحاد الإمارات العربية المتحدة، الرجل الذى اعتبر الكتاب أحد أركان تأسيس أى منزل بالشارقة مثله مثل قطع الأساس الرئيسية ،لذلك تجد الشقق السكنية فى الشارقة تُسلم لأصحابها وفيها مكتبة صغيرة وعلى ساكنها أن ينميها مستقبلا لأجل كل هذا لم تكن مفاجأة أن يكون محمد صلاح فخر العرب الشاب المصرى المكافح نجم الختام فى معرض الشارقة الدولى للكتاب.